احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

ليلة مضحكة

في ليلة عاصفة ومخيفة وحارة وخانقة وطويلة ، وجدت في غرفتي على فراشي شيء ما ، لا استطيع ان اقول ما هو ذلك الشيء الا وتخنقنني الضحكة ، ولكوني ضحكت كثيرا في حياتي ، فقد قررت ان اشرككم معي حتى لا اختنق من الضحك وحدي .

حينما اشعلت مصباح الغرفة وقعت عيناي على كتلة بشرية تتلفع ببطانيتي وتنتعل جواربي وتجلس على سريري وتلبس ( طرطور ) نومي .

خرج صوت قوي وآمر من ذلك المستعمر  .

_ تعال ياولد ، قبل يد عمك ؟

كنت على الدوام احتفظ بهراوة خلف الباب ، لكي اكون صادقا ، فهما هراوتان واحدة  قرب سرير النوم استخدمها احيانا لمقاتلة كوابيسي واشباحي واحياناً لمطاردة حيوانات المزرعة التي تتسلل الى غرفتي وتأكل كتبي واروراقي ومسودات رواياتي التي ناهزت العشر ( الهراوة التي خلف البابلمواجهة موقف كهذا ، تناولت الهراوة واشبعت عمي ضرباً ، لم اضربه على رأسه  بالطبع ستكون كارثة ، سيموت عمي واذهب انا الى السجن او الاعدام ، بل ضربته على رجليه وذراعيه ومؤخرته ، حتى استسلم وقال بصوت ضارع .

_ هاي شبيك انت  ليش تضربني ؟

قلت وانا استعيد انفاسي _ منو انت ؟

_ انا عمك .

_ عمي ( سعيد ) ؟

_ لا مو عمك سعيد ، من اين تأتي السعادة ؟

_ عمي رشيد ؟

_ لا مو عمك رشيد ، لو كنت رشيداً حقا لما تبهذلت بهذا الشكل .

_ العفو يا عم لم اقصد ، انت اذا العم الجليل مرزوق ؟

_ لا مو عمك مرزوق لو كنت مرزوق لذهبت الى الفندق ولكفيتك شري .

رفعت الهراوة بوجهه وصرخت _ انت عمي الهندي ؟ ملك العمبة والبهارات والطرشي والبخور وسيد البحار وقاهر الرجال .

تلعثم قليلا وقال وهو يزدرد بلعومه .

في الحقيقة والواقع انا لست عمك الهندي ، لو كنت ....

لم اتركه يكمل فضربته على كتفه مهدداً .

_ منو انت ؟

رمى البطانية بعيداً عن جسده واخذ يتمشى بالغرفة  .

كان رغم قصره الواضح ونحول جسده الا انه يمتلك شخصية فريدة . كان يشبه شاعر قدم من العصور الغابرة ، ملابسه عريضة وهفافة ومزركشة وذقنه اسود وشارباه حمراوان كشاربي طاغية تركي ، عنقه غرنوقي وعيناه صافيتان كعيني الديك . كما انه يمتلك ذيلاً وقرنان عظيمان يصلحان للنطح والبقر والنقر .

قلت _ عرفتك ايها الملعون ، انت العم ( كبشي ) . لطالما حدثني ابي عنك وعن معاركك الرهيبة ومصارعتك الابطال وفتحك الامصار ومناكفة الاقدار ، مرحبا بك يا ( كبشي ) .

قال وهو يتمشى كأنه ممثل قديم نسي دوره  _ انا لست كبشي الذي تظن ( لا تفهمني غلطاً ) ، حياة الشطارة والعيارة واخذ الاتاوة من التاجر والكاسب والافندي والمعقل ، حياة المغامرة وصعود الجبال ونزول الوديان والاختباء في الكهوف والمغاور والعيش في الحر والقر والضيم ، الخوف من الكوابيس ومخلوقات الظلمة وظلال الحيوات التي تحيط بنا وهي تقفز في القدور والطاوات والمنكاسات والطوس والطناجر والمحابر ( لا تفهمني غلطاً ) . مثل تلك الحياة تستحق ان تعاش ، لكنها بالمقابل لا تعطيك شيئاً سوى ذيل وقرنان .

لم استطع ان اكتم ضحكة ( العفو ) . كانت قهقهة مدوية جعلته ينكمش على نفسه كالضفدع كالبهلوان كالطرطور ، ربما كانت ضحكة سخيفة او مقيتة او حقيقة تشبه ليلتي هذه ، ليلة التجوال بين قرني كبش .

كنت اعيش في مزرعة لتربية العجول والابقار والكباش والنعاج والثيران القوية ( واحدها يجر مئة محراثفي الحقل ارانب وثعالب جميلة ذيولها طويلة ورمادية وجلودها تنتظر من يسلخها من يدبغها ، من يصنع من لحومها مرقة وتشريب وسوب ، من يمص عظامها وهو يسبح بسبحان الحلاق  مسير الافلاك ومخير الاخيار ، في المزرعة خيول وجمال وتنانين وديناصورات ( واحدها يزن الف  رطل وثلاثة عشر قيراطاً ) .

عملي كان بسيطاً للغاية ، ان اعني بتلك الكائنات اربت على بطن الحوت وامسد شعر الجنيات وأنتف عانة السعلوات وأرضع اثداء الحوريات وانا اعوي تحت ضوء القمر ،  ، من احب الاشياء بالنسبة لي هو شم رائحة الحقل ، رائحة الزهور ورائحة الحقل والغربان والسرجين والمطال وموقد الفحم  ورائحة القهوة والبيض الطازج ، رائحة العشب حين يبلله المطر ، رائحة الجيران وهم ينسجون شبكة معقدة من الخيوط ، خيوط ( السيتلو ) خيوط القنب وسعف النخيل ، خيوط متينة ومتشابكة تشبه من فقد سفينة بالبحر ، ابرة في كومة قش .

كنت في منزلي حيث حديقة صغيرة تضم مجوعة كبيرة من الزهور ( جوري ورازقي وليلكي ودموع الشيطان وكبسة الهميان وغلبة من فاته الزمان )  . كنت اسقي تلك الحديقة المليئة بأنواع الوحوش والسباع والهوام والضباع وافكر بيني وبين نفسي . ماذا لو ان الاقدار شاءت ان يمد احدهم خرطومه ويعبث بكل هذا السلام من حولي

في الحياة كما في الخيال تحدث اشياء غريبة ، كأن يدخل احدهم غرفتك ويرتدي ملابسك ويعتمر طرطورك ويجلس على سريرك ويدعي انه عمك المفقود ( كبشي

قال العم وكأنه يقرأ افكاري _ اسمع يا ابن اخي ، قد تظن اني عجوز بغير فائدة ( لا تفهمني غلطا) انا استطيع ان افعل الاعاجيب .

التقت عيناي بعينيه ، عيناه مدورتان وواسعتان ، فيهما بحور وعجاج ومراكب تمخر الاقاليم السبعة ، فيهما غابات ووحوش كاسرة تكشر عن انيابها بوجهي وتنظر الى عروق بدني ، فيهما سيوف ورماح وبنادق يخرج منها البندق وينتثر في الحقل كحبات الذرة .

أكمل بثقة _ أستطيع مساعدتك .

قلت _ بماذا ؟

اخرج العم ( كبشي ) من تحت ردائه بندقية رشاشة  وناولني اياها وكأنه يناولني لعبة اطفال ، ثم اخرج كتيبة جنود مدججة بالسلاح وبضعة دبابات ومدافع وطائرات وغواصات ورادارات وضفادع بشرية وحيتان بحرية وتنانين نارية وديناصورات وحشية وكوابيس ليلية .

صرخ بصوت مبحوح _ هجوووووم .

اشتعلت الغرفة بالنار ، اشتعل العالم والمجرة والكون بالنار .

كنت احمل بندقيتي كجندي مخلص وأصوبها ناحية اهدافي وانا اختنق من الضحك .


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق

04:53ص | 24 أيار، 2012
اعجبتني مدونتك كلامك جميل ومختصر ويحكي قصص جميله اتمنى تزور مدونتي