الصياد والشبك
غمز لي عمي بشواربه الكثة المعقوفة وابتسم ، بانت اسنانه البيضاء المرصوفة بانتظام وقال .
_ حينما تكبر ويطر شارباك ويبزغان كفرخ البط ، اعتني بهما وادهنهما بهذا الزيت .
ناولني زجاجة عطر الحوت الجميلة ثم اسلم الروح بشجاعة .
اخذت قطرة من الزجاجة ودهنت ما فوق شفتي العليا وشعرت بخشونة الشعر وهو ينمو بشكل سريع ، نظرت في المرآة لوجهي فرأيت خطاً اسود كسرب الدود يعدو فوق شفتي .
ابتسمت وشعرت بنشوة غريبة تتسرب من شاربي الى ما تحت بنطالي ، العصفور الصغير المشاكس اخذ يتحرك ويشاغب ويبصق سائلا يجعل من جسدي يرتعش كسعف النخل .
خرجت الى الشارع مزهواً بشواربي وعصفوري وبلبلي . كنت في الرابعة عشر من عمري ، انحدر من عائلة هتلرية بامتياز ، والدي يرحمه الله يصبغ شارباه ويقصهما كهتلر ، اخي الاكبر يقلمهما كشارلي شابلن ، امي واخواتي ينافسننا على ادواة الحلاقة ، نستهلك من الامواس اكثر مما نستهلك من الخبز ، شواربنا تنمو كحقل ارز في عام مطر .
في بيتنا مرآة ضخمة جلبها عمي من بلاد السند والهند ، لا شيء في بيتنا غير تلك المرآة ، عند المساء نجلس كلنا انا وعمي وابي وامي واخوتي واخواتي نقلم شوارب بعضنا .
انظروا يا اولاد شعر الانف قبيح جدا لذلك يجب نتفه قبل التشذ يب .
كلما امسكت اختي بشعرات انفي لتنتفها اعطس تشوو تشوووو .
كانت جارتنا ( علوية ) او هكذا اسميها طالبة جامعية ، سمراء وجميلة وطويلة كالغرنوق ، تلبس تنورة رصاصية وقميص ابيض وتضغط صدرها بكتاب محاضرات ضخم مرسوم عليه صورة الممثل ( يوسف شعبان ) بشواربه الكثة وصدره المشعر .
لا فرق بيني وبين ذلك الممثل سوى الفارق بالعمر ، انه مجرد صورة بشوارب وانا كائن حي تتقافز العصافير والبلابل تحت لباسي وتسلبني النوم ، كما تتقافز الشعيرات الخشنة فوق شفتي وعلى صدري ، لم لا اريها ما ترغب برؤيته فانا امتلك الكثير منه رغم فارق العمر بيننا ، فهي ربما تكون في العشرين او اكثر قليلا لكن هذا ليس مهماً ، انا ثور اشطح وانطح اكثر من يوسف شعبان .
كنت اعرف توقيت خروجها من المنزل فأقف على عتبة المنزل بانتظارها وانا امسد شواربي المدهونة بزيت الحوت ، لكنها تمر كالهدوء الذي يسبق العاصفة ، تمر كالنسمة لا تنظر لاحد ، لا تنظر لي وكأنها تسبح على صدر ذلك الممثل الشاب .
افتعلت معركة وهمية مع الاشباح فنزعت ملابسي وقفزت الى عرض الدربونة عاريا الا من لباسي الداخلي مزهوا بسمرة جسدي وشعيرات صدري وشواربي ورائحة شهوتي ، زاحمتها على الطريق وانا اسب واشتم الاشباح ، اولاد الكلب اولاد الحمير اولاد الضباع اخرجوا لي اذا كنتم رجالا .
توقفت ( علوية ) وضغطت الكتاب الضخم الى صدرها واخذت تنظر لي بفضول وخشية ، ربما برغبة ايضاً ، كانت الشمس تلمع على سمرة جسدي الفتي في تلك الظهيرة السعيدة ، توقفت مدهوشة من من عري الفاضح وعرق ابطي وشعرات صدري وشاربي الكث الذي لا يتناسب مع عمري . ابتسمت لي .
الكثير من الرجال لا يعرفون تلك الابتسامة ، كلا ربما جميعهم يعرفون لكنهم لا يدركونها ، حينما تضيق الشفتان وتكشفان عن اسنان ارنبية تدعوك للمطاردة ، للجحور والمخابيء حيث حقل الارز الواسع ، هناك حيث يمكنها ان تنصب الشراك والموافز لتوقع بالصياد .
اضافة تعليق