احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

ارض الخمر والعسل


يسمونها: أرض الخمر والعسل، نعم كنت أحب شرب الخمر لكنني لا أحب العسل كثيراً، فبعد كل لعقة أدخن علبة سجائر وذلك ليس بالشيء الظريف في امريكا، فالناس هنا ينظرون للمدخن كأنه جرثومة يجب مكافحتها وطردها من بيوتهم وأرضهم، كما أن سعرها غير معقول يتطلب منك العمل ساعتين تحت الثلج لتشتري علبة دخان واحدة وأربع ساعات لتشتري علبتين، لذلك كرهت العسل فخسرت نصف أمريكا، ثم منعني الطبيب من شرب الخمر.
أخبرني إن كبدي سمين جداً!
فخسرت النصف الآخر فلم يبق أمامي شيء أفعله بعد تلك الخسارة الفظيعة غير الهجرة الى الريف حيث لا خمر ولا عسل ولا بطيخ.
عملت في مزرعة آل "بادمان" وهم عائلة إقطاعية ينحدرون من سلالة الكاوبوي العنيفين والجريئين الذين إنشغلوا على مر التاريخ بمطاردة الهنود وقتلهم، فجدهم الأول بادمان إكتسب لقبه السيء هذا من قلادة معقود بها عدداً لا يحصى من آذان الهنود المساكين الذين قتلهم.
وقد تسنى لي رؤية صورة فوتوغرافية لذلك الجد الخرافي بصالة منزلهم، رجل شرس ومستهتر يضع مسدسين بحزامه ويكشف عن صدر كثيف الشعر وعضلات صلبة، فغمغمت.
- بادمان فعلاً!
قهقه حفيده الذي يشبهه كثيراً وقال.
- ماذا تتوقع من رعاة بقر ولديهم حظيرة خنازير؟
حينها تذكرت ذلك المثل الذي يقول: لا تثق براعي بقر يربي خنازير.
إن لذلك المثل حكاية سأرويها فيما بعد..
الحفيد بادمان كان يبحث عن أيدي عاملة رخيصة ويدفع كاش، ونحن المهاجرين لا ندفع ضرائب لذلك التقت مصالحنا فاشتغلت عنده في الحقل أعتني بجياده وتلك الجياد في الغالب وحشية، تحتاج الى ترويض وعناية فائقة لكونها سرعان ما ترجع لإصولها البرية فتهرب الى الحقول التي لا يحدها البصر ويصبح من الصعب إستردادها.
أخبرته إن نشأتي الريفية ستساعدني كثيراً في عملي، كما أخبرته بأني أجيد ركوب الخيول.
نظر لي بشك وقال.
- ظننت إنك لا تجيد غير ركوب الجمال!
بالطبع أنا لا أدخل بمماحكات سخيفة وعنصرية كهذا، بل قفزت سريعاً على ظهر جواد بدون سرج، وكان ذلك الجواد ضخماً، متوحشاً، بالغ القوة والسرعة.. جن جنونه حينما شعر بساقيّ تطوقان بطنه بإحكام وذراعاي تطوقان عنقه بشدة وأصابعي تمسك ترقوته بعنف، فإنطلق كالسهم في الحقول الخضراء وكنت أهمس بإذنه.
- لا تحاول يا حبيبي؟
بقيت على ظهره حتى المساء وهو يعدو بي كوحوش الأساطير، حتى تعب وأتعبني معه ثم أسلس قياده لي فعدت به للمنزل وقد أخذ منا التعب كل مأخذ.
كان جميع أسرة آل بادمان ينتظرون عودة جوادهم الثمين وكذلك جيرانهم وأقرباءهم، وكانوا قد نصبوا طاولة بطول عشرة أذرع صفوا عليها أفخر أنواع الطعام والنبيذ والويسكي وجلسوا حولها يحتفلون مع نسائهم وأطفالهم.
توقفوا عن الشرب والمضغ حينما رأوني قادما، أقتربت منهم على ظهر الجواد بكل هدوء.
نهض بادمان الأكبر وربت على عنق الجواد وقال.
- تبدو كأنك واحد من آل بادمان!
أجبته ببرود- لا يا حبيبي، أنا واحد من آل إزيرج.
بالطبع كنت شاباً جريئاً وقوياً في ذلك الوقت لا أخشى راعي بقر لديه حظيرة خنازير.
قال - وماذا يستطيع آل إزيرج أن يفعلوا غير هذا؟
لكزت الجواد فقفز على المنضدة المتخمة بالطعام والشراب وأخذ يسير فوقها كالطاووس دون أن يسكب قدح نبيذ أو يخلط لحم الضأن بلحم الخنزير.

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق