في واحدة من قصص ناتلي ساروت تحدثت بها عن عجوز يحتضر على فراش الموت وفي صحوة مفاجئة قام من فراشه وذهب الى المطبخ وأخذ يعد قطع الصابون خوف أن تسرق احداها إبنته، وفي حكاية قديمة رواها لي صديق. قال ان ناسكاً ذو كرامات حل ضيفاً على فلاح فقير وأشفق على رقة حاله فتمتم بكلمات سحرية وحول كوخ الفلاح الطيني الى كوخ ذهب، لكن الفلاح لم يشكر تلك النعمة التي هبطت عليه بفضل الناسك فطلب منه أن يحول بقرته أيضاً الى ذهب.
تمتم الناسك بكلماته السحرية وحول البقرة الى ذهب وقال.
- لقد أصبحت غنياً، ماذا تريد أكثر من هذا؟
غمغم الفلاح- لسانك.
وفي قرية بعيدة من قرى الله كان هناك رسام محب لتصوير طيور العنقاء. رسمها بكل الأشكال والألوان والوضعيات حتى سمع به ملك العنقاوات فقرر زيارته ليرى تصاويره، فدخل الى بيته بهامته العظيمة ومنقاره ومخالبه الأسطورية وأخذ يهز رأسه مستحسناً عمله، لكن الرسام أصابه الذعر ومات من ساعته.
فمن السهل رسم حصان أو حمار أو حدأة، لكن رسم عنقاء يحتاج الى خيال كبير وموهبة كبيرة بحيث ان ملك العنقاوات حضر بنفسه ليرى صورته في بيت الرسام.
في واحدة من رحلات العلامة والأديب أنستاس ماري الكرملي. أثناء بحثه عن الحكايات البغدادية الشفاهية من أجل تدوينها ذكر:-
ان عجوزاً بغدادية روت له حكاية لم يضمها لحكاياته الخمس والخمسين بل أهملها لكونها شديدة الغرابة على البيئة العراقية ناهيك عن البغدادية. وكانت الحكاية عن درويش أراد أن يطبخ بومة ويأكلها، ولكونه درويش رقيق القلب أراد أن يعطي البومة فرصة للنجاة فوضع عصا فوق القدر وطلب من البومة السير عليه فاذا نجحت فأنه سيطلق سراحها.
مشت البومة فوق العصا حتى عبرت الى الجانب الآخر، هز الدرويش رأسه وقال.
- سنحاول مرة ثانية، ربما لن تستطيعي العبور؟
فردت البومة- إذا كنت تريد أكلي على أية حال فما الداعي لكل هذه الألاعيب يا درويش؟
أما أنت..
حينما تريد البر بأمك لا تطلب منها أن تموت لتقيم لها مأتما عظيما.