لا عجب، فالمائدة الصينية من ألذ وألطف وأطيب الموائد بما تحويه من سلطات بحرية وأسماك وقواقع وروبيانات وأخطبوطات وأفاع وسلطعونات، وكل تلك المخلوقات بلا ذاكرة وبعضها بلا شخصية كالقواقع مثلاً، فأنا لا أجد بها (القواقع) أية حياة. انها مجرد هلام طيب رمته الآلهة على مائدتنا بكرم منقطع النظير.
حينما آكل ما بداخلها لا أشعر بالذنب وتأنيب الضمير لكوني أكلت كائناً حياً، بل أمني نفسي بهدية نفيسة (لؤلؤة) فلتت من أصابع صينية محترفة والتصقت بسقف فمي فأصبح بين ليلة وضحاها ثرياً وشبعاً.
كل تلك المباهج الفموية والجيبوية جعلت مني زبوناً دائماً للحي الصيني في نيويورك وبوسطن، فأنا أشم رائحة الطعام الصيني وزنخه من على بعد أميال. أستدل عليه بأنفي وأنتصب أمام النادلة الصينية النحيفة وأطلب منضدة منزوية حيث لا يرقبني أحد. أستمتع بأكل بالقواقع وشرب حسائها دون منغص.
للأكل ومنضدة الطعام طقوس وشعائر وأتكيت تبدأ بالشوكة والسكين والملعقة. أنت لن تحتاج لأي من تلك الأدوات المربكة إذا كنت محباً للسلطعونات والقواقع. ما تحتاجه هو آلة تشبه (الكلابتين) وشوكة صغيرة الحجم وشريرة، لكنني لا أحتاج ذلك فأصابعي ما زالت قوية تفتح القوقعة وتندس بداخلها بحثاً عن اللؤلؤة المرجوة.
لا شيء هناك.. إستمتع بطعامك فقط.