احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

في مزرعة الخوخ



قبل أن أهرب من العمل ، كنت أشتغل في حقل خوخ ، لم أكن أحب الخوخ ، حينما أقضم واحدة يسيل عصيرها على جوانب فمي وينزل على رقبتي ، تصبح رقبتي دبقة .
جاء صاحب المزرعة ، أمريكي بدين أحمر الوجه ، قصير الأطراف ، يلبس بذلة عمل زرقاء ويحمل مقصاً ضخماً ، من تلك التي تستخدم في قص الأغصان القوية ، ويجر خلفه مهراً قزماً ، أكبر قليلاً من الكلب الضخم ، نظر الى رقبتي الدبقة ، أظنه حزر كم خوخة أكلت .
قلت - أنا لا أحب الخوخ .
هز كتفيه بغير إهتمام وقال - سأذهب الى السوق وأعود بعد الغداء . 
قلت - أفضل بالتأكيد .
مسح كرشه بصفحة يده وقال - سأترك معك ( بوني ) ، عليك الأعتناء به ؟
قلت - من هو ( بوني ) ؟
أشار الى المهر القزم وأكمل - شعر عُرفه أصبح أطول من اللازم ، ربما يمكنك قصه .
رمى المقص الضخم قدامي وغادر وهو يحك كرشه بصفحة كفه . 
كان المقص ضخماً لا يصلح لقص شعر ( بوني ) .
قلت - تعال يا بوني ؟
هز المهر رأسه فتناثر شعره الخشن في الهواء وغطى عينيه ، رفعت المقص من الأرض ، جفل المهر وتراجع للخلف قليلاً ، قلت .
- بوني ..لاتقلق فأنا كنت حلاقاً في الجيش .
قطعت خوختان ، وضعت واحدة بين أسناني وقدمت له الأخرى ، وضعتها على راحة يدي ، فقضمها بلطف .
صعدت على ظهره والمقص بيدي والخوخة بين أسناني وأخذت أقص شعره برفق .
كان الحقل واسعاً ، في بعض الأوقات وخاصة في الصيف تأتي قطعان الغزلان ، تأكل أوراق أشجار الخوخ الطرية دون أن تمس الفاكهة ، فهي مثلي لا تحب الخوخ ، بعض الصيادين المغامرين يطاردونها ببنادقهم .. مر سرب غزلان غير بعيد عني ، عيونها كبيرة وجميلة وواسعة ، نظرت لي وللمهر القزم والمقص بفضول .. ثارت طلقة ، جفلت الغزلان وهربت ، جفلت أنا أيضاً ، أطبقت المقص على أذن بوني فقطعتها دون أن أقصد .
رماني المهر من على ظهره وأختفى في الحقل .
أمسكت بالأذن المقطوعة بأطراف أصابعي ومشيت ناحية المستودع ، مستودع الآت الزراعة حيث يعمل عليها ( أكثم ) ، نسميه أكثم لكونه يملك أضخم أنف رأيته بحياتي .
كان يعمل على تصليح جرار ، رفع رأسه ووقعت عيناه على الأذن المقطوعة .
قال - أذن من هذه ؟
قلت - أذن بوني المسكين .
- مهر صاحب المزرعة المدلل ؟
غسلت الأذن من الدم العالق بها وقلت - ماذا أعمل الآن ، صاحب المزرعة سيتصل بالشرطة حتماً حينما يعرف ؟
حك أكثم أنفه الرهيب ، حينما يحك أنفه تهطل عليه الرؤى والأفكار .
قال - نخيطها .
قلت - هل أنت متأكد ؟
هز رأسه بالايجاب .
وضعت الأذن بجيبي ، سبقني هو بخطوات رشيقة وأمسك بالمهر ، قاده ناحية البئر ليغسله من الدم ، إحتضنه ووضعه على جدار البئر الصخري ، سحبت أنا السطل وأخذت أحمم المهر .
قال - إسرع ؟
كان المهر يرتجف من الألم والذعر .. أخرج أكثم أبرة وغرزها ببقايا الأذن المقطوعة ، جفل المهر وسقط بالبئر .
نظر أكثم ناحيتي وحك أنفه .
قال - لا تقلق ، سأخرجه .
ذهب الى المستودع وعاد بحبل ، طواه على شكل انشوطة وقربه من عنق المهر حتى أمسكه .
- إسحب معي ؟
سحبناه بعنف ، في البداية كان ثقيلاً جداً ثم أخذ وزنه يخف .. ظهر رأس المهر فقط دون بقية الجثة .
حك أنفه وقال - لا تقلق ، سنخرج الجثة ونخيط عليها الرأس ثم نخيط الأذن . ستكون العملية أسهل مما لو كان حياً .
نزع ملابسه وقفز بالبئر ثم عاد حاملاً الجثة المدماة .
خاط الرأس على الجثة ثم خاط الأذن .
تنفس بعمق وحك أنفه وقال - لن يشك بموته أحد .
شيء غريب بان على شكل المهر الميت ، أكثم خاط الرأس بالمقلوب .
قلت - انه بالمقلوب .
رأينا صاحب المزرعة من بعيد قادماً ناحيتنا ، بقينا صامتين ، إقترب الرجل من جثة مهره وعاينه طويلاً ، إحمر وجهه بشدة وضغط على أسنانه ، لم يقل شيئاً ، ذهب ناحية المستودع حيث يخفي بندقية الصيد .
حك أكثم أنفه - ماذا تنتظر لنهرب ؟
ركضنا .. كنت أسمع أصوات إطلاقات خلفنا ، لست أدري إن كانت صادرة من بنادق الصيادين ، أو من بندقية صاحب المزرعة !

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق

11:52م | 21 أيار، 2014
رائع زعتر