احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

فوكسي


أنا رجل قليل الحركة، أفضل البيت على الخروج من المنزل، ففي البيت كل شيء منظم وتحت اليد، أما في خارجه فهناك الكثير من المشاكل والمتاعب والمصادفات غير المتوقعة، لذلك أوجدت لنفسي عملاً أحبه، ورشة صغيرة أمارس بها هوايتي القديمة (تصليح البنادق) وتنظيفها وتزييتها وتعديل أبرة التصويب، وهو عمل يدر علي دخلاً يكفيني وأصدقاء عنيفين لكن ظرفاء ومحبين للصيد والمغامرات، وكل ذلك بالطبع يعود لحبهم للبنادق.
فالسلاح في هذا البلد مقدس، ولا يكاد منزل يخلو من قطعة أو قطعتين منه، ومثل تلك القطع الثمينة تحتاج الى ( بندقجي) ماهر يصلحها بعيداً عن أعين الشرطة والمباحث، فمعظمها غير قانوني أو غير مرخص، وبما أني مهاجر صموت وكئيب كذكر البلعش، فقد إستحسنني (دون كيفالو) زعيم أعالي منطقة نيويورك وإتخذني كمصلح لبنادقه ومسدساته الكثيرة، وكان من أشد المعجبين بمهاراتي في تحوير وتحسين أداء سلاحه.
كان يأتيني بشخصه الكريم ويقف أمامي بقامته القصيرة والبدينة وحالما يراني داخل الورشة يضحك بقوة فتهتز رقبته السمينة وكتفيه وكرشه وخدوده ويقول.
- دون رياض، تحتاج الى بعض التسلية يا صديقي، سوف تموت داخل ورشتك؟
فأجيبه وأنا ألوي عنقي بخبث- وماذا يمكنني أن أفعل؟
- دون رياض، تعال معي للصيد، فبندقچي ماهر مثلك لابد أن يكون صياداً ماهراً أيضاً.
- نعم، أنا أجيد التصويب لكنني لا أحب الصيد.
- رجل مثلك يعيش مع السلاح ولأجله لابد أن يحب الصيد والقتل.. تعال معي لنتمتع بالطبيعة ونقتل بعض الحيوانات المفترسة؟
وجدتها فرصة للخروج من الورشة وتغيير الجو لاسيما برفقة أشد رجال نيويورك وأكثرهم أحتراماً ومرحاً وخفة، فأخترت بندقية خرساء وضعتها على كتفي وأصطحبت كلبي العزيز فوكسي معي وركبناالى جانبه في سيارته السفاري.
فذهبنا الى منطقة ( يوركشاير) حيث تتكاثر قطعان الوز التي تجتذب الحيوانات المفترسة كالأسود والدببة والنمور.
ركن الدون سيارته على الطريق العام ونزلنا نسير على الأقدام في الأحراش الكثيفة حتى وصلنا بعد ساعات الى المستنقع حيث تتجمع عنده الحيوانات لتشرب الماء وترتاح.
رأينا سرباً من الوز يرعى على ضفة المستنقع فهز فوكسي ذيله وهجم دون أن ينتظر أوامري وتعلق بذيل ذكر وز عظيم الحجم، شديد الخيلاء قوي الأجنحة يفوقه بالحجم عشرة مرات وأخذ يجره بقوة من ذيله ويحاول أن يخرجه من القطيع.
أصيب سرب الوز بالذعر من الهجوم المباغت وطار بأكمله، كما طار معه الذكر وفوكسي معلق بذيله.
أن أفقد حياتي بمخالب دب مفترس أهون علي من فقد فوكسي، فركضت خلف السرب الطائر محاولاً إنقاذه بأي ثمن، وقد كان بأمكاني قتل الذكر بكل بساطة لكنني كنت أخشى إصابة كلبي بطلق تائه وأخشى أيضاً سقوطه من عل وتحطم عظامه.
فقلت- ماذا أفعل يا دون.. إخبرني؟
مسح الدون حبات العرق من على جبهته وقال.
- لا يمكنك فعل شيء الآن، علينا أن ننتظر.
نصبنا خيمة السفاري وجلست بداخلها والحزن والغضب يكاد يأكلني، فلم أجد أية رغبة باطلاق النار على الدببة التي جاءت لتشرب من المستنقع.
بينما كان الدون يلهو بمطاردة دب أصابه بكتفه.
حينما حل المساء وحان موعد مغادرتنا سمعت نباح.. نباح عزيز على قلبي ومهجتي، فخرجت أركض من الخيمة ناحيته فرأيت فوكسي قادماً وهو يعرج ويعض بأسنانه على ما تبقى من ذكر الوز.
دون كيفالو أعجبته تلك الحركة من فوكسي، فعرض علي مبلغاً كبيراً من المال مقابل أن أبيعه إياه، لكنني بالطبع رفضت.
فمن يبيع كلبه لابد أن يبيع زبائنه! 
هكذا قال الدون وهو يربت على خدي ويغادر.


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق