احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

م و

بالطبع جميعكم سمعتم ب (غينس) صاحب موسوعة الأرقام القياسية، أكبر طبق فول، أوسع سلطانية ثريد، أرحب ناموسية وأشياء من هذا القبيل، إنه جاري في أمريكا الشمالية، بيت مقابل بيت ونافذة مقابل نافذة، لكن لم يحدث أن رأيته أولاً، فهو دائما من يراني ويلقي علي التحية، يرفع قبعته الطويلة ويقول بصوت جهوري.
- صباح الخير أيها الجار الطيب؟
أتلفت من حولي أبحث عن الصوت ثم أقهقه عالياً حينما أراه وهو يقف بقامته القصيرة التي تشبه قامة مدرب أرانب فأحييه بالمثل وأعطيه بعض النصائح حول موسوعته وما يجب عليه أضافته لها من غرائب ولطائف بلدي العراق.
إقترحت عليه بعض من أكلاتنا الشعبية كالمسموطة والطرشانة والباجة وغيرها، لكنه كان ينصت لي بإهتمام ويهز رأسه الصغير، فلا أعرف إن كان يأخذني على محمل الجد أم انه يهزأ بي.
تنحنح غينس وغمغم:- أطول، أوسع، أكبر!
ثم وضع يديه خلف ظهره وإستدار ودلف الى منزله الضخم الذي يكبر منزلي بمئة وثلاثين مرة.
ولكوني شديد الولع بسمعة بلدي وأريد له أن يدخل في الموسوعة بأي ثمن، فقد فكرت بالأمر طويلاً ولأيام عدة حتى هداني عقلي لحيلة.
ففي واحدة من الجزر الألف التي لا تبعد عن منزلي كثيراً "بضع مئات الأميال" هناك جزيرة يكثر بها بالبط العراقي، يأتي من هور (أم عنيج) ليتفسح في الجزيرة الأمريكية، فعقدت العزم على إصطياد أكبر تلك البطات وأسمنها من أجل أن يقتنع مستر غينس ويدخلها في الموسوعة فأنام مرتاح البال.
جهزت نفسي جيداً للرحلة، بندقية وحبال وطعام وشراب وأخذت معي كلبي الوفي فوكسي ومستلزمات أخرى ويممت وجهي شطر جزيرة البطات وفوكسي يهز ذيله بمرح وحبور متلهفاً للمغامرة، أبحر بنا القارب وسط ريح شمالية طيبة خالية من المنغصات، فمررنا بجزر عديدة وكانت كل منها مخصصة لنوع واحد من البط، جزيرة للبط الفرنسي وأخرى للانكليزي والأسترالي وهكذا.
وكنت أتعرف على نوعية البط من الوانه وطريقة تصرفه، فكما تعرفون البط متشابه، مثلاً البطة الانكليزية بيضاء وعيونها زرق ومؤخرتها باردة، والأمريكية شبعانة وسمينة ومتغطرسة، والصينية متواضعة ورخيصة وكثيرة، حتى شارفت على جزيرة جرداء تغص بالبط الأملح الكثير اللغط والصياح والتهريج فعرفت أني وصلت المكان الذي أريد وأبغي.
ربطت القارب على شجرة يابسة وتركت وسطه فوكسي وزحفت على بطني أبحث عن البطة المنشودة، حتى صعدت على رابية تجثم فوقها بطة لا يكذبني الله، حجمها بحجم الفيل أو أكبر قليلاً، فصنعت إنشوطة قوية من الحبال تشبه اللجام، ربطت به منقارها الضخم وقفزت على ظهرها وزعقت باللهجة العراقية التي تفهمها جيداً.
:- هيا بنا يا حلوتي سنذهب برحلة؟
البطة فهمت قصدي، لكنها لم تستطع الطيران لكونها سمينة جداً، حاولت مراراً وتكراراً ففشلت، جلست على ظهرها أفكر وأمسح العرق عن جبهتي بفوطة حمراء.
بعض من ذكور البط كالثيران في تصرفها، حالما ترى اللون الأحمر تهتاج وتأخذ بالزعيق ثم تهجم ويبدو أن منديلي اللامع أثار حفيظتها، فتجمعت علي بالمئات ومن كل الجهات ثم هجمت وهي تفتح مناقيرها، ونتيجة الإندفاع والقوة والتدافع إنغرزت مناقيرها بلحم البطة السمينة وبقيت ملتصقة هناك، شعرت البطة بالألم فقفزت الى أعلى وأعلى، ثم فتحت جناحيها وطارت والبطات الأخرى معلقة بلحمها.
طارت بي البطة وحلقت بالسماء، وكنت أوجهها حيثما أشاء حتى وصلنا الى بيت غينس ونزلنا في حديقته، فتجمع علينا خلق كثير وخرج غينيس بنفسه مع خدمه وأخذوا مقاساتها وهم متعجبين منها ومن البطات العالقة بها، فطبخت لهم عشاءاً عراقياً من لحم البط العراقي.
هز غينيس رأسه وقال:- نعم، إنها أكبر بطة في العالم وسندخلها في الموسوعة.
ومن لم يصدقني منكم، ليذهب بنفسه وعلى حسابي الى المتحف لمعاينتها.
أما عن كلبي فوكسي الذي لم أنسه طبعاً، فالملعون رغم عشرتنا الطويلة وصداقتنا فضل البقاء بالجزيرة مع البطات وتزوج واحدة منها وأنجب الكثير من البطات الجروية التي تسافر بين أمريكا والعراق وكل ما أخشاه أن تقع بشباك الصيادين العراقيين فيحزن فوكسي!


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق