احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

الرسائل الميتة


كلما جاءت أعياد الميلاد تظهر على السطح فرص عمل أو أعمال ليست على البال والخاطر، أعمال لا تحتاج لخبرة عظيمة، بل تحتاج الى شطارة من نوع خاص. أعني إحتيال بريء يعين ناس مثلي على الإستمرار بالحياة ودفع الفواتير المتراكمة والمؤجلة والمعدومة.
المعدومة!
نعم.. ذلك ما يقلقني ويجعل من ليلتي الحميمة هذه أشبه بالجحيم.
فتلك الديون الفتاكة والقاهرة والمؤذية تبدو للمتفكه واللامبالي والعبثي، تبدو كأنها اللعب بالبيضة والحجر وتلك لعبة خطرة لا أنصح بها، فالديون يجب أن تدفع آجلاً أم عاجلاً بغض النظر عن كيفية تحصيلها وإلا فالنتيجة تكون مؤسفة حقاً.
حينما لا تدفع، لن تجد من يؤجرك شقة أو يساعدك بدفع تذكرة الطائرة أو يدفع ثمن الرصاصات التي تخترق صماخك حينما تقرر ذلك، إنها عملية معقدة فرضها عالمنا الحديث وفرضتها المدنية الحديثة، حيث لا خيار أمامك سوى أن تدفع حتى تموت.
بالنسبة لي فأنا (دفيع) حسب الظروف والأحوال والتساهيل، فليس من السهل علي دفع فواتير التدفئة والطعام والملبس دون الحصول على عمل يدفع جيداً، يدفع بما يكفي لحفظي شبعاناً ورياناً ودافئاً.
وهذا منتهى قصدي في الحصول على عمل مجز يتيح لي دفع تلك الديون التي نظن أنها معدومة، لكنها والحق يقال ديون مقلقة لا تعدم ولا تموت ولا تفنى حالها حال المادة.
أليست هي مادة؟
لكن هنا يحق لي من أجل بعث السرور في قلب صديق أوحبيبة، أو إغاظة كبد حاقد وإتلاف أليافه أن أقول (النقود تأتي سريعاً وتذهب سريعاً) حالها حال أي شيء في عالمنا هذا، عالمنا القاسي الذي لايرحم الا من رحمه ربي وأعانه كما أعانني وأعطاني كل ما أريد 
(نوعاً ما).
حصلت على عمل موسمي، بارت تايم في مكتب البريد وهذا طبعاً بعد أن قرأت معظم أعمال سلفنا العبثي السكير (جارلز بوكاوسكي) وعرفت منه سبل فرز الرسائل وتحميلها ونقلها وتسليمها، فدخلت الى دائرة البريد ولدي بعض الخبرة الوهمية، لكن رئيس العمل وهو شخص بدين يشبه ( الفجل) بتكوينه فهو سمين جداً من الأسفل، أعني من الحزام للقدمين ونحيف من الحزام الى ما فوق ويعلو ذلك الجسد رأس بحجم البطيخة. بطيخة ناضجة، ربما لا تمنع نفسك من نطحها وتفليشها في ساعة مرح أو غضب.
رأس البطيخة أو الفجل واسمه مستر (فروستي).
الحقيقة لست أدري إن كان ذلك اسمه الحقيقي أو أنا من أعطاه ذلك الاسم فهو بمجرد أن رآني ووزني بعقله ورأى ردود فعلي قال بطبيعة فكهة- حسناً يا سبيدي.. إذهب الى قسم الرسائل الميتة؟
- كما تحب مستر فروستي.
أنا بطبيعتي الممجوجة والنزقة التي يشوبها عدم فهم ولخبطة في أداء الأعمال إفترضت أنه سيحب ذلك الاسم ويمنحني علاوة، لكن فروستي إنتفخ كالديك الرومي وإحمر وجهه وعنقه وزعق كالديك تماماً.
- يكفي هذا سبيدي. إن اسمي الحقيقي الذي سمتني به أمي هو (جنجر). إذهب الى قسم الرسائل الميتة الآن؟
حملت شخصي ببطء شديد ناحية قسم الرسائل الميتة ووقفت بتكاسل أبناء الكراوند زيرو أمام شخصين يعملان بهمة عظيمة.
في البداية لم يكادا يلحظا وجودي، لكنني حينما قدمت لهما نفسي باسم سبيدي وهو الاسم الذي أعطاني إياه جنجر تبسما ورحبا بي، فقال الشاب الأشقر الذي يشبه الحبش بتكوينه الغريب فهو عكس فروستي، جسده من الأعلى ضخم جداً ومن الأسفل نحيف جداً لذلك إخترعت له اسماً. سميته (روستر) أو هكذا ظننت قال.
- مرحباً سبيدي.
- مرحباً روستر.
ضحك الشخص الثاني باستهتار فبانت أسنانه وتورد خداه اللذان يشبهان خدود عاهرة شبعة فتبارد لذهني أن أعطيه اسم (سوزي)
قال - سبيدي..! لايبدو انه سريع الى هذه الدرجة؟
قلت- سبيدي سريع جداً وحاد جداً يا سوزي.
هناك مثل أمريكي أو إيرلندي ربما قرأته عند جويس أو فوكنر أو ربما إخترعته أنا، فأنا أنسى دائماً، المهم أن المثل يقول (سوزي أو لوسي، كلاهما بوسي). إن ذلك يبعث بقلبي المرح والعبث فأنا لست من هواة المتحولين جنسياً خاصة من يشبهون سوزي، فالأثداء الفيك والشفاه الفيك لن تجذبني ولا تحرك بي ساكناً، فأنا بالكاد أنجذب لإمرأة، ليس لكوني لا أرغب بالنساء، بل لكوني لا أثق بهن ببساطة، فتجربتي معهن تشبه تجربة صديقي (تريتر) الذي أغرم بجارته الجميلة (دونا جوانا) فجمع لها أفضل العازفين وجلس ليوم وليلتين يعزف لها أفضل أغاني (التروبادور) دون أن يحصل منها على طلة، فهي كما أخبرني.
- ليدي جوانا قحبة أصيلة.
قلت بحسن نية- تقصد أنها فرس أصيل.
- كلا.. قحبة.
قحبة ككل النساء.
أرشدني سوزي الى مكان عملي فجلست على طاولة مدورة تشبه صينية الطعام فيها تتوزع الرسائل الميتة التي لا تصل لأحد لكون مرسليها ماتوا أو رحلوا عن عالمنا هذا ولم يعد من الإمكان إيصالها لهم، ومهمتنا هي مجرد قراءتها وتقرير إعدامها وحرقها وإتلافها وتقديم تقرير بها لرأس الفجل من أجل الحصول على صك إسبوعي.
هل جانبت الحقيقة بذلك أو كذبت.
لم أجانب الحقيقة أو أكذب، لكن تلك الرسائل التي يسمونها ميته ومحروقة وتالفة لم تغادر رأسي العنيد الذي يشبه رأس البصل بتكوينه، فكل الرؤوس تشبه حقل الخضروات وإن إختلفت.
هل جانبتها أو إنحرفت عنها؟
لا اظن ذلك

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق