احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

تجويد


لا أدري أن كان حسن الخط وجودته يعود للمارسة والمران وطول البال أم أنه متوارث، فنحن كعائلة نتميز بجودة الخط وجماله. أخي الأكبر سامي تحصل على خط مبهر وجميل وتلقائي لم أصادف مثله بحياتي وما زلت أتذكر دفتره الأنيق الذي كان يكتب به خواطره وأشعاره لحبيبته سابقاً ولزوجته وأم أولاده لاحقا، وحينما إعتلجت بي الرغبة باقتناء ذلك الدفتر الجميل والمحافظة عليه من الضياع جوبهت بالرفض فأنا لست مؤهلاً بعد لحفظ أسرار العشاق.
أما خط جدي عبد العال الملا فلا مثيل له بالحسن والجودة والاتقان، فهو نسج غريب بين النسخي والثلث، ولكوني لم اعاصر جدي ولم أره سوى مرة واحدة وهو بصير يجلس في المضيف حول موقد النار بفم خال من الأسنان وبعيون مطفأة، فأرتبكت ولم أعرف ما أفعله سوى الجلوس بحضنه والانصات لم يرويه من أشعار.
حينما كبرت قليلاً وتفتحت عيناي على مشاهد النهر والبستان والأسماك عرفت أن جدي معلم صبيان وشاعر له العديد من القصائد المدونة والمخفية في مكان ما لا يعرفها سوى أبي وأعمامي. قصائد لا يحبون أن يطلع عليها أحد ، فهي من نزوات الشباب وطيشه. دونها جدي عبد العال في واحدة من ساعات لهوه ومجونه.
ساعات مرح ولهو ريفي، ففي قريتهم الصغيرة التي تخلو من أي مرح. يخلو جدي بنفسه ويخط دارميات وأبوذيات ويلحنها ثم يعطيها لشخص حسن الهيئة والصوت ليغنيها ثم يذهبون بعيداً الى مكان خال ويقيمون حفلة غنائية يتخللها رقص وغناء وأشياء أخرى لا أدريها.
جدتي (مثلة) زوجة عبد العال كانت تشكو لي دائماً من خيانات زوجها وحبه للهو والغناء والشعر وكانت تروي له قصائده بين قرقرة نشوق وأخرى وكأني شخص بالغ لا أبن السادسة من العمر.
حينما كبرت قليلاً إنتبهت الى وجود صندوق خشبي يستقر في زاوية المضيف. صندوق بمسامير حائلة اللون لا أحد يجروء على فتحه.
أنه صندوق جدي عبد العال.
كنت في ذلك الحين في السادس الابتدائي. شغوف بالقراءة والاطلاع أقضي العطلة الصيفية في بيت عمي بالريف وكل شيء يثير فضولي وحبي للأستطلاع، فتحينت الفرصة وفتحت ذلك الصندوق الأسطوري لأرى مافيه.
وجدت الصحيفة السجادية والف ليلة وليلة طبعة بولاق الملونة وبحار الأنوار ومقتل أبي مخنف كما وجدت أوراقا وكواغد مكتوباً فيها قصائد وأبوذيات. مكتوبة بخط أخاذ لم أصادفه ولن أصادفه بحياتي، خط يشبه خط آخي سامي حينما كان يبث لواعجه لحبيبته وأم أولاده ويشبه خطي الأنيق حينما أكون في أفضل أحوالي.

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق