يحدث أحياناً أن تأخذك الأقدار وتقلبات الدهر للعيش في بلد غريب وتجبرك على العمل في أتفه الأشغال وأوسخها من أجل لقمة العيش، كما حدث معي فقد عملت حمالاً في الميناء وبائع دخان وسائق تاكسي وغيرها، لكن واحداً من تلك الأعمال أعجبني كثيراً والتصقت به لوقت طويل.. عملت كفيلسوف في حمام.
في فندق ماريوت إن وهو واحد من الفنادق الكبيرة المنتشرة في كل أنحاء أمريكا وجدت وظيفة ظريفة (كلمنجي). فالزبائن الأغنياء حينما يغطسون في حوض السونار يحتاجون لشخص غريب يبثون له ما يعتلج بصدورهم من هموم ومشاكل ومتاعب وكنت أنا من يستمع لهم باهتمام ويعطيهم النصائح والارشادات ويوجه بوصلة حياتهم نحو الأحسن.
هذه هي كل مهمتي.
في الحقيقة لم يكن لدي الكثير لأقوله لتلك الحيوانات سوى.
- أتركها.. قحبة.
أو أتركيه انه نغل لا يستحق الحب الذي تمنحينه له.
مع بعض الأضافات والاستعارات التي كنت أحفظها لهذا الغرض من الأفلام وأنطقها قدامهم وكأني واحد من البراهما الحكماء.
الغريب بالأمر أن الزبائن والزبونات الدائميون أخذوا يستلطفون وجودي ويستمعون لنصائحي الجريئة باهتمام منقطع النظير ثم يعملون بها فتتحسن حياتهم وأحوالهم، لكن أحوالي بقت كما هي فأنا أحتاج للنصح والتوجيه أكثر منهم.
واحد من الزبائن (ببي لو) الذي أدمن وجودي ونصائحي فتحسنت حياته وكبرت ثروته وتضخمت أعداد عشيقاته باغتني بسؤال غريب بقصد النصح.
قال- لدي العديد من العشيقات. أكثر مما تتصور، لكنني أريد أن أتزوج؟
قلت- الزواج رباط مقدس.
أخذت هذه الجملة من الاصحاح ١٢٠ مرقس.
فتح عيناه على سعتهما وغمغم.
هممم.. تقصد كالثور مربوطاً للنير.
قلت- إفتحوا النوافذ فالهواء نقي.
جملة أخذتها من فيلم طيران فوق عش الواق واق.
قال- ربما تطمع بثروتي؟
إستعرت ما قالته آن لحبيبها هثكليف في مرتفعات وذرنگ فرددت.
- إنها مجرد أوراق نلعب بها.
قال- مقامرة!
- حياتنا لعبة طاولة. ثلاثون منزلاً والزار هو الأقدار والمنازل منازل.
هز رأسه باستمتاع ونفحني مئة دولار.
إبن القحبة.