احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

الأسحم



في الطريق التقيت به ، ضيق عينيه كمن يتذكر ، ثم قهقه بصوت عال ، إهتزت أكتافه .
قال وهو يشير اليّ - أنت ، أنت ، الا تتذكرني ؟
رجل أربعيني نحيل يحمل أكياس الطعام ، لابد انه صاحب عائلة . عائلة كبيرة .
إقترب مني ، وضع الأكياس على الأرض وصافحني بحرارة - الا تتذكرني ؟
وضعت كفي على جبهتي ، لم يسبق لي أن رأيته بحياتي .. أردت أن أجامله قلت .
- نعم ، أتذكرك .
- كنا سوية في نفس المدرسة ، هل تتذكر المدرس أبو أحمد الفرطوسي ، مدرس الدين ؟
ارتفعت ضحكاته وضربني على كتفي - كنت تجلس الى جانب ابنه أحمد على نفس الرحلة ، وكنت لا تحبه ، أنا كنت أجلس خلفكما ، ولكوني كنت صديقك الوحيد في المدرسة ، فقد عمدت على معاونتك في ضرب أحمد .
قلت متعجباً - ضربنا أحمد ؟
- بالحقيقة أنت من ضربه ، أنا كنت أمنعه من الرد عليك فقط ، حينما جاء والده قفزت أنت من نافذة الصف وهربت ، تصور من الطابق الثاني للأرض .
- عجيب !
- هربت من المدرسة ووقفت عند ناصية الشارع تعاكس البنات ، أنت شيطان ، ليس مثلي .
- أنا شيطان !
- نعم ، قل لي هل تزوجت ايها المشاغب ؟
- كلا ، لم أتزوج .
- لم تتزوج ؟ .. بالطبع ما حاجتك للزواج وأنت تلتقط البنات من الشارع ، لم تبق فتاة شريفة ولا خفيفة لم تنم معها ، طبعاً لن تتزوح ، بقيت تلعب بذيلك ، نيالك ياعم ؟
- أنا العب بذيلي !
- هل تتذكر ؟ حينما قفزت من الطابق الثاني انكسرت قدمك ، لكنك لم تبال ، ذهبت ناحية مدرسة البنات وأمسكت بذراع هناء ، هناء ابنت الأستاذ الفرطوسي ، جلبتها معك وجئت بها لتريها للأستاذ وابنه أحمد .
- لم أكن أتصور أنني كنت مستهتراً لهذا الحد ؟
- مستهتر فقط ، أنت كنت كارثة ، حينما رأى الأستاذ ابنته معك ، جن جنونه ، لكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً ، لكونه يخاف منك جداً ، لكن ابنه أحمد جمع عصابته ولحق بك ناحية بيتكم . بيتكم الكبير في محلة ( السيف ) .
أنت كنت في ذلك الوقت تربي مجموعة من الغربان السود الشريرة فوق السطح .
- أنا أربي الغربان ؟
- لا تستغرب يا رجل ، أنت كنت داهية ، تستطيع تدجين أي شيء ، كان لديك ما يقارب المئة غراب أسحم تأتمر بأمرك .
- مئة غراب أسحم ؟
- نعم ، لهذا السبب كنا نسميك ( الأسحم ) ، لا عليك بالاسماء ، دعني أكمل ما حدث بعد ذلك ، أنت كنت تقطع الشارع ، تجلس على كرسي وسط الشارع والغربان من حولك تدافع عنك ، الناس جميعاً يخافون من الأسحم ، الشرطة تخاف من الأسحم أيضاً ، أنا صديقك الوحيد ورفيق صباك وشبابك لم أكن أخافك ، ليس من المعقول أن أخاف صديقي ؟
أخرج من الكيس خيارتان ، أعطاني واحدة .
- جاء أحمد مع جماعته ليدافع عن شرفه ، يا للمنظر ، يا للمشهد السينمائي ، إن أكبر مخرج في عصرنا لا يستطيع اخراج مثل ذلك المشهد .
أنت كنت مغرماً بمشاهدة إفلام العصابات ، تحب تقليدهم .
كنت تقطع الشارع ، تجلس على كرسيك وتشرب العرق وحولك الغربان .. جاء الأولاد الأشقياء من خلفك وهم يحملون الهراوات والسكاكين ، أنت لم تكن مهتماً ، تدخن سيجارتك وتنفث دخانها بالهواء ، إقترب الأولاد منك ، كانوا حوالي عشرة ، رميت عقب سيجارتك الى الأعلى ، طارت الغربان المئة خلفها محاولة التقاطها ، أشهر الأولاد سكاكينهم بظهرك ، التفت ببطء ناحيتهم وضيقت عينيك كما تفعل دائماً ، ضغطت على أسنانك ، سقط عقب السيجارة قدامك ، فسحقته بقدمك وتقدمت ناحيتهم تلاحقك الغربان يا للمعركة ، يا للدماء ، يا للأسحم .
- قل غيرها يا رجل ؟
- نعم ، بعد تلك المعركة الدامية أخذوك للسجن بتهمة القتل ، سجن مؤبد .. قل لي متى خرجت ؟
- لم أدخل السجن طيلة حياتي .
هز كتفيه بغير اهتمام وحمل أكياسه وغادرني وهو يقول .
- طيلة حياتك يا حمزة تبقى متواضعاً ، لا تحب أن يتحدث الناس عن شجاعتك .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق