٠٠٠
لو حالفك الحظ يوماً وحصلت على مطية من المكاري العتيد الذي يقيم في الرصافة ، فستأخذك المطية الي جانب الكرخ ، فهي أعرف منك بدروبها وأزقتها وزواياها ، وستأخذك حتماً الى قصر التاجرة الثرية ( محاسن ) حيث يقف عند بابها فلاّح وفخّار يسألانها المعاونة على كثرة العيال وشحة المال وقلة الأعمال .
التاجرة المحسنة إقتطعت من أرضها قطعتان متجاورتان ، أعطت واحدة للفلاح حتى يزرعها ويعيش منها ، وأعطت الأخرى للفخار حتى يشتغل بها ويصنع القوارير والأواني التي لا غنى لأحد عنها .
عمل الفلاح بهمة ونشاط ، حرث الأرض ونثر البذور وطارد الطيور وجلس ينتظر الغيوم حتى يسقي أرضه .
الفخّار عمل بجد أيضاً ، جمع الصلصال وصنع القوارير وزخرفها ووضعها تحت الشمس بأنتظار أن تجف .
رفع الفلاح يديه للسماء متضرعاً من أجل غيمة سمينة تسقي زرعه ، ورفع الفخّار يديه من أجل شمس حارقة تجفف صلصاله .
ظهرت غيمة سوداء تجري مسرعة وغطت قرص الشمس ، سارع الفخّار وتضرع لله أن يبعدها عن الشمس ، فتحركت الغيمة مبتعدة ، حينما رأى الفلاح ما حدث ، تضرع لله أن يعيدها ثانية ، عادت الغيمة وأوشكت على أن تفرغ حمولتها .
قال الفخّار - سبحانك ربي ، إن إستجبت للفلاح وأمطرت هذه الغيمة ، سيخرب عملي وسيجوع أطفالي .
قال الفلاح - سبحانك ربي ، إن إستجبت للفخّار ولم تمطر الغيمة ، سيموت زرعي وسيجوع أطفالي .
ظلت الغيمة تروح وتجيء ، فأخذ الرجلان بخناق بعضهما وتضاربا .
كانت التاجرة المحسنة تنظر لهما ، فنادت عليهما وسألتهما عن سبب عراكهما ، فشرحا لها طبيعة عملهما .
فقالت - إن أمطرت تعاركتما ، وإن صحّت تعاركتما !
اضافة تعليق