احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

الاسكا


قد يسألني أحد: ما هو الشيء الغريب في تلك البلاد العجيبة؟
الأشياء الغريبة في عالمنا هذا لاتعد ولاتحصى، لكنني رأيت إعجوبتان أو ثلاث أثناء عملي في ألاسكا كصياد سمك، ففي تلك الولاية البعيدة والمتجمدة والقليلة السكان، يزداد الطلب فيها على الأيدي العاملة ويزداد الدفع بحيث يدفعون مقابل ساعة العمل الواحدة خمسون دولاراً أو أكثر، فحزمت أمتعتي وطرت الى ألاسكا بصحبة كلبي الوفي فوكسي.
وبعد رحلة شاقة وطويلة بالطائرات والباصات والزلاجات التي تجرها الكلاب وصلت الى الميناء، وكان الجود بارداً مثلجاً ومظلماً رغم أن الوقت هو منتصف الظهر، فأنتحيت جانباً خلف جدار لأدخن وقد مر علي وقت طويل دون تذوق طعم النيكوتين الذي أعشقه، أخرجت الولاعة ونفضتها ثم أشعلتها وقربتها من سيجارتي، لكن السيجارة لم تشتعل ولم يخرج منها دخان.
رآني صياد سمك فقهقه بصوت عال وقال.
- في الاسكا النار باردة يا صاحبي.
عجبت لقوله هذا أشد العجب فقلت.
- وما العمل يا صاحبي؟
أجاب - في السنوات الماضية كانت الشمس تشرق في بعض الشهور فتدفأ هذه الأرض وتذيب الثلوج، أما هذه السنة فلم نر وجهها أبداً لهذا أصبحت النار باردة لاتشعل قشة.
أعدت السيجارة لجيبي وتنهدت بحسرة وقلت.
- وما الذي يمنع الشمس من الشروق؟
رد - بسبب الثلج المتراكم على وجهها.
إن مدخناً مثلي لا يطربه شيء في العالم سوى رؤية الدخان يخرج من فمه وأنفه وأذنيه، لن تطربه الدولارات الكثيرة ولن تسليه العلكة ولاحب الشمسي الذي كنت أحتفظ بشيء منه في جيب معطفي الثقيل. فقررت الذهاب الى عمدة المدينة مستر فاير الذي يقع مكتبه في شارع مظلم بالقرب من الكنيسة.
الناس هنا متواضعون جداً "ليسوا مثلنا"بحيث يمكنك الدخول الى مكتب السيناتور وتوبيخه على نوعية الخيار في السوق دون أن يغضب ويأمر بوضعه بمؤخرتك.
دخلت عليه وأنا أسلس حب الشمسي وأرمي القشور على سجاجيده الثمينة.
قلت له :- مستر.. أنا مواطن محب للتدخين.
تنحنح العمدة وأجاب:- أنا أيضاً مدخن، ما المشكلة؟
أخرجت سيجارة ووضعتها بفمي وقدحت الولاعة التي خرجت منها نار باردة لم تشعلها.
قهقه العمدة وقال:- لاتبتئس يا صديقي الأمر لن يطول كثيراً فنحن نعمل جاهدين على مساعدة الشمس وإزالة الثلوج عن وجهها.
ثم باغتني بسؤال غريب:- هل لديك دب؟
:- كلا، لدي كلبي فوكسي.
أخرجت فوكسي من جيب معطفي وأريته إياه.
قال:- لاينفع هذا البومرينيان المرح، تحتاج الى دب قوي.
:- لماذا دب؟ قلت متعجباً.
:- سنعمل على جر جبال الجليد التي تحجب الشمس، نحتاج الى دببة كثيرة وقوية؟
هكذا هم مواطنو تلك الولاية المثلجة، يملكون حس دعابة وروح نكتة.
قلت مناكفاً:- فوكسي رغم صغر حجمه يستطيع جر جبل.
نظر لي باشفاق وقال :- إتبعني لنساعد الرجال؟
ركبنا في زلاجته وتوجهنا ناحية جبل ثلج عظيم يقف عند سفحه مئات العمال مع دببهم، وكانوا يحاولون زحزحت الجبل من مكانه، لكنه لم يتحرك قيد أنملة.
صرخوا بعصبية حالما رأوا العمدة:- الدببة، أين الدببة.. نحتاج للمزيد منها؟
هز العمدة رأسه بأسى وأمسك بواحد من الحبال المربوطة بالجبل وأخذ يجر مع العمال والدببة.
قال:- تعال وساعدنا، لا تقف هكذا؟
أخرجت فوكسي ووضعته على الأرض وهرعت ناحية واحد من الحبال وأخذت أجر.
فوكسي الملعون حينما رأى العرق البارد يتفصد من على جبيني أخذته النخوة، فقفز خلفي وأمسك بذيل معطفي وأخذ يجرني، فتحرك الجبل.
صرخ العمال من الفرح:- برافو فوكسي.. برافو!
سحبنا الجبل عدة أميال فأطلت الشمس ثانية، مرحة وجميلة ودافئة للحد الذي مكنني من تدخين علبة كاملة!


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق

fathi
06:35م | 04 كانون الثاني، 2016
هههههههه اسلوب رائع برافو لك ابن جلدتي من الرائع وجود كتاباتك بين الكم المهول من مواضيع تدعو الى احباط كل من يفكر في الخروج من دائرة الفقر والمغامرة في ارض الاسكا شكرا على دفعة المعنويات