لابد انكم سمعتم عن أحجام الأشياء في هذا البلد الكريم، كل ما فيه أكبر من المعتاد بكثير، تحتاج كفين واسعين لتحيط بكوب القهوة وعضلات قوية لترفعه الى فمك وتأخذ رشفة منه، وحينما تشربه كله ستملأه النادلة الظريفة ثانية وثالثة بكل سرور، وحينما تريد أن تأكل ساندويتش سيعرض عليك الخباز خبزته التي تشبه الغواصة لكنها بطول قدم، يشق بطنها ويحشوها بكل ما ترغب فيصبح حجمها كافياً لإشباع ثلاثة رجال بالغين.
واذا أردت شربة ماء فخير لك أن تأخذ علبة بيرة فهي أكبر وأرخص بكثير من الماء أو تشتري ليترين صودا بثمن نصف قنينة ماء، اما اذا أوجعتك أضلاعك الحميمة..
إدلف الى ذلك البيت نصف المظلم، إصعد السلم المدهون بالزعتر حيث المرأة الأربعينية التي تقف متصالبة لتبرز جمال صدرها ورقبتها وقلادتها المزيفة التي تداعبها بأصابع جميلة وقوية.
تلك الأصابع تعرف مكامن الألم بجسدك الذي أثخنته الحروب فتروح صاعدة ونازلة على جروحك وهي تدمدم- لم أر جروحاً كهذه؟
- انها لا شيء يا بولكا.. لا شيء.