احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

الراقص


وجدت نفسي في موقف لا أحسد عليه في معركة (الشلامجة)، وهي من المعارك العظيمة كما تعرفون، وأنا هنا أتحدث عنها كجندي وجد نفسه محشوراً بها رغم إرادته، لكنها يا رفاقي وأصدقائي معركة حياة أو موت، أما أن نقتلهم أو يقتلوننا لا سامح الله، فأنا لم أكن أريد أن أموت بتلك الطريقة البشعة، أعني كجندي تخلى عن سلاحة وسلم نفسه للأعداء حيث لا يعرف مصيره، أو يموت على أيدي مفارز الإعدام التي كانت تمسك الخطوط الخلفية وتطلق النار على الجنود الفارين.
ففي تلك المعركة التي يشيب بها الولدان إزداد الضرب بنا حتى أوجعنا وتفرق جنودنا بين هارب أو أسير أو قتيل أو جريح، ولم ينجو منها الكثيرون سواي وبضعة جنود مذعورين مختبأين في ملجأ محصن.
وأعزو سبب نجاتي وبقائي حياً هو الحظ ولاشيء آخر وكنت وما زلت أردد إن الله أدخرني لشيء أفضل، وإلا ما معنى أن يموت الجميع وأبقى حياً؟
الحظ وحسن التدبير تنبت للأرنب قروناً كما يقول المثل القرغيزي، فقد عمدت على أخذ ملابس وعدة قتيل إيراني ولبستها وإختلطت بهم حيث كانوا يحتفلون بالنصر وسط حلقة نار ويدخنون الأفيون المخدر ويستنشقون التنباك ويرقصون. 
كانت رقصتهم تسمى (زجيل) حيث يقومون بإرخاء طاقياتهم حتى تصل عيونهم وتغطيها بحيث لا يرون سوى أقدامهم، لكون الرقصة تحتاج التركيز على حركة الساقين والقدمين..
صفنت ساعة على رقصتهم وحركاتهم العنيفة والرشيقة فتعلمتها وسرعان ما قفزت وسطهم وراقصتهم، وكما لا يخفى عليكم فأن الرقصة رجولية تماماً حيث يضعون أيديهم حول أكتاف بعضهم البعض الآخر ويدبكون الأرض بشدة ثم ينفرد كل أثنان سوية يضربان الأرض بأقدامهم ويرقصان بعيداً عن المجموعة.
رحت أراقص أحدهم وكان مسطولاً بسبب الأفيون الذي دخنه، إنفردت به وطعنته بمديتي وقتلته للتو واللحظة، وعدت للحلقة أرقص وكلما إنفردت بجندي طعنته وقتلته حتى إنبلج الصبح، فرأيت جثثهم وهي تملأ الأرض بحيث لم يبق منهم أحد حياً، وهذا مما سهل المهمة لجيشنا وأعطاهم الفرصة لتحرير الشلامجة وعبور شط العرب دون أي مقاومة تذكر.


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق