احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

اساطير الكائن

لم نستطع أن نجد له اسماً، فالجميع لم يعرف نوعه، بله جنسه أو من أين أتى؟
حتى أنا كدت أنسى بسبب كثرة اللغط حوله.
وجدته أثناء سحابة تحول الجميع الى سحرة ومشعوذين وحين بدأت القطط والكلاب السارحة تفقد عيونها وأسنانها ويصيبها الجرب نتيجة ولاداتها في المزابل القريبة من الخيم حيث تتطاير الأوراد والعزائم المقلوبة كفناجين الودع.
كان أجرباً وصغير الحجم جداً كأنه ولد قبل سويعات أثناء مرور جوقة لطامات وندابات يبكين فارساً مغدوراً قتل قبل آلاف السنين وعيونهن ترقب حركة الكلاب العمياء وهي تبحث عن طعامها في مزبلة المخيم الكبيرة.
أزعجني زعيقه المؤلم وتوسله الموت الذي حدست إنه لن يأتيه بتلك السهولة.. أمسكت بطرفه خوف أن يلحقني الجرب وأخذته الى الحمام وتركته يلحس أثر الرطوبة من الأرضية المبللة أبداً بالماء والمعقمات والزرنيخ، فعرفت أنه أرمد العينين أيضاً وفاقداً لحاسة الشم والتذوق.
خلطت في الأبريق كل ما وجدته من معقمات وسموم ومطهرات ومسحت بها جسده الذاوي الهزيل وأنا أغلق أنفي من رائحة جربه ودمامله وقيحه..
كواه الماء المخلوط بالكحول والكلور فتزايد صراخه وبكائه، لكنني لم أكف عن تعذيبه بالمطهرات وقتل جراثيمه وهو لم يكف عن الزعيق ومهاجمتي بمخالبه القاسية التي لا تتلائم مع هشاشة عظامه.
مسحت عينيه المرمدتين بقطعة شاش عسى أن يفتحهما..
فتح واحدة منهما، عين زرقاء عميقة كعين قط، أما الأخرى فكانت مجرد تقب غائر لا أثر للنور فيها، فوضعت خرزة خضراء في الجحر حتى أقلل من منظره المرعب.
وحينما أمسكت به من ذيله لأرفعه وأضعه في الشمس، إنقطع الذيل كخيط مهتريء، فاضطررت أن أربط ما تبقى من ذيله بعذق ثوم حتى يعتدل سيره ويستطيع أن يرحل بعيداً عني.
أجلسته في الشمس فوق سقف الحمام فكف عن البكاء والزعيق وأخذ يلحس جسده بلذة غريبة.. جلس هناك لوقت لست أدريه يحدق بقرص الشمس الملتهب بتحد وأذناه تنصتان لطنين الذباب من حوله.
نسيته هناك كما نسيت أشياء كثيرة في حياتي، فالسحرة الذين أخذوا يتكاثرون كالفطر بيننا غيروا الكثير من طباعنا وذكرياتنا كما غيروا من سير أيامنا فلم نعد نعرف في أي يوم أو شهر أو سنة نحن، أيامنا تشابهت بفعل الآيات والسور المقلوبة حتى أصبح مرور غريب في طرقاتنا مبعثاً للريبة والخمول وتداول الأساطير.
ولكوني لا أعرف له اسماً، سأقترح له اسم (هيكل)، إن ذلك يلائم ذكرى ضبابية لم أعد أعرف إن كانت حقيقة أم وهم حالها حال حياتي وذكرياتي.
مد هيكل خطمه في قدر التمن وأخذ يأكل وعينيه الزجاجية الخضراء ثابتة علي بينما الأخرى تدور في كل الجهات، زرقاء متوفزة وحذرة ومرعوبة.
غمغمت- هيكل.. أهذا أنت؟
قال وهو ينظر الى سالفي اللذان غزاهما الشيب.
- جئت لأسلم عليك.
لم أصدق عيناي، فها هو قد تضخم مئات المرات حتى أصبح بحجم الفلو، وقوي كقط الباشق، فعزوت ذلك لكثرة ما لحس من مطهرات قتلت جراثيم بطنه وفتحت شهيته.
هز ذيله فخرخشت رؤوس الثوم التي نمت وكبرت حتى أصبحت واحدتها بحجم خف فيل.
شعرت بالفرح وأنا أرى المخلوق الأجرب قد تحول الى كائن قوي ومتين لا يستطيع إيذاءه أحد مهما بلغ من الشراسة والتوحش.
تركته يأكل بأمان على أمل أن يرحل سريعاً بعد أن يشبع.
- هل شبعت؟
مسح ذيله بالأرض بحركات نصف دائرية، فانبعثت رائحة ثوم طازج ملأت المكان.
رميت له قطعة لحم نيئة فأمسكها بأسنانه وجلس بالزاوية يلعق الدماء من عليها.
تمنيت أن يرحل سريعاً الى مكمنه قبل زوال الشمس، فأنا لا أستطيع إبقائه معي طويلاً، أخاف من نظرات عينه الوحيدة ومن رائحة الثوم التي تفوح كلما حرك ذيله، أريده أن يغادر سريعاً ففي الجانب الآخر من المخيم وفي مثل هذا الوقت المعلوم يبحث السحرة عن ضحية ليقلعوا عينيها.


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق