احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

ديك العجم


يقولون إن ديكة العجم لديها سر عظيم ، وهي لا تبوح به الا لمن كانت عيونه ظليلة .
كحلت زينب العيّارة عينيها ولبست أزهى مالديها من ثياب ، ثم وضعت عباءتها على رأسها وشمرت ساعدها المليء بغوايش الذهب وراحت تتمايل وسط السوق .
لم تأبه لصياح الباعة ، ولا لغزل الفتيان ، ولا لغيرة النسوان ، مرت من جانب دكان الطيور .
قفز بائع الطيور ، عدّل چراويته وصفع خده وقال .
- لدي كل ما تريد وترغب به ست الحسن والجمال .
قالت وهي تعلك - ماذا لديك يا أجرب ؟
- لدي طواويس وقطوات ورخاخ و ديكة ودجاجات .
تجمعت الطيور وزاحمت بعضها بالكتوف والأجنحة والمناقير ، تحدق بعيونها الظليلة .
أشارت للطواويس ، أفردت الطواويس ذيولها وراحت تتبختر قدامها ، تبسمت للقطوات ، فنقرت القطوات بعضها البعض الآخر ، ضحكت للرخاخ ، فزعقت الرخاخ بصوت كالصرير ، غمزت للديكة فهب شيخهم المهيب وتعلق بقضبان القفص ورد غمزتها بأحسن منها .
إشترت الديك ورجعت للبيت وهو يلاحقها كرجلها ، ينقر كل من ينظر لها ويتعارك مع من يعاكسها ويصفع من يزاحمها حتى أوصلها للبيت .
قفز على سياج الدار وأطلق ثلاث صيحات ، فهمد المكان وساد السكون .
تعجبت زينب العيّارة من حزمه وقوة شكيمته ، فصاحت به .
- تعال يا أبا المنذر وإعمل لنا عشاء ؟
قام الديك وذبح نفسه وقفز بالقدر ، أضاف الماء والملح والبهارات ، ثم جلس يقلب نفسه ذات اليمين وذات الشمال ، حتى نضج ، ثم جهز المائدة وقال .
- كلي يا نور عيني ومهجة قلبي ؟
أكلت زينب اللحم ومصمصت العظام حتى شبعت ، فتجمع الديك بقدرة القادر القدير وعاد كما هو ، زاهي الألوان متعجرف الخلق .
قالت زينب - إعمل لنا شاياً يا أبا المنذر ؟
ركض الديك وجاء بالشاي الفاخر وجلس قبالتها يحدق بعيونها الظليلة .
تأوهت وتمطت وتثاءبت ، فقام الديك وأخذ يمرغ كتفيها ويفلي شعرها حتى أخذتها إغفاءة طويلة ، ولم تفق الا عند مطلع الفجر ، حيث وجدته نائماً بالقرب منها .
قالت - إنهض يا أبا النذر وإعمل لنا فطوراً ؟
قام الديك وذبح نفسه وجلس بالطاوة يتقلب ذات اليمين وذات الشمال حتى إحمر ونضج .
جاءت فاطمة المحتالة أم زينب العرّة ، وحينما رأت الديك يطبخ وينفخ ويتعارك مع الجيران ، يضرب هذا ويفشخ ذاك ، تعجبت منه ورغبت به زوجاً لأبنتها الصايعة .
قالت له - ديك مثلك يساوي مئة دّيوث ، وأنا أريد تزويجك زينب .
قفز الديك على مئذنة الجامع وصاح .
- يا ديكة الديوك ، أبا المنذر سيتزوج الليلة .
جاءت الديكة من كل أصقاع الأرض ، منهم الأحمر ومنهم الأصفر والأدعم والأبيض وكلهم من العجم ، حتى غصت المدينة بهم وضجت من صراخهم وعراكهم .
فر ناس المدينة منها وهاموا على وجوههم في البراري وعلى قمم الجبال .
جاء أبو المنذر لخطيبته وقال .
- قومي يا نور عيني وإكتحلي ؟
قامت زينب وظللت عينيها بالأثمد فأصبحت عيناها بوسع طنجرتا الطبخ .
أمسك أبو المنذر بيدها وصعدا على السطح حيث تتجمع ديكة العجم تنتظر نظرة من العروس .
أطلت عليهم زينب العيّارة ، نظرت لحشد الديكة المهول وغمزت لهم .
جن جنون الديكة من غمزتها الساحرة وعينيها الظليلتين فذبحوا بعضهم البعض الآخر وأقاموا وليمة كبيرة ودائمة ، لا اللحم ينتهي ولا العظام يصيبها التلف .
وأنت حينما تمر بقفص الديكة ، إياك أن تسمح لرفيقتك بالغمز لأحدهم ، فمن يدري قد يكون ديك عجم !

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق