احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

زعتر



تعود جذور عائلتي الى العارف ( سطيح ) الذي تنبأ بسقوط الأيوان وموت الموبذان ومجيء النبي الرحمن ، معارف ذلك الجد الغامض إنتقلت لأحفاده وسلالته بطريقة شفاهية ، ضاع منها الكثير خلال القرون الماضية ، لكن وصلني منها شيء قليل ، ذلك القليل أتاح لي الحصول على زعتر ، وهو كائن قديم بطول إصبعين ويبرز من رأسه قرنين وفم ينفث ناراً ودخاناً وحكمة .
هل قلت حكمة ؟
رجتني إبنة أختي أن أساعد زوجها على أن يصبح غنياً ، فهي لا تطلب الكثير من هذا العالم سوى منزل بثلاثين غرفة وخمسة حمامات وأرض شاسعة لا يحدها البصر وخدم وحشم .
جلست قبالتي والدموع تملأ عينيها .
- كم أنت جاحد يا خال ، هل نسيت من تغسل ملابسك وتطبخ لك وتنظف غرفتك ؟
قلت - أنظري لحالي يا خال ، لو كنت قادراً على ذلك لما إحتجت لمن يطبخ ويغسل لي .
قالت بحدة - اسأل زعتر ؟
قفزت من الكرسي - زعتر !
- نعم زعتر ، وجدته بجيب سترتك .
إرتديت سترتي وخرجت أتمشى بجانب النهر ، أخرج زعتر رأسه من الجيب وقال .
- ما الذي يشغل بالك ؟
شرحت له ما حدث لي مع ابنة أختي وزوجها حسن .
قال - ما هو عمل زوجها ؟
قلت - عاطل ، لكنه يهوى الملاكمة ، نعم انه قوي كالبغل ، عنيد كالصخل ، حرن كالحمار ، لكنه بطيء الحركة غير فطن ، يتغلب عليه الخصم بسرعة .
حك زعتر عثنونه وقال - ممكن ، ممكن جداً ، يمكننا تعديل حركته وترشيق ضرباته وتسديد لكماته ، لكن هل هذا يجعله غنياً .
- نعم ، أنظر الى جبار الديكي فهو قد أصبح مليونيراً بمباراة واحدة ، لو أمكننا أن نقوي حسن وندخله بعشر مباراة لإنتهت مشكلة ابنة أختي وأصبحت غنية .
- نعم ، سندخله بمباراة عظيمة .
قلت - من سيدربه ؟
قال - لا حاجة للتدريب ، نحتاج الى عشرة خصوم حتى لو كانوا أبطال العالم ، سيلاكمهم حسن دفعة واحدة ونخلص ، تصبح ابنة أختك مليونيرة .
لم أستطع تماك نفسي من الفرحة فأمسكت زعتر من قرنيه وقبلته بشفتيه .
قال - إستح يا رجل .
في ليلة المباراة حضر جمع غفير من الناس ، كما حضر المحافظ ومجلس البلدية ومدير الشرطة لمشاهدة مباراة القرن التي لم يشهد لها مثيل .
وقف مقدم الحفل وزعق بصوت يخرج من روحه لا من أنفه ، وقدم الأبطال العشرة الذين ملأوا المكان بعضلاتهم وقبضاتهم ومعاطفهم البراقة .
استعرض الأبطال أجسادهم المتينة على الجمهور وزعقوا حاثين بعضهم البعض الآخر على قتل خصمهم الوقح .
ظهر حسن وخلفه زوجته تمسك بيدها مبخرة وتزغرد .
كان يبدو خائفاً حد الموت ، يتحرك كأنه منوم بفعل سحر ما ، أو بفعل زوجته التي كانت تدفعه بعنف لكي يصعد الى الحلبة ويأتي لها بالملايين حتى تحقق أحلامها .
شعرت بقلق شديد فوضعت يدي بجيب سترتي أبحث عن زعتر .
لم أجده هناك ، شعرت ببعض الراحة ، فهو بالتأكيد ذهب لمساعدة المسكين حسن .
دق جرس الملاكمة إيذاناً ببدأ المبارة .
وقف حسن وهو مرتخي الأوصال وسط الأبطال العشرة ، ثم أخذت قدماه تتراقصان وقبضتاه تتحركان بسرعة شديدة ، سرعة لاتخطر على البال ، ضربات شديدة وسريعة وقعت على وجوه خصومه ومعداتهم ، ضربات إنهالت على أفواههم وحطمت أسنانهم .
جن جنون الحضور فأخذوا يصرخون ويشجعون حسن الذي إزدادت حدة ضرباته فأوقع الأبطال واحداً بعد الآخر ، ثم سدد لكمة للحكم وطرحه أرضاً وراح ناحية الحكام الثلاثة وجندلهم بضربة واحدة ، تلفت من حوله ثم هجم على السطر الأول من الحضور حيث يجلس المحافظ ومجلس البلدية ومدير الشرطة ، ضربهم بشدة وقفز على مدرجات الجمهور المذعور الذين تساقطوا عند قدميه كالخرفان .
زغردت زوجته من الفرح ، فوجه لكمة لفمها وأغلقه الى حين .
دارت عيناه فوقعت عليّ .
قلت - زعتر ، إياك أن تفعلها ؟
آه ، نسيت أن أخبركم إني لم أعد أستطيع مضغ الطعام منذ تلك المباراة ، لكن هذا لا يهم مادامت ابنة أختي حققت كل أحلامها .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق