قال بائع الجبن .
- جبنة .. جبنة ، من يشتري جبنة ؟
وصل صوته الى كوخ العّتال ، قال العتال لزوجته .
- قومي وأشتري لنا جبنة ؟
ذهبت المرأة الى الجبّان وطلبت منه جبنة .
قال الجبّان وهو يقطع قرص الجبن - لو ولدت لك بنت ماذا ستسميها ؟
قالت المرأة - ( جبينة ) .
تبسم الجبّان وغيّر هيئته فبدا أشبه بطائر مفترس .
بعد شهور ولدت المرأة فتاة بيضاء كالجبنة فسمتها ( جبينة ) لكن الفئران الشريرة العنيفة غزت الكوخ وهددت بقضم جبينة .
مر بائع سنانير يرتدي ثوباً من الريش تفوح منه رياح السموم .
قال - سنانير من بلاد السموم ، من يشتري سنوراً مسموماً ؟
ركضت المرأة وأشترت سنوراً كثيف الشعر .
قال البائع - لو قضمت الفئران أنف جبينة ماذا ستفعلين ؟
قالت - سأجعل السنور يلتهم الفئران .
تبسم البائع وغير هيئته فبدا أشبه بكلب مفترس .
وضعت المرأة ابنتها جبينة بحضن السنور ، كبرت البنت فخرجت من الكوخ برفقة السنور وجيش الفئران يلاحقها .
مر بائع كلاب يرتدي ثوباً من من جلود الغزلان .
قال - كلاب تحمي الدار وتؤنس الصغار ، من يشتري كلباً وعوناً ؟
ركضت المرأة وأشترت واحداً ، عظيم الفك ، حاد النظرات .
تبسم البائع وغير هيئته فبدا أشبه بصياد قطا .
وقف الكلب المهيب العظيم الجثة الى جانب جبينة فهرب السنور مذعوراً ، أثناء هروبه صادف سرب الفئران فخافت منه وهربت الى داخل الكوخ . رفع الكلب أذنيه وطارد السنور والفئران .
بقت جبينة وحيدة ، فجاء صياد ، أخرج من تحت ثوبه قطاة .
قال - قطاة من بلاد النخيل ، من يشتري قطاة مدجنة ؟
قالت البنت - أنا .. أنا .
تبسم البائع وغير هيئته فبدا أشبه بأمير مملكة ضائعة وسط الثلوج .
شهقت جبينة فتناثرت القشطة من وجنتيها ، وطفر الحليب من ريقها ولاحقت الأمير .
رفع الكلب خطمه وهز ذيله وتبع الفتاة ، جاء خلفه السنور ثم جيش الفئران ، ساروا جميعهم خلف الأمير الجميل يبحثون عن مملكته الضائعة وسط الثلوج .
زعق العتّال بزوجته - أين الجبنة ؟
بحثت الزوجة عنها فلم تجدها .
قالت - ربما الفئران أكلت الجبنة .
قال الزوج - وأين الفئران . أنا لا أرى فئراناً في الكوخ ؟
قالت - ربما السنور أكلها .
قال - أين السنور ، أنا لا أرى سنوراً في الكوخ ؟
قالت - ربما الكلب أكل السنور .
قال - أين الكلب ، أنا لا أرى كلباً في الكوخ ؟
تلفتت المرأة من حولها وقالت - ربما لم أشتر الجبنة من الجبّان ، ربما لم أشتر سنورا ولا كلباً من الساحر الذي جاء من أرض السموم .
لوى العتّال عنقه وربط كوخه وزوجته على ظهره وسار وهو يكافح الريح الحارقة التي تلفح وجهه .