احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

عودة خمبابا الى غابة الأرز 3




سار خمبابا طويلا حتى خرج من ارض البهبان ، ووصل الى بلاد الناغ وتذكر وعده للفتاة التي اعطته المعطف  مقابل ان يأتي لها بتاج الملكة ، وسأل اول عابر صادفه عن قصر الملكة ..

قال العابر _ ماذا تقصد  بالقصر  ؟

_ بيت كبير فيه خدم وحشم وامرأة تصدر الاوامر ، اميرة تضع تاجاً ذهبيا على رأسها  ..

قال العابر _ ماذا تقصد ب  التاج  .. انا لم ار تاجا بحياتي ولم اسمع به ..

_ انه حلقة من الذهب والجواهر توضع على رأس الملكة ..

_ انا لم اسمع اورى تاجا بحياتي .. لكن اذا اردت ان تصل الى الملكة  بهار ، ملكة بلاد الناغ ، اذهب الى ذلك الكوخ المنعزل الدافي ، ستجد هناك موقد مشتعل وشيوخ حكماء يأتمرون بأمر امرأة جميلة ، كما سمعت ان جمالها لا يقاوم وهي من يقوم  بادارة هذه المملكة المترامية الاطراف ... لكني احذرك ... كن حكيما ولا تتحدث بما لا يعنيك ولا تسأل المستحيل ، ولا تطلب شيئا لانك لن تحصل عليه ...

في الكوخ المنعزل كان هناك شيوخ بلحى بيضاء طويلة ومسبحات طويلة ، يجلسون بتراتبية ويتحدثون بخفوت مريب ... دخل خمبابا وكأن احدا لم يلحظه .. تناول القهوة بصمت وشاغل نفسه بمراقبة الجمع المهيب ..

في تلك الاثناء دخلت الملكة  بهار  تحيط بها ثلاث جواري ، واحدة بيضاء ، والثانية سمراء والثالثة سوداء ، تطلعن في وجوه الحاضرين ووجوه الشيوخ ووجه الضيف الغريب ..

قالت البيضاء _ انظري يا سيدتي هناك غريب في الديوان ؟

قالت السمراء _ قصير ومتين ، دروعه قوية ، ذراعاه قويتان ومتينتان ، ترافقه  الوحوش وتبدو عليه سيماء الحكمة والتجربة ..

قالت السوداء _ لحيته كثة وخشنة ، تصلح لفرك النهود وتدليك الخدود ... قزم خشن يصلح لتدفئة الضلوع .. 

_ يصلح للعك والدك ..

_ ينفع في اوقات الشدة ...

_ يصلح في اوقات الفراغ ... 

قالت بهار _ اسكتوا يا بنات ... دعونا ننصت للضيف الغريب وماذا يريد ؟

جلست بهار في مكانها وتحلقت حولها البنات كالاقمار .. بينما الشيوخ مستغرقين بصمتهم العجيب ..

فجأة نطق احد الشيوخ وهو كما يبدو اكبرهم سنا وعقلا ..

قال _ من انت ايها الضيف الغريب الذي لم نر مثله من قبل ...

مر علينا الكثير من الابطال والمغامرين 

مر علينا الكثير من التجار وجوابي الافاق 

مر علينا الكثير ، لكننا لم نر مثل هيئتك ولا مثل نمرتك وفرسك  ..

من انت ايها الفارس الشاب ؟

قال خمبابا _ جدتي السندان الحديدي تقول

 ( لو كان هناك من يقرأ ويفك الحرف ، لما اصاب الانسان الجهل ) ...

 انا خمبابا حارس غابة الارز وحاميها من شرور الدخلاء والمنقبين والسراق ...

قال احد الشيوخ _ ماذا تحرس في غابة الارز .. انا كما سمعت ان لا احد يستطيع دخولها والعبور في طريقها ، لتشابك اشجارها ووعورة طرقها ... ماذا تحرس ؟

_ احرس عذريتها ... احرس بكارتها من الاعداء ...

تبسمت بهار ..

قالت الجارية البيضاء _ مع الاسف كل من يحضر هنا  يعمل حارساً  لا ادري ماذا يحرسون ؟ ... 

قالت السمراء _ كل هؤلاء الحراس من حولنا ، لكهم لم يستطيعوا منع اللصوص ..

قالت السوداء _ اللصوص في كل مكان . في كل مكان ...

_ ماذا يحرسون اذا ؟

_ يحرسون الفراغ ؟

_ يحرسون القش  يحرسون النعاج ؟

_ تفوو  تفووو ..

قالت بهار _ حسنا يا خمبابا ... لماذا اتيت الى مملكتنا ؟

قال خمبابا وهو يعدل من وضع جلسته ..

_ انا لا احرس الفراغ  احرس غابة الارز واعرف كل دروبها وانهارها وطيورها واشجارها ، لا شيء يخفى على خمبابا في تلك الغابة المخيفة ، لذلك اعطتني الالهة مفاتيحها ....

قال الشيخ _ نحن نصدق روايتك ونحترم قدومك الى ارضنا ، لكن السؤال يبقى ماذا تريد ؟...

قال خمبابا _ لا اريد اي شيء منكم سوى تاج الملكة ... 

شهق الحضور  شهق الشيوخ  شهقت الجواري ..

_ ماذا ؟  ماذا تقول ؟

_ تاج  تاج من ؟

تاج ملكة الناغ ؟

_ تاج ملكتنا ؟

خرج صوت خشن من بين الحضور ، وصل الى جميع اسماع من في مملكة الناغ ..

_ تاج الملكة بخطر ... هناك من يريد التاج ..

حصلت ضجة عظيمة ، حصل على اثرها ان  تجمع كل سكان المملكة من محاربين وصيادين وسحرة وصنايعية حول المكان ..

_ من يريد ان يسرق تاج الملكة ؟...

سنأكله ..

سنقتله ..

سنمزق جسده ..

قالت الفتاة السمراء _ انظري يا سيدتي كم يحبك الناس ؟

_ انظري كم يحبك الناس ويدافعون عن تاجك ..

انطلقت اصوات غاضبة _ تاج الملكة هو رمز لوحدتنا ...

رمز لسلطتنا ...

رمز لقوتنا ..

قالت الفتاة البيضاء _ هذا القزم ابله ، مغفل .. دعينا نضحك عليه ..

قالت السوداء _ دعينا نختبره .. دعيه ينازل المختار  ..

قالت الملكة _ المختار  يا للفكرة  استدعوا المختار ..

كان المختار فارس من جنس المردة الاشقياء ، يعيش في الجبال ولا يأكل سوى لحوم الطير الحر ، نشأ كالماعز البري ، وحيدا يتسلق الصخور ويناطح الجبل ، ضخم الجثة عظيم القرنين عظيم الخصيتين ، لم يقابل وحش او طير او انسان الا وافترسه ، في واحد من الايام التقى باله الجبال والصخور والحجارة وتناطح معه لايام ولليالي ولاسابيع حتى اوهنه وكسر قرونه ، التقى باله الرعد والعواصف فغلبه ، التقى باله المياه والبحار فانتصر عليه ، التقى باله الطبخ والقدور والطناجر فقتله ، التقى باله الازقة والدرابين والمجاري الاسنة فاركعه ... لم يتبق لا وحش ولا اله ولا انسان الا وغلبه ....

صرخ الحراس _ مختار  يا مختار ...

يا قاهر الالهة  الفرسان والمغامرين وجوابي الافاق 

الملكة بهار ، ملكتنا الجميلة تناديك ..

تعال ايها الفارس ايها الجبار ..

انزل من الجبل ...

انزل من مملكتك ...

جاء مختار وهو يزأر ويمسك بيده مطرقة ضخمة ...

دخل الى الكوخ المنعزل وهو يصرخ ...

_ سيدتي بهار .. مليكتي الغالية بماذا تأمرين ؟

حينما رآه خمبابا داخله الخوف من هيئته العظيمة ، وقرونه الضخمة  وعضلاته المفتولة التي تحاكي الصخور صلابة ...

نهضت الملكة الجميلة واقتربت من الوحش واخذت تمسد شعره وتمسح  على عضلاته النافرة وهمست باذنه ..

_ اقتل هذا القزم ، وسأنام معك ..

قفز الوحش من الفرح واهوى بمطرقته على الارض ، فاهتزت الاكواخ والاشجار واجساد الشيوخ والناس المحيطين به ...

_ ساقتله  هذا عندي اسهل من قتل ارنب ...

استعد ايها القرد  قاتل بشرف ...

خرج خمبابا من الكوخ يتبعه الناس وتشيعه نظران الفتيات بسخرية ..

انها معركة خاسرة . هكذا حث خمبابا نفسه ، حتى عشتار لا تستطيع مساعدته في مثل هذه المعركة ، واذا حدثت المواجهة فهو ميت لا محالة ...

لكن الصياد الذي بداخله لا يخطيء ابدا ، تذكر انه يحمل معه فخاخه القوية ، فأخذ بزرعها في طريق الوحش  مختار  ، زرع سبع فخاخ قوية ، بينما القوم ينظرون اليه بعجب ولا يعرفون ما يفعل ، وحينما بدأت ساعة الصفر تواجه الخصمان ، مختار يحمل مطرقته المخيفة وخمبابا يحمل فأسه والى جانبه النمرة عشتار ...

هجم الوحش ، فانفجر عليه الفخ الاول وامسك بقدمه ، انفجر عيه الثاني وامسك بقدمه الاخرى ، انفجر عليه الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع ، حتى سقط عند قدمي خمبابا وهو دون حول ولا قوة ..

رفع خمبابا فأسه واهوى به على رأس الوحش الذي ادهشته لحظة الموت ، الموت الذي لا يرحم ، فوجد نفسه يستسلم لضربات الفأس ويسلم الروح ...

صرخت بهار _ ابمثل هذه السهولة يموت مختار ؟

ويلي ياويلي 

من لنا بعد يا مختار ..

من للقرية من للجبل من للغزاة ...

بكت الفتيات الثلاث ، بكى الشيوخ ، بكت القرية ..

اما خمبابا ، اخذ جائزته وجمع فخاخه وامتطى ظهر رومي الى حيث هدفه ..








                                      *****






جدتي  كيس الطحين  تقول ..

 ( لا تخشى حية او عقربا ... اخش قزما تعملقا ) ...

 الاقزام اخذوا بالسيطرة على عالمنا ، من الصعب مقاتلة قزم .. بالنسبة لي اجد ان مقاتلة عملاق ومراوغته اسهل بكثير من مقاتلة قزم ... القزم مراوغ ، محتال ، يهرب سريعا منك يدخل في الجحور والكهوف والغرف الضيقة ، لا سبيل للامساك به وقهره ...

في احد الايام دفعني حظي العاثر  لمقاتلة قزم خطر جدا  خبيث جدا ، قزم يتقافز كالشيطان ، يقفز على الاشجار كالقرود ، يتسلق الصخور كالتيوس ، ثم يقذف بجسده المدرع ناحيتي حتى حطم عظامي ولم استطع ان اجد طريقة للتغلب عليه وايقافه عن مثل هذا العبث ..

كنت في طريقي الى ارض  الناغ  ، الى ارض الملكة بهار من اجل ان اعرض عليها خارطة الارض عسى ان احصل على بعض من هداياها وكرمها ... 

سمعت انها ملكة كريمة وجميلة ، وعذراء ايضا ... منيت نفسي ببعض الاحلام ، كأن التقي بها واعرض عليها معرفتي ، بالخرائط وعلوم البلدان وكروية الارض والبحار السبعة والاقوام البيض والسمر والسود والصفر ، ومعرفتي بالطيران والتحليق وقطع الصحارى والفيافي ، وساصحبها باناشيد التضرع للالهة توتو ، الهتي العظيمة وشفيعتي يوم الحساب ، يوم نقاد بلا حول ولا قوة الى الارض السفلى ، حيث الالهة الرهيبة ليليث التي ستسومنا العذاب ...

قطع طريقي قزم بحجم الاصبع ، يضع خوذة حديدية على رأسه ويمسك بيده سيف رفيع .. قال القزم بصوت اجش لا يتناسب مع حجمه ...

_ من انت ايها الغريب ؟ .. ومن رفيقيك العملاقين ؟ الى اين ذاهب ؟  لا احد يمر في هذه الارض ، الملكة بهار شديدة الحزن هذه الايام ، خاصة بعد مقتل البطل المختار   لا نريد لاي مغامر او سائح او جواب آفاق يمر بأرضنا ...

كان الى يميني البعير  حاتم  والى يساري الطائر  كوكو  ...

قال حاتم _ اسمع ايها القزم ؟ .... 

اسمع يا قصير  اسمع يا ضئيل ...

اليك اتحدث  اسمعي يا بهار ..

قال الكوكو _ هدوء رجاءا ...

هدوء ....

هدوء .....

قال القزم _ لم تحدث اية ضجة بعد  انا هاديء جداً ..

الا اذا حاولتم اصدار ضجة ؟

قال حاتم _ نحن نحمل للملكة بهار ، بشرى سارة ..

قال القزم وهو يقفز برشاقة فوق الاشجار

 _ بشرى ..

بشرى سارة ...

بهار حزينة جدا ..

ماذا عندكم من بشرى  قولوا لي  اية بشرى ؟

قلت _ عندنا خرائط ممهورة بتوقيع الالهة  توتو  ..

قال القزم وهو يقفز برشاقة من الشجرة حتى استقر على الارض الى جانبي ..

_ ناولني الخارطة  اعطني اياها ..

انا من سيأخذها الى الملكة ..

قال حاتم _ لا تعطها اياه ..

قال الكوكو _ احذر انه قزم خبيث ...

خبيث وماكر ...

حاقد ..

_ ماذا تقول  اعد علي ما قلت  لم اسمعك ؟

امتشق القزم سيفه وهجم على الكوكو وهو يحاول طعنه ..

_ خذها من القزم الخطير ...

طعنة نجلاء ، لا ينجو منها الخبير ..

انطلق القزم سريعا كالقدر المحتوم ناحية الطائر ، لكن الطائر دفعه بعيدا بجناحه العظيم ، فتعلق القزم بغصن شجرة وهو يقهقه ...

_ حركة رشيقة ...

حركة ظريفة ، لكنها لن تنال مني لن تمسني قيد شعرة ...

قال حاتم وهو يتمتم _ آه آه  لو ان احدا يمسكه ، لبركت عليه وخنقته الى الابد ..

التفت الي وقال _ حاول ان تفعل شيئاً ؟

قلت _ ماذا تريدني ان افعل ؟ 

هذا القزم سريع جداً .. 

خفيف كالريشة . سريع كالطائر ..

لو استطعت امساكه ، لفركته بين اصابعي ..

لو قبضت عليه لخنقته بين افخاذي ..

قفز القزم بين الاغصان وصعد فوق ظهر البعير حاتم واخذ يسوطه بسيفه دون رحمة ، والبعير يصرخ ويستغيث ..

_ انقذوني  انقذوني ...

ثم قفز على ظهر الكوكو وغرز سيفه بين ريشه وهو يصرخ بسادية ...

_ هل تظن انك قوي وجبار لكونك ضخم الجثة ..

لا يا حبيبي  لا يا طائري ..

انت مجرد وحش لا حول ولا قوة لك الان ..

انا اسوقك كما اسوق واحدا من حميري ..

اجري ايها الحمار ...

طر ايها الحمار ذو الريش ..

صرخ الكوكو طالبا الرحمة ...

_ آه  آه افعل شيئا ً .. تحرك ...

هذا القزم الشرير يريد قتلي ...

قفز القزم من على ظهر الطائر وواجهني هذه المرة وهو يقهقه ..

_ هل رأيت ايها الانسان الطويل والضخم ، ما استطيع فعله ...

استطيع قتلك او جرحك ، دون ان تستطيع فعل اي شيء ..

دون ان تقاوم ...

الان اعطني الخارطة ...

اعطني اسلحتك وفراءك وطعامك وجلودك ..

قلت _ ان هذا غير ممكن ايها القزم ...

لن تحصل على شيء الا على جثتي ...

صفر القزم ، فظهر من بين الاغصان عشرات الاقزام الذين يشبهونه واحاطوا بنا وهم يتضاحكون بطريقة شريرة ..

_ يا للحم الكثير  يا للعظام اللذيذة ...

سنأكلهم هذه الليلة ...

سنتعشى بهم ..

قال قزم وهو يشحذ سكاكينه _ تعالوا يا احبتي ..

تعالوا الى عمكم القصير ..

عمكم جائع ..

قال قزم آخر _ حضروا القدور جهزوا الطناجر ...

اشعلوا النار ..

انفخوا بالجمر ...

_ اففففففف ..

انفخوا ؟

اففففففففففففففففففففففف ....

تعال يابعير ، القي جسدك بالطنجرة ...

تعال ياكوكو ...

انزل في القدر ...

القدر دافيء .. 

تعال خذ حمام تعال استحم ..

يا وسخ  يا قذر ..

تعال تمتع بالدفء ...

_ تعال يا انسان  سنطبخك برأفة ...

سنرش عليك الملح حتى لا يتفسخ جسدك ...

سنطيبك بالكاري والبطنج والفلفل الاسود والفلفل الحار ..

سنصنع منك مرقة ..

_ مرقة  مرقة ...

تعيش المرقة ..

_ تعيش ...

_ تعيش المرقة ... تعيش ...

احضر الاقزام حبالا طويلة وقيدونا بها ......








                                     ******







قال الببغاء مخاطبا خمبابا _ ايها الاحمق المغفل لا تشرب كثيرا  ستسكر ، حينها سيأكلنا الوحش ولن يسمع بخبرنا أحد ، لن يكتب قصتنا احد  ستختفي شخصيتك من الملحمة ، ستكون بخبر كان . اسمعني  خذ هذا المسحوق وضعه بشراب الوحش ، انه مسحوق منوم ، وحينما ينام الوحش سنجز رقبته ونبحث في الخزانة عن الخارطة التي ستقودنا الى الخارج ...

قال خمبابا وقد تعتعه السكر _ يا خارطة  يا  يا خارطة ؟

_ سكر ابن القحبة  نحن في ورطة ..

قال الوحش _ ما الامر اشم رائحة مؤامرة ؟

تقدم منه الببغاء وقال _ كلا يا سيدي  ليست هناك مؤامرة لا مؤامرة على الاطلاق ، نحن قلقون على كمية الشرب فقط ... نريد ان نسكر  نسكر، هل عندك المزيد من الخمر ؟

_ بالطبع عندي ما يكفي لطرح الفيل ارضاً ..

قال سيما _ اعطني المزيد  يا للشراب القوي  الجدران تدور بي ...

قال الكوكو _ تعبان اريد ان انام ..

قال الوحش _ تعال يا حبيبي نم في فراشي ..

تمتم الببغاء _ ساعدني يا انليل .. ساعدني على النجاة ...

حمل الوحش الطائر المخمور الى الفراش فاستغل الببغاء الفرصة وسكب المسحوق في كأسه وهو يردد ..

من اجلك يا انليل سأحرق البخور 

سأحرق علكة المصطكي 

سأشعل الافاوية والترياق والتنباك 

من اجلك سادخن الافيون 

ساعدني يا اله الدخان ...

قال خمبابا _ يا للخمرة ... يا للنبيذ ..

ما للجدران تدور بي ؟

ما للارض تميد ؟

قال الوحش _ لا تقلقوا عندي المزيد ..

اشربوا  اسكروا ...

كرع الوحش الكأس الذي يحوي المسحوق ، على الفور ابيضت عيناه وشعر بالرغبة في النوم ، زحف الى فراشه واحتضن الكوكو ونام الى جانبه ..

بدم بارد استل الببغاء خنجره وقطع رقبة الوحش ...

ثم ذهب الى الخزانة واخرج ما فيها من خرائط ... خرائط كثيرة توصل الى كل الاماكن ، الى اي مكان يخطر على البال ، الى مايحيط بنا ، الى ارض البدو الطوال ، الى ارض البهبهان الى ارض لا احد الى الارض المحروقة حيث توجد النبتة المزعومة التي تشفي من البصاق ، لكن ليست هناك خارطة تؤدي الى الخروج من ذلك النفق ، الدهليز ، المغارة التي وقع بها مع اصدقائه السكارى ...

في صباح اليوم التالي افاق الرفاق من سكرتهم ، اول من نفض رأسه  سيما صرخ وهو يئن _ رأسي  رأسي سينفجر يا للصداع الرهيب ..

يا للالم القاتل ..

من يعطيني قرص اسبرين مقابل كل ذهب الدنيا ..

افاق خمبابا وهو يتطلع بالمكان بغرابة ، ثم صفع جبهته بقوة وقال ..

_ توتو  يا آلهتي الرحيمة ...

اين انا ؟

هل مازلت في نفس المغارة ؟

هل مازلت تحت رحمة  محفوظ ؟

ساعديني يا توتو .. ساعديني ايتها الرحيمة ...

ثم نظر في ارجاء المكان ، ووقع بصره على رقبة الوحش المقطوعة ، ثم الى الببغاء ، ثم الى سيما ..

قال _ من ارتكب هذه الجريمة البشعة .. من قطع رأس الغول ؟

هز الببغاء رأسه _ انا ..

_ قطعت رأسه  رأس الدليل الذي سيقودنا  قطعت رأس الحكيم ...

ماذا سنفعل الان كيف سنخرج من هذا المكان .

قال سيما _ تضرع لالهتك المحبوبة  الهتك الجميلة عسى ان تخرجنا من هذا المكان ..

قال البعير _ لا فائدة ، لا فائدة ... 

_ انها النهاية ..

_ نهايتنا ..

بكى سيما ، بكى البعير ، بكى خمبابا ...

سنتعفن هنا سنموت ...

قال خمبابا وهو ينزع فرائه ودروعه وملابسه حتى غدا عاريا ..

_ توتو  ساعديني يا شفيعتي  الطائر الاحمق ذبح الوحش ..

الوحش الذي يمتلك سر المغارة ..

الوحش الذي يمتلك سر الخروج ..

توتو  ما عسانا فاعلين دون وحش يدلنا على الطريق ..

ما عسانا نفعل دون دليل ..

قال الببغاء _ اسمع يا ابن القحبة ؟

اسمعوا يا خاسرين ..

لولاي لتعشى بكم الوحش الجبار ...

لولاي لما رأى منكم احد هذا الصباح ...

اسمع يا خمبابا ، بحثت في الخزانة وبحثت في الخرائط ، لا سبيل للخروج من هذا المكان ، المكان معقد وغير منتهي ، المكان عبارة عن متاهة وعلينا ان نبحث عن حل ، عن ممر يقودنا الى الخارج ، لا وقت للنحيب ، لا وقت للبكاء ..

في تلك الاثناء كانت الالهة توتو تنصت للحوار بين الاصدقاء ... 

نزلت من السماء الثانية الى السماء الاولى ثم الى الارض ، الى المغارة وتجسدت امامهم بهيئة بشرية ، بهيئة تاجر جلود ...

قالت _ جلود  جلود من يبيع  الجلود ؟

جلود ، جلود مقابل الذهب والفضة ..

هل عندكم جلود للبيع ؟

قال الببغاء _ نعم  نعم  عندنا الكثير ..

اشار الى الوحش المقطوع الرأس ...

ان جلده خشن جدا  لا تخترقه السهام ، لا تقطعه الفؤوس ..

جلده يصلح للتدفئة للدروع ...

ليس لمثل جلده مثيل ..

قالت توتو _ سيتعفن جلد هذا الوحش مع مرور الوقت ، عليكم بسلخه وتنظيفه ورفع الشعر منه ليبدو في احسن حالته ...

اشتغلوا  نظفوا الجلد ...

تعاون الرفاق على سلخ الجلد وتنظيفه وتلميعه ... يا للعجب ، اثناء تنظيف جلد الوحش ظهرت عليه خارطة . خارطة فريدة ودقيقة تشير الى المنفذ ، من باب القاعة الى المخرج من المغارة ..

قال الببغاء _ انها تشبه الخارطة ..

قال سيما _ تبدو كخارطة ...

التفت ناحية التاجر وقال _ لا جلود لدينا للبيع ..

قالت توتو _ انا لست مستعجلة  يمكنكم ان تبيعوني الجلد حينما تخرجون من هذا المكان ... انتم لا تعرفون من قتلتم ..

_ انه محفوظ.. الوحش السكير ..

قالت توتو _ نعم انه محفوظ ... لا ادري كيف قتلتم محفوظ ؟ 

ليس لبني البشر قدرة على ذبح محفوظ ، صنيعة الالهة وفخرها وسرها ..

قال الببغاء _ انا لست انسان .. انا من ذبح محفوظ ..

تبسمت الالهة توتو وقالت _ سأجزل لكم العطاء من اجل جلده ...

قال خمبابا _ لا حاجة لك بدفع اي شيء لنا ايتها الجميلة ..

لا حاجة بك لقول اي شيء  الجلد لك  نحن نهبه اياك دون مقابل ..

_ دون مقابل ؟ قال الطائر ..

_ دون مقابل ... هل فقدت عقلك ايها القزم ؟ قال سيما ..

قال خمبابا _ هذا قراري الاخير انه مجرد نذر نذرته على نفسي ... لا كلام ، لا اعتراض  انا من يقرر هنا ..

التفت خمبابا الى توتو وقال _ هذا الجلد العظيم  مقابل قبلة .. قبلة واحدة ..

تبسمت توتو  وضيقت شفتيها استعدادا للقبلة ..

قرب خمبابا فمه من شفتيها واختطف قبلة ، جعلته يركض كالمجنون ناحية المخرج يتبعه رفيقاه وهما يتضاحكان ...







                                *****




استيقظ طويل باشا فزعاً على قرع عنيف على الباب ...

قال _ من هناك ؟

قفز الديك من فراشه مذعورا وركض ناحية الباب واخذ ينظر من ثقب الباب ، ثم عاد وهو يرتجف ..

_ انهم شرطة  شرطة ... ؟

ماذا فعلت يا طويل ؟ هل قتلت احدا ؟ هل خنقت احدا ووضعته في قواريرك السحرية  المخيفة  ماذا فعلت يا طويل اعترف اعترف ؟

_ لم افعل شيئاً ..

_ اعترف .. ؟

تناول الديك عصا غليظة وانهال بها على جسد طويل ...

_ اعترف ايها الاحمق ، قل لي ماذا فعلت من قتلت ؟

تناول الفانوس من على الرف وقربه من وجه طويل  وصرخ 

_ اعترف احسن لك ، من البهذلة في دوائر الامن والسجون والتعذيب والاهانة والترحيل من سجن الى آخر؟ دون ان يسمع بخبرك احد  قل لي من قتلت  الى اي حزب تنتمي  حزب الخضر ، الحمر ، الصفر ، السود اعترف ؟

ازداد الطرق على الباب بخشونة اكثر ..

ركض الديك ناحية الباب نظر من الثقب ،  ثم عاد ثانية وانهال بالضرب على طويل  والرجل يبكي ويولول

 _ لم فعل شيئا يا مسرور ، انت تعرف كم انا جبان ومسالم ، لا استطيع ايذاء نملة  اذهب يا مسرور وقل لهم اني بريء ..

_ اعترف احسن لك قل لي من قتلت ليلة البارحة ؟

هل قتلت شرطي ؟

هل قتلته ؟

قاتل  قاتل مجرم  سفاح  الشرطة في خدمة الشعب ...

لقد اعترف ..

تناول ورقة وريشة وأخذ يكتب ...

ركض ناحية الباب وفتحه وهو يمسك ورقة الاعتراف ..

كان في الباب مجموعة من الحرس مدججين بالاسلحة حتى اسنانهم ، يقودهم ضفدع ذو جسد رياضي ويرتدي ملابس رياضية وحذاء خفيف  و يتحرك بميوعة لا تتناسب مع جسده الرياضي وعضلاته المفتولة .. يدعونه  سبورتي  ..

قال سبورتي _ اين عمك ؟

قال الديك _ انه ليس عمي ليس عمي اقصد كان عمي فيما مضى لكنه الان المرحوم عمي ، يرحمه الله  الخائن ، القاتل بائع اسرار الوطن ... 

قال سبورتي _ لا يهم ، لا يهم  انه ليس شأني ، لا شأن لي بالوطن للوطن رب يحميه  ما اسمك يا حلوي ؟

ارتبك الديك قليلا لكنه اصر على موقفه

 _ طويل اعترف على نفسه ..

انه القاتل والجاسوس وبائع اسرار الوطن  سأشنقه بنفسي على تلك الشجرة  غدا عند الفجر سترونه معلقا على تلك الشجرة  لا تقلق سبورتي  اذهب الى بيتك ونم ، غدا ستجده يتأرجح على تلك الشجرة  انا من سيأخذ بثأر الوطن ويذوذ عن حياظه 

نغزه سبورتي بعصاه على خاصرته 

_ قل لي ما اسمك يا حلوي ؟

_ انا مسرور ..

_ مسرور، مسرور بماذا  ولماذا ؟ هل هناك شيء يستحق السرور في مثل هذا العالم ؟ قل لي يا مسرور ، بم انت مسرور ؟

_ لا شيء يا سيدي  لا شيء ، انا جدا حزين ومتألم وخائب ، لكني متعاون جدا ، خاصة حينما يتعلق الامر بأمن وسلامة الوطن ..

_ اين طويل افندي ؟

_ اعترف يا سيدي مباشرة وهذه اقواله ؟

ناوله الورقة التي دون عليها اقوال طويل ..

اخذ سبورتي يقرأ وعلى شفتيه ابتسامة ..

قتل شرطي مسكين ليلة امس ، جرح ثلاثة عسس يقومون بواجبهم ، كسر ارجل مختار المحلة ، قفز على سطح قصر  لولو عكو  وناك جاريتها  لولو ججو  ، ثم دخل الى مخدع الطفل الصغير البريء المطيع  فلفل   ولقنه دروس في الدعارة وقذف المحصنات ، المسكين  فلفل  تعلم العديد من المفردات الجديدة ، المفردات الداعرة .. تعلم ان يتفوه بكلمات مثل

 ( لولو ججو  لديها مؤخرة ... لولو ججو لديها اثداء ... لولو ججو دعيني ارضعهما ) ...

 تعلم الكثير الذي لا استطيع البوح به ،  يا الهي انا من سيشنقه هذه الليلة  انا من سيقطع رقبته ؟

_ هذا لا يهم  لا يهم  اجاب سبورتي بهدوء ..

 كلنا نفعل هذا في بعض الاحيان ، ليس انا بالطبع ، لكن هناك من يفعله طيلة الوقت بالطبع ، وطويل افندي لا يختلف كثيرا عنا  بالطبع ... 

صمت لبرهة وقال ..

قل له ان يلبس احسن ملابسه ويأتي معي .. بالطبع ...

قال الديك _ هل تقصد انه لن يعدم ؟

_ ليس الليلة  ربما غدا  بالطبع ...

ابتسم الديك ثم ضحك بطريقة شريرة وقال ..

_ الى اين ستأخذه ؟

_ البهبهان يريد رؤيته والتشاور معه ..

البهبهان يريد التشاور مع طويل باشا  الاحمق ؟  بهبهاننا العظيم الحكيم الذي لا يشاور احدا ولا يتحدث مع احد ، يريد التشاور مع طويل . يا له من زمن ضاعت به بكل المقاييس  الاجدر بالبهبهان ان يشاورني انا وليس ذلك الاحمق الدجال ..

قال سبورتي بحدة _ اخرس يا مسرور لا ادري بماذا ؟ بالطبع انجب يا زعرور امشي  اجلب لي طويل باشا افندي ... بالطبع ...

ركض الديك ناحية طويل وقال بحدة _ لولاي  لولا حكمتي ورجاحة عقلي وحسن تصرفي لكنت الان في خبر كان ... 

قال طويل وهو يرتجف _ ماذا يريد الحرس مني ؟

قهقه الديك _ كانوا يريدون رأسك الفارغ  رأسك العفن ... حمدا للالهة استمعوا الي والا لكنت الان تحت رحمة ( الكيبلات ) والصوندات حتى تعترف بكل ما فعلته وما لم تفعله بحياتك  اشكرني يا طويل  اشكر لساني الحاذق وحسن تصرفي  اشكرني يا طويل بلا فائدة ويا حكيم بلا حكمة ..

اذهب الان وارتدي ملابس تليق بمقابلة البهبان ؟

امش يا اطرش ..

_ حاضر  حاضر ،  لكن ماذا يريدون مني ؟

_ امشي  لا تسأل ، نفذ ثم ناقش ..

توجه طويل ناحية خزانة ملابسه ولبس ثوب طويل وصاية وعقال ويشماغ وحذاء جلدي يخطف البصر من شدة لمعانه وخرج وهو يرتعش من الخوف ...

 وقف امام الديك كتلميذ مدرسة وقال ..

_ كيف ابدو الان ؟

_ لا بأس  قال الديك 

 امشي فضحتني بخوفك وهلعك امشي ؟

مشى طويل ناحية سبورتي وهو يتعثر ...

قال وهو يستجمع شجاعته _ انا جاهز ..

نظر سبورتي الى طويل وصفر _ يا للحلاوة  يا للجهامة  يا للطول الفارع ..

تحرك سبورتي برشاقة والتصق بطويل وقال _ كم طولك ؟

_ متران وشوية ؟

_ متران وبضعة سنتمترات ؟  اقصد كم طوله بالطبع ؟

_ لم افهم ؟

قال الديك _ اثنعش ...

انزلق سبورتي ناحية الديك وقال _ انت تعجبني  تعجبني كثيراً  قل لي المزيد انت حكيم ، تعجبني حكمتك اخبرني المزيد  صفه لي بكلمات قليلة ؟ انا لا احب الاستطراد والتفخيم والتطويل الذي لا مبرر له  انظر ؟  نحن ننفق معظم طاقتنا اللغوية بالحديث ووصف الاشياء التافهة ، الان صفه لي بكلمات قليلة ؟

_ انه اسود وطويل وكثير الحركة وقاك الله شره ..

_ هل تقصد انه عدواني  ..

_ جدا  جدا .
_
قل لي هل هو مشبوه  يأتي بحركات غريبة  له اتصالات مشبوهة ..

_ كل اتصالاته مشبوهة  اسأل حمزية الخبازة ، وحمدية ام حميرة وشاهيناز ام الشناشيل  اسأل فلفل المسكين ؟ 

_ هل هو شاذ ؟

قال الديك _ انه رب الشذوذ والموبقات ...

_ اشرح لي ؟

_ ماذا تريدني ان اقول لا استطيع  اخجل ...

_ لا تخجل ؟

اقترب الديك من سبورتي وهمس بأذنه ..

انه يا سيدي من اخترع الوضعية السابعة في الجنس  خطير .. خطير جداً ..

قال سبورتي وهو يرفع حاجبيه _ الوضعية السابعة .. ماهي بالطبع ؟

_ خطيرة جداً  لا انصحك بتجربتها عواقبها غير مأمونة .. 

_ هل جربتها ؟

_ استغفر الله  دجاجتي اصبحت عجوزا لا تقدر على مثل تلك الافعال الخسيسة ، لكن طويل يفعلها كل ليلة مع ضحاياه  لاشيء يروي ضمأه شبق ،  شبق كالعصفور  اعدمه يا سيدي وخلص البشرية منه ...

اقترب سبورتي من طويل ووضع ذراعه على كتفه وقال  وهو يبتسم

 _ امشي يا طويل  امشي  الان عرفت من انت ؟

قال طويل _ من انا ؟

_ لا تراوغ  لا تتحجج عرفتك يا لعوب  يا متهتك يا سرسري بالطبع ...

نغزه بظهره وقال _ امشي امشي ..

مشى طويل باشا افندي يرافقه الديك والحرس يحيطان  بها من كل مكان ، بينما سبورتي يتقافز فرحا امامهم وهو يلاعب عصاه بطريقة عدوانية ، حتى وصلوا الى قصر البهبان ، وهو قصر عظيم بقباب عظيمة وبحيرات وانهار وصالات وغرف 

وخدم وحشم ... 

عند بابا القصر كان البهبهان بشحمه ولحمه ينتظر عند الباب برفقة زوجته الضفدعة الجميلة  لولو عكو  ..

قال سبورتي بصوت مائع _ بهبهان  يا بهبهان  يا سيد الانس والجان ..

اجاب الحرس بصوت واحد _ بهبهبان مليكنا ..

بهبهان عظيمنا ..

من اجله نعمل ونقاتل ونقتل ..

من اجله نسن الحراب ونشحذ السيوف ..

قلاعنا وملاجئنا وخنادقنا وحفرنا 

نساؤنا واطفالنا له فداء 

قال سبورتي _ اسمعوا .. اسمعوا ...

اول ما نبتديء ونقول ...

اجاب الحرس بصوت واحد _ الف تحية للبهبهول ..

الف هلهولة للغول 

الف تحية  للمهول 

بهبهانا البهبهان ...

قال سبورتي _ نامي يا حقول .. نامي يا سنابل 

زغردي يا عذارى ... 

اضحكن يا ارامل ، اطحن يا عزباوات 

اخبزن يا عجائز 

بهبهانا بهبهان ...

قال البهبهان بصرامة دون ان ينظر لهم

 _ كفى .. كفى .. لا اريد ان اسمع المزيد من هذا الهراء  هل جلبتم الحكيم ؟

قال سبورتي _ تقدم يا طويل باشا افندي ...

تقدم طويل وهو يرتجف من الخوف والى جانبه التصق الديك  وقالا بصوت واحد  ..

_ انا تحت امرك يا سيدي البهبهان يا ملك الانس والجان ..

اكمل الديك _ والضفادع والضفدعات ايضاً  يا معتوه  هل نسيت الضفدعات الضفدعات الجميلات كسيدتي الفاتنة  لولو عكو  ...

تبسمت لولو عكو وقالت _ يعجبني كلام الديك الذهبي هذا  قل المزيد  امدحني انا احب المديح ، تملق لي  انا احب المتملقين ..

دست لولو عكو اصابعها بحمالة ثدييها واخرجت قطعة ذهبية ورمتها الى الديك ..

صرخ الديك وهو يلتقط القطعة _ لو كان لي الف لسان لما استطعت وصف جمالك .. لو كنت احيقار ذاته لما ادركت حكمتك ، لو وقفت عشتار الى جانبك لخجلت وتركت لك عرش الجمال ، يا جميلة دون الحاجة لمكياج والفاتنة دون الحاجة لحمالة اثداء والمثيرة دون الحاجة لاطفاء النور حينما ينزو عليها البهبهان ....

اهتزت لولو عكو من الفرح وقالت _ عجيب كيف عرفت هذا ، هل دخلت الى مخدعي دون ان ادري وتطلعت بجسدي  هل كنت تنظر لي وانا استحم عارية ؟

التفتت الى البهبها وقالت بغنج .

بوبو  انه يعرف جسدي افضل منك .. 

قال البهبهان _ من منكم الطبيب والحكيم وعالم الاعشاب واستاذ فن التحول ؟ ...

قال الديك _ انا  انا ...

انظر الي يا سيدي  انظر الى فعلي واحكم ...

سأحول هذا الطويل  الى معزة  بقرة  كديش  اي شيء تريد ؟..

قالت لولو عكو _ حوله الى مقعد كرسي  نجلس عليه ..

قال الديك _ هل تريدينه كرسي خشبي  مقعد مغلف بجلود التماسيح  جلود الافاعي .. جلود البشر ..

_ حوله الى مقعد  من جلود الغيلان ...

_ لك ما تريدين ...

اخرج الديك مسحوق سرقه من المختبر ورشه على طويل افندي ، تحول طويل الى نخلة طويلة  نخلة عجفاء بلا ثمر ..

قالت لولو عكو _ اين الكرسي ؟

تطلع الديك بالنخلة الطويلة وقال _ النخلة خشب ومنها نصنع الكراسي ، بين اغصانها افاعي وغيلان .. ما نحتاجه هو النجار . انا النجار ...

اخرج منشارا واخذ يقطع الجذع ..

صرخ طويل _ ستقتلني يا ابن الفاعلة آه آه ...

_ الى الجحيم ...

اخذ يقطع ويقطع وطويل يصرخ من الالم ...

قالت لولو عكو _ ما بال النخلة تصرخ  النخلة لا تتألم  لاتبكي ..

_ لا عليك يا سيدتي  ستحصلين على الكرسي في النهاية ..

_ متى ؟

_ حالا ...

اخذ يقطع ويقطع حتى حصل على مقعد قبيح النظر غير مريح تبرز منه النتوءات من كل مكان  وقدمه للضفدعة ..

_ تفضلي يا سيدتي  اجلسي  جربيه ...

جلست عليه وهي تحرك عجيزتها الضخمة وقالت _ انه غير مريح ؟

قال الديك _ ستعتادينه يا سيدتي  ستعتادينه  يحتاج الى بعض الوقت والتمرين 

تحتاجين الى مؤخرة سمينة تقيك قساوته  دعيني ارى مؤخرتك ؟

اقترب من الضفدعة وامسك مؤخرتها وطبطب عليها ...

_ ما شاء الله  ما شاء الله . عجينة  رجراجة  عظيمة ...

صرخت لولو عكو _ ماذا تفعل ؟ 

قال سبورتي وهو يحاول ان لا يقهقه _ احترس انت تتجاوز حدودك ؟

قال الديك _ لا غبار على مؤخرتها  انها سمينة ومتينة  تصلح للقيام والقعود ، تصلح للجلوس على كل انواع الكراسي والمقاعد والمصطبات ..

_ عديم الحياء  سافل  منحط  زقاقي  دربوني ...

حرس  يا حراس  اقبضوا على الدجال ذو اللسان الطويل ...

اشهر الحراس اسلحتهم وهجموا على الديك  اخذ الديك يتقافز في ارجاء المكان وهو يحاول الافلات منهم ، وحينما لم يجد مخرجاً  اخرج مسحوق سحري ورشه على جسده فتحول الى كومة قطن لا حراك فيها . غرس الحرس رماحهم وسيوفهم فيها دون جدوى ..

قال البهبهان _ ما هذا الخراءسبورتي  اين طويل افندي ؟

قال طويل من جوف المقعد _ تحت امرك يا سيدي ؟

_ اخرج يا طويل  ليس لدي وقت لمثل هذا الهراء  تعال يا طويل ...

من المقعد انبثق طويل وخرج وهو بكامل اناقته ، الصاية الطويلة والبشت والحذاء الجلدي اللماع ..

صرخ سبورتي _ انه سيرك  سيرك حقيقي ... 

يا حراس تحفظوا على كومة القطن  لا تدعوها تتحرك او تتحول ..

اطلقوا النار عند اقل حركة ...

احاط الحراس بكومة القطن ..

قالت كومة القطن _ الله حي  الله حي ...

_ اخرس يا مسرور نحن نعرف انك هناك .. بالطبع ...

الله حي  الله حي ...







                                ****** 






فرش خمبابا الخرائط على الارض وقال ..

_ امامنا عشرون ساعة مضاعفة من الركض حتى نصل الى الارض المحروقة ، ومئة ساعة مضاعفة حتى نصل الى حيث توجد الجدة الكريمة  ام الطحين  ..

ركض الرفاق الثلاثة باقصى سرعتهم ، مشوا عشرون ساعة مضاعفة ،حتى وصلوا الى الارض المحروقة وهي ارض براكين صغيرة ، عشرات البراكين التي حولت المكان الى ارض جحيمية لا ينبت بها شيء سوى نبتة صفراء خشنة تتغذى على رائحة الدخان وشرر النار ..

قطع خمبابا واحدة من تلك الازهار ووضعها في واحدة من حقائبه ..

قال _ هذه الزهرة من اجل التاجر الاجرب ..

قال الببغاء وهو يجمع الكثير من الزهور ويدسها بجيوبه .

_ هنالك الكثيرين يحتاجون لها ، يدفعون مقابلها ذهباً ..

قال سيما _ هذا ما يهمك ، الذهب ؟

_ طبعا ، الذهب ، هل تريدني ان اهتم بالزهور والعطور ؟

قال خمبابا وهو ينظر الى البراكين الهائجة _ لنخرج من هذا المكان الجحيمي قبل ان ينفجر علينا ويقتلنا ..

ركض الرفاق ساروا عشرون ساعة مضاعفة اخرى حتى وصلوا الى كوخ منعزل تنبعث منه رائحة خبز طازج ..

قال سيما وهو يحاول التقاط انفاسه _ آمل اننا وصلنا ..

قال الببغاء _ لا يهم  لا يهم ... هذا مكان دافيء نستطيع ان نأكل وننام حتى نستعيد قوتنا ونشاطنا ...

قال خمبابا _ لا ندري من بالداخل  لا نعرف ماذا سيخرج لنا ؟

خذوا حذركم  ببغاء اطرق الباب ونحن سننتظر هنا ؟

قال الببغاء وهو يبتسم ابتسامة لا معنى له _ لماذا انا ؟

انها مهمتك ومطلبك انا مجرد فضولي ...

اذهب انت واطرق الباب وانا سأحمي ظهرك ...

قال سيما وهو يلوي عنقه _ انه على حق  اذهب انت ...

قال خمبابا _ هكذا اذا انتم تعرفون جيدا ، اذا حدث لي مكروه لن تستطيعوا النجاة لوحدكم  ستموتون هنا في الصحراء ؟؟

قال الببغاء _ انا طائر  استطيع الطيران الى اي مكان ..

قال سيما _ انا فأر استطيع ان اندس في اية حفرة الى ان اجد مخرجاً ..

_ هكذا .. بمثل هذه البساطة تجبنان ؟

_ لا ندري ماذا في الداخل ؟

_ ربما وحش ، ذئب ، كلب مفترس ، تنين ...

_ ربما تنين ...

_ ربما الجدة العجوز ...

_ ربما لا احد  لا احد ؟

_ لكن هناك رائحة خبز طازج  شخص ما عجنه وخبزه  شخص يريد ان يتعشى وينام  انا متأكد انها الجدة ام الطحين ...

_ السعلوة !!!

_ انا لا اثق بالسعالي ، السعالي مخيفة  شريرة ... 

_ عدوانية  تمزج عجينها بدماء الطيور والفيران والبشر ...

قال خمبابا _ حسنا كفى هراء  سأذهب انا ...

كان في داخل الكوخ  هدهد  صحراوي ملون بالوان رمادية وسوداء ومبقع ببقع صفراء باهتة ، اسمه  خوخة ، يعيش وحيداً في الصحراء في ذلك الكوخ بعيدا عن اعين البشر والطيور الاخرى ...

قال خوخة محدثاً نفسه _ شكرا للالهة  كل الشكر للارباب التي ساعدتني على الاهتداء الى هذا المكان المنعزل الهادي المسالم ، هنا استطيع ان اصرخ وابكي واضحك واضرط كما يحلوا لي  لن يسمعني احد ولن يتدخل بشؤوني احد  لن يطالبني احد بجلب الاخبار . الاخبار  آه يا ربي  كم اكره ان اجلب الاخبار للاخرين  ابلاغهم بما يحدث من حولهم وكأنني وكالة انباء  خوخة  ماذا سمعت ؟  خوخة ماذا رأيت يا خوخة . كن مثل جدك العظيم حين جاء  من سبأ بنبأ  يا الهي يا رب الهداهد والجواسيس ، يارب النمامين والقوالين ، انا اختلف  اختلف  لست مثل ( جئتكم من سبأ بنبأ ) لا اريد ان اكون مثله ، في مثل وقتنا هذا اي مغفل اطرش يستطيع ان يعرف كل ما يدور من حولنا ، كلهم مخبرين متطوعين ، كلهم وكالة انباء  هل سمعت بما حدث ليلة امس ؟  خمبابا القزم فجر فندق السلوكيين الهادي وقتل الكبش عبد الجبار ... قتل الكبش الجبار ذو القرون الهائلين ؟ كيف حدث ذلك ؟ وماذا عن العمال والسفرجية ؟  ماذا عن سوسو ؟  الا تعرف ؟  قتلت ايضا مع جمجم افندي وافندينا كبير قواد البهبهان  كلهم ماتوا  الى الجحيم  لن يبكي عليهم احد .. 

ماذا عن مومو ججو ؟  الا تعرف ؟

 ناكها المراهق  فلفل  ...

يارب الصقور  من فلفل ؟ 

فلفل ابن البهبهان من القردة  اسمهان 

يا اله العقارب ، اسمهان المشهورة بعظمة جمالها وثدييها ومؤخرتها ..

كما تعلم ان سيدنا البهبهان يحب الاشياء الفاخرة الكبيرة المتلاطمة  ابن القحبة  كل الاشياء الثمينة واللذيذة له ، له وحده  ، كم اتمنى لو اصبحت بهبهانا لليلة واحدة  

ماذا ستفعل ؟ 

 ياا له الذئاب والضباع والاسود ، سأولغ باللحم ؟  اللحوم ، البيضاء والسمراء والسوداء  ، حدثني قل لي  ؟  ماذا عن لولو عكو ، هاهاها هههه ... لماذا تضحك ؟ هاهاها ،  لا استطيع ان اقول ؟ لا استطيع  هل سمعت ، سمعت ماذا ؟  هل سمعت بالديك  ما اسمه  ما اسمه ، مسرور ؟ نعم تذكرت مسرور ترك الخدمة عند طويل افندي واصبح خياطا لدى لولو عكو .. يخيط لها الملابس الداخلية  مسرو  نهودي بدأت تضمر وتتهدل ، اصنع لي حمالة نهود من المعادن لكي ابرزهما جيدا اتحدى بهما المنافسات ...

 نعم يا سيدتي ..

مسرور انقر كسي ، انتف الشعرات من حوله ، اجعله املساُ  سيدك يحبه املسا وناعماً ..

  نعم يا سيدتي ...

 انقر ، انقر ، انتف ، انتف  ليس هكذا يا ديك يا عفن لا تضع منقارك في الداخل ... على الحواف ، على الحواف فقط  .... مسرور اوقظ الحرس عند الخامسة فجراً  اذهب وانظر من نافذة البهبان واخبرني من معه يالهي  من معه ؟ اسمهان مرة ثانية ، سأقتل تلك العاهرة  سأقتل اسمهان واشرب من دمها  مسرور اين فلفل ،

 فلفل  لماذا نفخت بطن خادمتي المطيعة مومو ججو ؟

 لم افعل ... لم افعل ...

 قفز فلفل وهو يضرب على ما تحت لباسه ، هو من فعلها  هو من فعلها  المجرم السفاح السادي ...

 دعني اراه ؟  انا مثل امك  لاتستحي مني يا ولد انا مثل امك القحبة اسمهان ، يا اله الوحوش ، ماذا حصل لك هل انت مصاب بمرض جنسي ؟ انه مصاب بالورم ، متورم ؟ 

 كلا يا سيدتي هذا هو شكله منذ اول يوم تعلم ان ينتصب ...

 لكنه اضخم من المعتاد ، اضخم بكثير مما يملكه اقرانك ...؟ 

 هذه هي عافيته  ربيته جيدا ، علفته جيداً ... 

ماذا علفته ؟ 

 كل شيء يا سيدتي  كل شيء ...

خوخة  خوخة  جدك ( جئتكم من سبأ بنبأ ) احسن واشرف منك ، على الاقل انه ارشد سيدنا سليمان على الجميلة بلقيس ... لم يكن منشغلا بالتجسس على قالت فهيمة وتحدثت سليمة  جد لك عملا مشرفاً  اشتغل صحفي او كاتب عند البهبهان اكتب له قصص وروايات ، اكتب له ، احيقار ليس افضل منك ولا ذلك العجوز الخرف الذي كتب ملحمة كلكامش احسن منك ....

 بالعكس انا من اخبرت الكاتب الخامل الذكر ، المنسي ، التعبان ، المريض بالعصاب والارق النموذجي ، الكاتب المشخوط  رقيم  . انا من اخبرته عن كلكامش وانكيدو والطوفان ... 

انت  انت ؟  ايها الصقيع الرقيع انت من افشيت سر الالهة ؟ ... 

لا سر ولا من يحزنون  اسأل اي طفل يجري في الشوارع عن كلكامش سيخبرك انه كان طاغية ينيك العذارى حتى ضجت منه اسوار اوروك  ابن القحبة  يظن انه الوحيد الذي يملك ( زباً ) . انظر الى فلفل انه مصاب بمرض جنسي ويحتاج الى المساعدة  ... 

لا اريد  لا اريد دع  سبورتي  ينظر ...

 يا للحلاوة ، يا للجهامة ، كم يبلغ طولك ؟

انت تمزح يا سيدي احذر يا يا رجل  ماذا تفعل ؟

يا للحلاوة ، يا للطول الفارع ...

اصابني القرف  هذا الكوخ المنعزل ، في مثل هذا المكان المنعزل ، في مثل هذه الصحراء افضل مكان بالنسبة لي ، لا ارى القرد ولا القرد يراني . لا ارى لا اسمع لا اتكلم ...

طرق خمبابا الباب _ طق  طق ... ططقق ..

ارهف خوخة سمعه وهز رأسه غير مصدق

 _ غير معقول ، من اهتدى لمكاني في مثل هذا المنفى الرهيب ...

غير معقول من يستطيع الوصول الى مثل هذه الارض والى هذا الكوخ المنعزل ، مستحيل ، لا انس ولا جان يهتدون لمكاني ...

_ طق  طق ... ططقق ...

_ انها مجرد تهيؤات ، اضغاث احلام وهلوسات  كم تحملت من عذاب وسوء فهم يا خوخة  اه يا خوخة  كل خبزك وبصلك واشرب ماؤك واذهب الى فراشك ونم ، لن يصل اليك احد ولن يطرق بابك مخلوق  لا ساعي بريد ولا رسالة تصلك ، لا احد يستدعيك بمهمة ...

 مهمة خطرة يا خوخة .. نريدك ان تذهب وتغطي المعركة التي دارت رحاهاها بين كلكامش وانكيدو . يا اله الهداهد  اسرع يا خوخة ليس مثلك من يستطيع ان ينقل ذلك المشهد للقراء المتلهفين  انت حفيد ( جئتكم  من سبأ  بنبأ ) ، صحفي بارع ودقيق وشجاع  ابحث ، نقب ، تسلل الى الاماكن المحظورة ، الى الغرف والخلوات والاسرة ، انقل لنا ما يحدث من حولنا ... نريد ان نعرف كل شيء كل ما يدور من حولنا  القراء يرغبون بالمعرفة  زمننا تغير ، الناس لم يعودوا يصدقون القيل والقال ولا يصدقون الا الروايات  الموثقة والمكتوبة والممهورة بتوقيع الكاتب والصحفي ... اريد ان اخبرك سرا ان قراء الصحف في عصرنا هذا بيدأون القراءة من الصفحة الاخيرة  سأعطيك الصفحة الاخيرة  اكتب لنا فضائح ... اكتب عن القصر الملكي وفضائحه ، اكتب عن موبقات وسفالات فلفل .... 

 فلفل افندي عند اكتمال القمر ، اخذ يعوي ويعوي ويعوي ، اجتمعت حوله اناث علية القوم ... 

لا تبوح باسمائهن ....

عيب ، دعني اقول 

  دعني افعلها ، عيب  ولك عيب ...

 ماما ججو ولولو عكو وبهار واسمهان وسيدوري وعذراوات المعبد ..

فلفل ، فلفل ...

لولو عكو اخذت تعوي ...

عو عو عووووو 

ماما ججو اخذت تعوي ...

عو عو عوووو 

بهار واسمهان وعذارى المعبد 

عو عو عععووووووووو ...

اسكت اخرس ...

سبورتي  يا سبورتي  تعال وادب هذا الخليع المستهتر الذي فضحنا في الصحف والنشرات الشهرية ، اقطع زبره  ...

قفز فلفل وهو عار تماماً  قفز وسط مجمع النساء والعذراوات . كان يمسك بيده عصا طويلة  يسوق بها  عضوه الهائل . الى الامام  الى الامام ....

صرخت النساء ورفعن اثوابهن واخذن يركضن في ارجاء القصر يبحثن عن مخبأ ، بينما فلفل يسوط ويسوط ويسوط .... 

على مهلك يا ولد ، على مهلك  لا ترفس كالبغل  ستقتلني يا ولد ، انا مثل امك ...

اين سبورتي ؟ 

تعال يا ضابط امن القصر ، خلصنا  فلفل ناك كل العذارى انظر للمسكينات كيف ينتحبن ، اهيء اهيء اهيء ...

 هذا ليس نحيب  ليس بكاء ، البكاء يختلف . اريني يا حلوتي ماذا فعل المجرم الصغير بك ؟  يا اله الكهوف والظلمة ، لقد حفر نفقاً  انت الاخرى اريني 

تطلع سبورتي بفلفل وتمتم ...

 عمود  اقسم بانليل وبنليل وابو العظام ، انه يصلح كقنطرة للعبور الى الضفة الاخرى ، كمقعد مريح . غني يا بنات اوروك ...

ازداد الطرق على الباب _ طق  طق ..ططقق ...

قال خوخة _ هل سأكذب اذناي  هل سأضع القطن بأذني ؟ هناك من يطرق بابي هناك من يريد ان يعكر صفو عزلتي ..

تناول خوخة بندقيته ذات الماسورتين واحشاها الرصاص والبارود والخرق ..

_ سأفجر رأس من يعكر صفو وحدتي وسلامي ...

فتح خوخة  الباب واشهر بندقيته الرهيبة بوجه خمبابا القزم الجبار ...

_ من انت  لماذا تعكر وحدتي ماذا تريد ؟ 

 استقرت ماسورة البندقية عند منخري خمبابا واخذت تعبث بهما ..

عطس خمبابا _ تشو اتشووو انا خمبابا ...

_ لو كنت كلكامش ذاته ، انا لا اهتم ولا اعير احدا اهمية ، سأقتلك والقي جثتك العفنة الى الكلاب ، اعيش في هذا المكان منذ عشرات السنين ولم يطرق بابي احد ، لم يهتد لمكاني احد  هربت منكم الى اطراف الارض ، هربت منكم الى الجحيم وها انا اجد قزما على بابي  ماذا تريد ؟ اسرع  اجب ؟  سأطلق النار ...

قال خمبابا برباطة جأش _ ماذا يفيدك قتلي ؟  تستطيع قتلي تستطيع ان تلقي بجثتي الى الكلاب ، لكنك لن تسلم من بطش اعواني انهم في الدغل ينتظرون ..

_ كم عددهم ؟

_ اثنان ..

ضحك خوخة وسحب خمبابا الى الداخل واوصد الباب ..

_ اقعد ؟

هل انت حقا خمبابا الوحش الكاسر عديم الرحمة والحياء ؟

_ انا خمبابا ؟

_ قل لي يا خمبابا  لماذا تركت بيتك وزوجاتك  انيسة وكروم وهادلي  وحيدات يعانين الظلمة والبرد والجوع واتيت الى هنا ؟

_ كيف عرفت اسماء زوجاتي ؟

_ انا هدهد ..

تحرك خوخة في ارجاء المكان وبندقيته باتجاه خمبابا . اخرج حبالا وبدأ يربط جسد خمبابا على المقعد ... 

قل لي يا ولد لماذا اتيت الى مكاني المنعزل ؟  ماذا تريد مني ؟ ومن ارسلك ؟  انا بالطبع اعرف من ارسلك ؟  سبورتي ،  سبورتي ؟ اليس كذلك ؟ ... يظن ذلك المخنث اني افشيت سره وكتبت عنه في الصحف والمجلات  يظن ان الناس والبهبهان لا يعرفون شيئا عن شذوذه وقرفه . يظن ان لا احد يعرف او يكتشف انه شاذ  حتى زوجته ( طيطوة ) تعرف ...

 مالك يا حبيبي  مالك يا زوجي العزيز ترتخي حالما ركبتني  هل شممت شيئا لا تحب او رأيت دمامل وقيح حول كسي ؟ 

ابداً  ابداً .. كله جميل كله عظيم ومنفوخ ومنتوف ، لكني تعبان هذه الليلة ، اريد ان انام باكرا لاصحو باكراً  عمل كثير  شغل كثير ، والراتب قليل  شغل بلا فائدة . كل ما في القصر على رأسي ، انا من يضبط الامن في القصر ، يمنع الضعف والانحلال والتقصير ، الخدم الملاعين يسرقون ، فلفل اصبح بحكم المجنون يقفز هنا وهناك ، يريد ان يركب كل شيء يصادفه . أه لو استطيع ان اجعله يلتفت الي ... 

ماذا قلت يا حبيبي ... ؟

لا شيء ، لا شيء ...

هل هو من ارسلك ؟  يريد رأسي لاني اعرف اكثر مما يجب ..

قال خمبابا _ ضع بندقيتك جانباً وفك وثاقي . انا لا علاقة لي بامراضك العصابية  واوهامك لا من قريب ولا من بعيد . انا في طريقي للبحث عن الجدة ( ام الطحين ) مع رفقاي بغبغان افندي والشاطر سيما . لو كنت ادري انك تقطن في هذا المكان ولا تريد رؤية احد من الانس ولا الجان لما طرقت بابك ولما ازعجت حضرتك  اطلق سراحي الان واعدك اني لن ابوح بسرك ولن ارشد احدا لمكانك ... 

ضحك خوخة _ هاها ههههه  تبحث عن الجدة السعلوة  ام شكري   من يبحث عن ام شكري في مثل ايامنا هذه ؟ هل حقا تبحث عن ام شكري ؟

_ نعم ابحث عنها ، لكني لم ادري انها رزقت بولد اسمه شكري ...

_ يارب عبد الشط والطنطل . هل قطعت الصحارى والقفار والمجاهل من اجل السعلوة ام الطحين ؟ 

_ فك هذه الحبال عني يا خوخة لم اعد احتمل ؟

_ لن افكها ... لن افكها  قل لي ايها القزم  ماذا تريد من تلك العجوز المسكينة ؟

_ لا شيء  اريد الحديث معها ؟

_ عن ماذا ؟

_ ليس شأنك ؟

_ انه شأني .هل تعلم انها تعيش الان مع  العم مندي  لا ادري ان كانا متزوجان حسب القوانين والشرائع ؟  لكن العم مندي  رغم كبر سنه وارتخاء ركبتيه ، يحب السهر ومعاقرة الكأس والرقص والشد والجذب ...

 ماذا دهاك يا مندي لماذا تحتك بي هكذا انا عجوز ، عجوز كومة عظام ؟ ...

 ولو ، ولو  اذهبي والبسي ملابس الرقص وضعي احمر على شفتيك وارتدي حمالة اثداء ، احشيها بالقطن ، وارقصي  ارقصي يا حلوتي هزي عظامك وستنبت لك جبال وتضاريس ليستمتع بها العم مندي ... 

أخرس يا حرفوش ، انجب يا بعرور  ليس لدي لحم يهتز ، ليس لدي شعر ، انا قرعة ... قرعة .

 بسيطة ... بسيطة ضعي باروكة سأصطاد لك ( دعلج ) واصنعي من ريشه تاجا ضعيه على قرعتك .. 

لا اقدر يا سافل  يا متهتك ..

 هات قبلة ...

قال الببغاء _ لقد تأخر ؟

قال سيما _ تأخر كثيراً بدأت اشعر بالقلق  انا قلق ..

_ ما رأيك ؟

_ لنتسلل من النافذة ...

_ انت فأر تستطيع الولوج في الحفر  تسلل الى الداخل وافتح النافذة لي  لنرى ما يحدث هناك ثم نتصرف ..

_ حسنا حسناً  سأذهب .... 

انتظرني عند النافذة ..

تسلل سيما من حفرة صغيرة تؤدي الى المنزل ، ورأى خمبابا مربوطاً غلى المقعد والهدهد خوخة يدور حوله وهو يمسك بندقية بماسورتين ..

غمز سيما لخمبابا ... تبسم خمبابا وحاول اشغال خوخة ... 

قال خمبابا _ هل اعطته الجدة قبلة .

_ اسمع ايها القزم  صحيح اننا نكبر ونشيخ لكن القلب لا يشيخ ابداً  العم مندي طفل ، مراهق رغم عمره الطويل  صحيح انه لا ينتعض ولا يتحرك ، لكنه رجل ، الرجل يبقى رجلا  نعم . قامت ام شكري واخذت حماما ، صقلت وجهها وخديها ب ( النورة ) ومشطت ما تبقى لها من شعرات ، نتفت الشعر الزائد ووضعت الاحمر والازق والاصفر ، ثم تطيبت باحسن الطيب ( افاوية ومصطكي ) ونظفت الغرفة وفرشتها بأحسن الفرش وانعمها ، ثم تمددت عارية في الظلمة . الظلمة تستر ... غطاء للعجائز والقبيحات والعوانس . سكر العم مندي ، فقد رشده وسمع انين عضوه وآهات الجدة ، تسلل الى فراشها ، فتراءت له كأنها حورية  ليست تلك العجوز الشمطاء  حورية من حواري الجنة  الخمرة لعبت برأسه ، لم يعد يميز بين العظام واللحم الطري ، تشمم جسدها العابق بالبخور فانتعض عيره ، انتصب كما لم ينتصب من قبل ، دخل بين رجليها ورفعهما الى الى السقف  اعلى  اعلى  اعلى ، ودخل بها كأي وحش ، وهي تصرخ  حبيبي مندي  آه يا حبيبي  انت توجعني  لا عليك لا عليك  اضرب ، اضرب .. تصاعد لهاث العم وتصاعدت ضربات قلبه الضعيف ...

 لولا تشجيع الجدة ورغبتها الوحشية لما استطاع العم ان يقذف ...

 افعلها يا حبيبي افعلها  هاه ، هاه ...

 فجر العم قنبلته داخل جسد الجدة ... 

تبسمت الجدة في الظلمة وقالت _ انا حامل ...

قال خمبابا _ هكذا جاء  شكري  ؟

_ هكذا جاء ، لولا الظلمة والخمرة لما جاء شكري ...

_ الله حي  الله حي ...

_ نعم  نعم . الله حي دائما وابداً ، والا من يصدق ان كيس العظام تلك تنجب ولدا من العم العجوز مندي ...

فتح سيما النافذة للببغاء ، تسلل الطائر  وجلسا بين قطع الاثاث يتحينان الفرصة ...

توجه خوخة الى خزانة واخرج منها قنينة ( عرق ) كرع منها وقال .

_ احبها سادة  بعض الناس يمزجونها بالماء  كلا  غلط ، غلط اشربها صرفة  لا تعكرها ... هل تشرب ؟

_قال خمبابا _ بعض الاحيان ليس دائماً .. انت تعرف لدي ثلاث زوجات ، اذا سكرت انام مباشرة  انام واشخر لو كانت ملكة الجان الى جانبي  حينما اسكر انام ... اشخر الى الصباح . النساء كما تعرف ضعيفات يحتجن الى كلمات الغزل والمداعبة والنيك  حينما اسكر لا افعل هذا انام مباشرة ..

_ حسناً تفعل  هل ترغب بكأس ؟ 

_ لا بأس ..

 _ مثلي تماما  انها مشكلة ...

 ملء كأسا ووضعها على فم خمبابا حتى شربها . انها مشكلة  زوجتي السابقة ، قبل ان تطلقني ، لم تكن تحب الشرب ، خاصة العرق ، تلفظ ما في معدتها بمجرد ان تشم رائحتي ... 

هل تريد مزة ؟

_ طبعاً  اي شيء  خيار  لبن ... جاجيك ...

_ اسمع يا خمبابا نحن الرجال ، مشكلة . مشكلة ... زوجتي  نون جهار  لا تحبني حينما اسكر تريد جنتلمان يطبخ لها العشاء ويغسل الملابس ويمسح مؤخرات الاطفال  جنتلمان يحترم المرأة ويقدس كينونتها ، يجب ان تكون جنتلمان حتى تحصل على رضاهن  يا حببتي ، انه عملك واجبك ، الجنتلمان يجب ان يمشي خلفها ويخرس حينما تتكلم ، يقوم بكل اعمال المنزل بينما هي تتحدث بالهاتف مع صديقاتها او مصففة شعرها ، وحينما تريد ان تضاجعني يجب ان اتمدد على ظهري و تعتليني   نون جهار  هذا لا يصح . لا يجوز انا الفاعل وانت المفعول به لا يجوز ان يحدث العكس  اخرس يا خوخة وتصرف كجنتلمان  خرة .. خرة بالجنتلمان  انا خوخة افندي هكذا تطلقنا ...

شرب خوخة الكأس الاول والثاني والعاشر حتى بدأت الجدران تدور به ..

قال سيما _ ما الخطة ؟

قال الببغاء _ سأهجم عليه واضربه على عينيه باجنحتي حتى افقده رشده ، اما انت فاقتله او اطرحه ارضاً ...

_ انه سكران  سيكون هدفاً سهلا  هجوم ... هجوم ..

انطلق الطائر باقصى سرعته واخذ يضرب خوخة على وجهه بجناحيه حتى كاد ان يفقده بصره ، بينما وضع سيما سهمه بين عينيه وقال _ استسلم  يا خوخة ... 

صرخ خوخة وقد عشي من الظلمة _ من هناك  من هناك ؟

سقط على الارض ، فقيد سيما يداه ..

هنالك مثل يتداوله الاقزام ، المثل يقول ...

( الكاس قبل الطاس ، الطاس ذاته كما الحمام ) ....







                                 ********





أخذنا الاقزام ونحن مقيدون بالحبال والسلاسل الى قريتهم ، فتحلق كل من في القرية حولنا ينظرون لنا بعجب وانبهار ...

 كانت حالتنا مزرية وقد اخذ منا التعب والجوع كل مأخذ . كان الاقزام يهتفون ويصرخون بحبور ...

_ مثل هذا البعير يكفينا طعاما لسنوات ، مثل هذا الطائر يكفينا لفصول ، اما ذلك المارد ، نستطيع ان نستخدمه للحراثة والزراعة والبذار والحصاد ...

_ للمعارك ايضاً ..

_ للجر ..

_ للعر ...

_ لحفر الانهار وسقي الحقول ...

_ سنجعل منه الة للطحن والعجن والخبز ، سننام ، لن نحتاج الى العمل بعد اليوم .

اقترب منا قزم عجوز اسمه ( حلبو ) ، واخذ يذرع اجسادنا وهو يتمتم 

 ذراع ، ذراعان ، ثلاثة ، اربعة ، خمسة ، ستة ... يا اله المردة والعمالقة ، ستة اذرع ... لم يترك قطعة من جسدي الا وذرعها بحبله ، ثم خلع لباسي وصرخ ..

_ يارب الاقزام  يارب النغولة  انه اطول مني ...

قلت _ حلبو  يا حلبو ... اتركني وشأني  انت تدغدغني ، سينفجر عليك وستموت يا حلبو ...

قال حلبو وهو يندس في سرتي 

_ هذا مكان دافيء ، استطيع ان اعيش هنا هذا المكان يحتاج الى بعض التنظيف والترتيب ...

جاء بمقشة وفراش ، نظف سرتي وفرشها واتخذها مكانا ...

كنت اشعر به وهو يتقلب او يتمغط ... 

جاء آخرون واستوطنوا جسدي ، بعض استقر على صدري وفوق ركبتاي وداخل اذناي ومناخري ...

_ حلبو  حلبو انظر ماذا فعلت  جمعت علي القوم  سأقتلك ايها القزم الخبيث ... جسدي ليس شقق سكنية مجانية ...

قال حلبو _ اسكت ايها العملاق  اخرس يا مارد . كنت اسمع عنك احاديث من جدتي ( ستو ) كان تصف لي اجساد العمالقة الذين يسكنون في الجانب الاخر من العالم ، لكني لم اكن اتخيل ان العمالقة  بمثل هذه الضخامة  انتم اضخم بكثير مما تخيلت  خاصة ذلك البعير العملاق  انه اضخم من اي جبل رأيته بل انه جبال مجتمعة ..

قلت _ حلبو لماذا لم تتخذ من جسد البعير مسكنا  انه اكبر واوسع لك ولرفاقك الاقزام  خذهم واذهب الى هناك ...

_ لا اريد  حاولت لكن رائحته كريهة . سنتركه للاطفال يتعلمون عليه  كيفية القفز من شاهق ...

_ اذهب واسكن بين ريش الطائر ...

_ لا اريد  حاولت لكن ريشه املس لا استطيع الوقوف بسهولة  اتزحلق  سنتركه للاطفل يتعلمون عليه الزحلقة ..

مالت الشمس للمغيب ، اجتمع الاقزام فوق صدري ، وهم يتراقصون ويتلمضون ، سنطبخ العشاء ..

قال حلبو _ ماذا عندكم على العشاء ؟

_ عندنا قرنابيط ولهانة وورق عنب وسميط ..

قلت _ حمدا لله  هؤلاء الاقزام نباتيون  حمدا لله ...

رفعوا قدورهم  وثبتوها على صدري ووضعوا بها الطعام ...

_ حطب  حطب ...

قال حلبو وهو يشير الى شعر صدري

 _ لدينا حطب كثير ..

صرخت _ حلبو  ماذا تفعل ايها القزم تريد ان تحرقني وانا حي ...

انه شعر ايها الاحمق وليس حطب ..

_ اشعلوا النار؟ 

اشعل الاقزام شعر صدري ...

اخذت بالصراخ ... حلبو  كف عن هذا العبث يا حلبو  آه.آه ...

وصل صراخي الى كل انحاء القرية والى قصر الملكة بهار ...

 استيقظت على صراخي الملكة بهار وقالت ..

_ ما هذا الصراخ المروع الذي يهز الجدران ؟

قالت وصيفتها السمراء وهي تمسد ظهرها ...

_ لا شيء  لا تقلقي يا سيدتي ... 

_ هناك من يصرخ  يطلب النجدة ؟

قالت البيضاء وهي تمسد قدميها ...

_ لا تشغلي بالك يا سيدتي  استرخي ونامي ...

قالت بهار _ نعم سأحاول ان انام . آه لو كان  مختار  حي يرزق ...

قالت السوداء  وهي تضغط على كتفيها ..

_ هناك الف  مختار  ينتظر اشارة من اصبعك ..

قالت بهار _ ليس مثله مثيل ...

_ نامي يا سيدتي .. نامي ...

شعرت بحرارة قاتلة تلذع صدري وشممت رائحة شعر يحترق .... يا الهي  انهم يطبخون حقا ...

استجمعت كل ما امتلك من قوة ونفضت صدري بشدة ، فتساقطت قدور الطبخ والاواني والفرش والاقزام ، سقط  حلبو  وتقطعت الحبال التي تربطني بالارض ، خلصت ذراعي وقدماي ، بينما اخذ الاقزام يتقافزون بذعر يحاولو تجنب حركات جسدي الهائل ... التفت فوجدت  حلبو  يحاول ان يفر ، امسكته من اذنيه ورفعته الى اعلى ناحية فمي ...

_ سأكلك يا يا حلبو يا قزم يا شرير انا لست موقد ...

قال حلبو _ الرحمة  الرحمة جدتي  ستو  حذرتني من غضب العمالقة وجبروتهم ، لكني غبي ، ارعن ، سطل لا تأكلني يا عفريت  يا طيب  يا حبوب ...

_ سآكلك يا حلبو ...

بكى حلبو بكى الاقزام .. اخرجوا رؤوسهم من بين اغصان الاشجار وقالوا ...

لا تأكل الحكيم حلبو ..

حلبو لا يساوي لقمة 

حلبو لم يقصد ...

رميت حلبو ، فراح يتدحرج على الارض وهو يصدر اصواتا مكتومة ... ركضت ناحية البعير حاتم وخلصته من اغلاله ثم خلصت الطائر ايضا ...

قال الطائر اصعد على ظهري بسرعة  وانت يا حاتم اصعد قبل ان يأتي الاقزام المحاربون ويصطادوننا ...

صعدنا على ظهره ...

قلت له _ اذهب بنا الى قصر بهار ...

لوى الطائر جناحية واتجه ناحية القصر ، الى الغرفة التي تنام بها بهار ...

قالت بهار _ ما هذه الضجة والعصف الرهيب ...

قالت السمراء _ انها عاصفة ...

قالت البيضاء _ الشتاء على الابواب ...

قالت السوداء _ آمل ان نحصل على مطر وفير هذا الشتاء ...

نهضت بهار وفتحت النافذة وصرخت ...

_ ما هذا يارب الطيور؟  ماهذا الطائر العملاق ؟ ماهذا المارد الذي يقوده ..؟

قلت _ انه انا يا مليكتي  انا مخلص باشا افندي ، جئتك من ارض البهبهان لاعرض عليك خرائطي وحكمتي وتجربتي وحكاياتي العجيبة ...

قالت _ هل انت انسي ام جني ام عفريت ؟

_ انا انسي ، جدتي كيس الطحين تقول

 ( من يمشي بلا اله في الشارع ، سيكون العفريت دثاره ) ...

احترامي لجدتك العرافة كيس الطحين ... سمعنا الكثير عن حكمتها ورجاحة عقلها .. 

فاذا كنت حقا ابنها انزل على الرحب والسعة ..

خفض الطائر جناحيه ونزل في باحة القصر ... 

قال البعير حاتم _ سأذهب معك  انت احمق وارعن ، تقع في الحب سريعاً ، بمجرد ان ترى امرأة تبتسم بوجهك ، تقع بحبها ... 

قال الطائر _ انه على حق .. ستقع بحبها وتعطيها الخرائط دون مقابل كما فعلت في المرة السابقة  نحن نريد الذهب لنتقاعد انت تريد الحب لتنيك ، سنذهب معك ...

قال حاتم _ انت تحتاج الى من يراقبك ويرشدك ..

قال الطائر _ لن ندعك تذهب وحدك .

قلت _ هل تظنان ان مكان الاميرة يسعنا ... 

_ سيسعنا انه قصر كبير ...

_ سيسعنا ..

قلت _ حسنا  اسمعا  انا السيد .. انا من يتصرف ويتحدث ..

قال حاتم _ افعل ما يحلو لك  لكننا نريد الذهب  نريد اجرنا ..

_ لن نخدمك طول حياتنا مقابل لا شيء  انت مبذر ومسرف ...

_ الذهب  الذهب ...

_ الاصفر الرنان لباس الشيطان ...

قالت بهار _ بماذا تتهامسون ؟

قالت الجارية البيضاء _ ربما يتآمرون عليك ... 

قالت السمراء _ ربما يريدون اختطافك ؟

قالت السوداء _ انا لا اثق بهم ...

قالت بهار _ اصعد يا مخلص باشا افندي ...

قلت _ يا سيدتي رفيقاي البعير حاتم والطائر جواد يريدان مرافقتي والتمتع بمنظرك الجميل وحسنك الاخاذ ، فاذا سمحت لي دعيهما يأتياني معي واعدك بانهما لن يحركا ساكن سيجلسان الى جانبنا ويوزعان ابتسامات لك ولوصيفاتك الجميلات ..

قالت بهار _ سيجلسان في الصالة المجاورة  ليس لدي مكان يسعكم كلكم ..

التفت اليهما وقلت _ لقد سمعتما ما قالت  لا مكان يسعنا جميعاً ..

_ سنجلس في الصالة ...

_ ستجلسان كتلاميذ مدرسة لا تتدخلا فيما لا يعنيكما ..

هزا رأسيهما بالموافقة ...

قالت بهار _ اصعدوا ..

دخلنا الى القصر ...

 كان القصر يشبه العمامة ، يبدأ واسعا جدا ، ثم يضيق كلما ارتفع  جدرانه من المرمر والقرميد المزين بصور اقزام من كل الاشكال والالوان ، وصور طيور صغيرة الحجم وحيوانات تشبه الديناصورات لكنه قزماء ايضا  كل شيء صغير الحجم وانيق ...

نزلت بهار من السلم تحف بها وصيفاتها الثلاث ، كانت جميلة جدا تضع على رأسها تاجا من الزهور وتلبس ثوب طويل اسود اللون يضغط خصرها بشدة ويبرز اثدائها الريانة ، ثم ينزل على وركيها ويغطي قدميها ..

قلت _ سبحان الخلاق  سبحان مسير الافلاك .. هل انا في حلم ام في علم .

قالت وصيفتها البيضاء _ انت في علم  ايها السيد  ما اسمك ثانية ؟

قال حاتم _ اسمه مخلص ..

قال جواد _ غير مخلص على الاطلاق ...

قالت السمراء وهي تشير الى الطائر _ انت ما اسمك ؟

قال حاتم _ اسمه جواد الكتكوت ...

_ انا كتكوت  يا بعير ؟

_ تعال يا كتكوت  دعني امسد ريشك ؟

اقترب جواد منها وهو يهتز طرباً _ مسدي يا سيدتي  مسدي ...

قالت السوداء _ انت يا بعير ما اسمك ؟

قال الطائر _ اسمه حاتم لا علاقة له بالكرم لا من قريب ولا من بعيد ...

_ تعال يا حاتم  تعال امشط وبرك ..

_ يارب البعران ماهذا الدلال ؟

اخذت الوصيفتان الوحشان وغابوا في احد اركان القصر ...

قلت وقد شعرت بالقلق _ ماذا عني انا مخلص باشا افندي ...؟

قالت الوصيفة البيضاء _ اما انت  اتبعنا ؟

صعدت السلم وراء الفتاتين  السلم طويل .. طويل جداً . في البداية شاغلت نفسي بالنظر الى شعر الفتاتين ، والى تاج الملكة بهار ، يا للتاج الجميل والمتواضع ، يعبر عن شخصيتها وروحها الجميلة  انها بالتأكيد تستطيع ان تضع طن من الذهب والمجوهرات واليواقيت لو ارادت ،  لكن السلم طويل شاغلت نفسي بالنظر الى الثوب الاسود الجميل  السلم لا ينتهي صعدنا وصعدنا شاغلت نفسي بالنظر الى مؤخرة الفتاتين من اكبر ممن ؟  مؤخرة بهار مدورة مدملجة تصعد وتنزل ، كأنها تلوك .. تلوك ماذا ؟ علكة  كلا  كلا  انها سيدة محترمة ، احترم نفسك يا مخلص .. تلوك وتلوك وتلوك . كل ذلك بسبب هذا السلم الملعون  مؤخرة وصيفتها تختلف انها لا تلوك ، لكنها تعجن  تطحن وتعجن ، تعجن وتطحن  تدور حول فلكها  تدور وتعود للنقطة ذاتها  يا للسلم الذي لا ينتهي .

 صعدت نظري الى ظهر بهار نصف العاري  ابيض ناصع واملس ، يصلح للتزحلق ، تضع عليه زيتاً وتتزحلق عليه الى الصباح ، هيلاهووب  .ظهر وصيفتها قوي ومتين فيه زغب اشقر ، تستطيع ان تتسلى به ترفع الزغب بملقط مسحت العرق عن وجهي ونزلت ببصري الى سيقان الوصيفة  . يا اله اللحم هل وصلنا ؟

قالت الوصيفة وهي تلتفت الي وتبتسم ..

_ لم يبق الا القليل  حاول ان تشغل نفسك ؟

قلت _ نعم ، نعم انا مشغول تماما ، هل وصلنا ؟

قالت بهار وهي ترفع ثوبها حتى لا تتعثر ...

_ سنصل بعد دقائق ..

يا اله الشحم ، ما كل هذا يا الهي ؟ انهما تعذباني  السلم لا يريد ان ينتهي .متى سنصل الى قمة العمامة ؟  شاغلت نفسي بالنظر الى خصر الوصيفة  موسيقى هارموني سلم موسيقي ، لكن هناك بروز ضئيل ، كتلة شحم صغيرة ، كتلة مدللة تشاكسني تطلب مني ان امسكها ، اقرصها لا تفعل يا مخلص لا تفعل  سيرميانك من شاهق ان فعلت  عيب .. عيب . ارجعت اصابعي وانا استغفر الله ، لا يليق يا مخلص انت ضيف الملكة بهار .

 انزلت بصري ، لكني سرعان ما سمرته على خصر بهار يا اله البهارات والفلفل والكاري والبطنج  خصر عليل كانها لم تأكل منذ اعوام  خصر هضيم دقيق كالدبوس ، كالابرة ، كيف له ان يحمل كل ذلك الصدر الريان يا اله الرمان  هل وصلنا ؟

قالت بهار _ وصلنا ...

قالت الوصيفة _ ادخل وارتاح اعتبر البيت بيتك ...

رميت نفسي على الارض وساقاي يرتعاش من الجهد ...

 كان المكان في اعلى القلعة عند القمة  قمة العمامة ... 

كانت الصالة بدون اثاث لكنها مفروشة بافخر السجاجيد والانية الفاخرة ...

ركضت الوصيفة وجلبت لنا انواع الفاكهة والمشروب والمأكول والمشموم ...

قالت الوصيفة _ ما اسمك ثانية ؟

_ مخلص مخلص باشا افندي ...

_ مخلص افندي .. قل لي لماذا كنت تنظر الى مؤخرتي ؟

قلت _ العياذ بالله يا سيدتي  ليس مثلي من يفعل هذا  انا انسان شريف ، جدتي كيس الطحين تقول ( لا تنظر الى مالا تطوله ذراعك ) ..

قالت بهار وهي تضع كفها تحت حنكها ...

_ يبدو انك لم تتعلم كثيرا من جدتك ؟

_ كلا يا سيدتي تعلمت منها الكثير وطبقت كل ما علمتني اياه .. انظري يا سيدتي .. بسبب حكمها العظيمة لم احصل على شيء وجدت نفسي على الحصيرة  خسرت كل تجارتي ، كلما ربحت مالا وزعته هنا وهناك ، على الفقراء والمساكين وابناء السبيل  لم اخرج بدنياي هذه الا بالطائر جواد الذي ذهب مع وصيفتك السمراء ، والبعير حاتم الذي ذهب مع وصيفتك السوداء وخارطة للعالم الذي يحيط بنا اقدمها هدية لمليكتي الجميلة بهار ...

قالت الوصيفة _ ماذا تريد ان تطلب من سيدتي مقابل خريطتك ؟

_ لاشيء  لا شيء سوى رضاها ...

قالت بهار _ سأعطيك ذهب وطعام وكساء ...

_ كل ما يأتي منك هو الخير والبركة ..

_ انت حكيم  يا مخلص باشا افندي ...

قلت _ العمر والتجربة علمتني الكثير جدتي علمتني الكثير ..

_ اشرب يا مخلص باشا ؟

قالت الوصيفة _ امامك نبيذ وعرق وويسكي وكونياك وفودكا  عندك مزة من كل الاشكال والانواع ، لكن احذرك  لا تسكر وتنسى نفسك  تذكر انك بحضرة الملكة الجميلة بهار ..

قلت _ وهل يخفى القمر سأشرب قدحين من العرق اولا  ثم نتحدث ..

_ اشرب يا باشا ..
تناولت القدح الاول ، امسكت بمنخري ودفعته بجوفي سريعاً ...

_ مزة  مزة ؟

_ لبلبي  تريد ، لبلبي  او جاجيك ...

_ جاجيك  جاجيك  يا اله الخيار ... الحقيني بالجاجيك ...

_ آه  آه  هذا هو شراب السباع الحقيقي ..

_ ارتحت الان ...

_ نعم  اعطيني القدح الثاني ...

شربته _ يا اله اللبلبي  ناوليني الطاسة ..

شعت الخمرة بوجنتي ، وشعرت بدوار لذيذ بصماخي ...

قالت الملكة _ حدثنا ، سولف لنا ؟

قالت الوصيفة _ سيدتي تحب السوالف ، حدثنا عن ارض العماليق ؟

قلت _ بالطبع عندي الكثير من السوالف ، هل سمعتن بالاميرة ذات الضفائر الطويلة واخوانها السبعة ؟

_ كلا ، لم نسمع ،

_ لم نسمع ...

_ لم تسمعن ؟ لا يحلو الحديث الا بعد الكأس الثالث ...

ناولتني الاميرة الكأس ، شربت الكأس المضمخ بأصابع الاميرة ...

التفت اليها وقلت _ هناك ما هناك  في ارض العماليق  ملك جبار شديد الغيرة ، صعب المراس ، له سبعة اولاد اشداء وبنت واحدة ، صغيرة وجميلة ضفيرتها طويلة ، طويلة جداً  اطول منها ، تجرها خلفها حينما تمشي .. كبرت الفتاة وكان اسمها جميلة  كرسمها  كبرت جميلة ونبت لها ثديان كالليمونتان ... 

جميلة كبرت جميلة نبتت لها اثداء . هكذا قال الاخوة السبعة لابيهم  ابوهم الجبار شديد الغيرة  امر ببناء قلعة عالية وامرهم بنقلها الى تلك القلعة مع مربيتها العجوز .. بقيت جميلة في تلك القلعة لسنوات وحيدة ومعزولة عن البشر .. مرت الاعوام وجميلة تزداد جمالا وضفيرتها تطول وتطول وتطول ...

في احد الايام مدت ضفيرتها من النافذة  ضفيرتها وصلت الى الارض ، في تلك الاثناء مر الامير  ابو الشامات  وهو في طريقه للبحث عن عروس شاهد الضفيرة المتدلية من النافذة . نظر الى مصدرها فلم ير شيئاً ... قرر الامير التسلق الى القلعة  امسك بالضفيرة ، صعد وصعد وصعد  حتى اصبح وجها لوجه امام جميلة ...

 قال وقد ركبه الحب من اول نظرة ..

قلت للوصيفة _ اعطني القدح الرابع  ...

قالت بهار _ لقد شوقتني كثيرا ماذا قال الامير ابو شامات لجميلة ؟

شربت القدح الرابع  وصرخت  حامض  حامض  اعطني ليمونة ... يارب الزحلاوي  هذا سم زعاف وليس شرب ...

قالت الوصيفة _ امامك كل انواع الشراب الفاخر من معتق ومهرب وممنوع ، وانت تجري وراء هذا الخراء  اشرب اشرب ..

قالت بهار _ اكمل يا باشا ..

قلت وقد شعرت بأني قد احكمت قبضتي على الملكة ..

_ انا في حياتي لم التق بملكة . كنت اظن ان حياة الملوك تختلف اعني هناك موسيقى ورقص وغناء ... 

صفقت بهار وقالت _ رقص وغناء ..

جاءت جواري من كل مكان ، كأنهن خرجن من الجدران ، نساء ملونات ، نحيفات ، سمينات ، متينات ، مهضومات ، عاهرات ، عفيفات ، الوان تتدرج من الابيض الى الاحمر والاسمر والاسود ....

بعد الكأس الرابع لا شيء يهم  اخذت اكرع واكرع واكرع ... انقطع عندي الاتصال  توسطت النساء ونزعت ملابسي بالكامل واخذت اتقافز كالقرود بينهن .. امسك هذه ، واقبل تلك واحتك بهذه ، حتى هرب الجميع من حولي واصبحت وحيداً شاهرا عضوي الرهيب في وجوه الجواري الفزعات ....

صرخت الوصيفة _ حراس  ياحراس ... 

ظهر عشرات الحراس لا ادري من اين ؟ حملوني وقذوا بي خارج القلعة ..

جدتي كيس الطحين تقول

 ( حينما تكون في حفلة ... لا تشرب كثيرا فتسكر ) ..








                             *******






امسك البهبهان بيد طويل افندي وادخله الى القصر الكبير ثم الى غرفة منعزلة مبنية من الصخر ... كانت الغرفة صغيرة وفيها نافذة تطل على البحر ، وفيها منضدة من الصاج وكرسي جلس عليه البهبهان والى جانبه وقفت لولو عكو  بينما تسمر طويل واقفا امامهما كأنه تلميذ مدرسة مهذب ...

قال البهبهان بصوت اجش _ هل تعرف لم ارسلت بطلبك ؟

_ كلا يا سيدي  من اين لي لن اعرف  ؟  انا اعيش في مختبري بعيدا عن اعين البشر ، مع ذلك الديك المستهتر ، ناكر الجميل ...

_ لسانه طويل يحتاج القطع ...

قالت لولو عكو _ شيطان بجسد ديك ... 

التفتت الى البهبهانبوبو  ذلك الديك فيه شيء غريب انه ليس من جنس الديكة ... فيه جانب متوحش  حيوان بري ... 

_ كيف عرفت هذا يا لولو ؟

_ عرفته حينما امسك مؤخرتي وعصرها  يا اله الضفادع  يااله من وحش ، ارتعش جسدي بكامله حينما غرس اضافره بلحمي كدت ان .....

_ كدت . ماذا ... ؟

_ كدت  افعلها ...

_ تفعلين ماذا ؟

_ افعلها ....

التفت البهبان الى طويل _ لهذا السبب طلبتك يا طويل لتساعدني ، احتاج الى معاونتك لاتخلص من هذه المحنة ، لولو عكو تحولت الى وحش ، الى غول ، لم يعد يكفيها شيء ، تريد كل شيء ، كل شيء ، مملكتي وثروتي وقوتي لم تعد تكفيها ، تريد المزيد ، تريد الكل ...

نظر بقساوة الى زوجته ...

_ اريدك ان تحولها الى غزالة  كلا  كلا ... عصفورة  كلا  كلا  حولها الى كلبة ، بقة ، حولها الى افعى . نعم  نعم افعى سوداء ومرقطة اريد ان اخلص  جعلت مني مسخرة  هل تدري ماذا فعلت ؟ امام الناس امام الضيوف والسفراء والخدم والحشم ، هزت مؤخرتها ورقصت كأنها اي راقصة وضيعة  من شارع بشار او من حي الطرب ،  حولها الى افعى ... هيا ارني عملك ؟

صرخت لولو عكو _ اسمعوا من يتكلم .. الضفدع الازرق ابو قرون  الشريف العفيف ، الذي لم يترك خادمة ولا وصيفة الا وضاجعها ، لم يترك عذراء ولا ثيب الا وناكها ... قل لي  لماذا تريد ان تحولني الى افعى ...؟

_ اريد ان اتخلص منك  من شبقك ومن غزلك في وضح النهار مع ابني المراهق  الغر الصفيق  فلفل  ..

_ لا شيء بيني وبين فلفل ، انه مثل ولدي ، لا شيء بيننا ...

_ رأيتك معه في الحمام تمشطين شعره وتلعبين بخصيتيه ..

_ اخرس يا عكروك ، اخرس يا عكروت ،انه مثل ابني  لم اعد استطيع العيش معك  لم اعد اطيق شكوكك واوهامك  طويل افندي ...

التفتت الى طويل _ طويل حوله الى عقرب ... كلا  كلا  حوله الى جربوع ...

هيا اعمل ارني عملك ؟

قال البهبهان _ تريدين ان تحوليني الى جربوع ... ملك الملوك السلطان الاعظم يصبح جربوعا ، طويل افندي حولها الى  حائط ، حولها الى بئر ، الى طاسة ... نعم  نعم  وجدتها  حولها الى طاسة ؟

_ انا طاسة  يا عكروت  انت الطاسة يا ابن الطاسة . طويل افندي  حول هذا الضفدع القميء الى ( سطل ) ...

_ انا سطل يا قحبة ...

هجم البهبهان على لولو عكو وامسك بشعرها ، بينما هي امسكت بحزامه الجلدي واخذا يتصارعان بوحشية ويصرخان ...

فتح الباب ودخل  سبورتي ...

_ بالطبع  بالطبع ... ماذا يحدث هنا من يقتل من ؟

_ انا سطل  ؟ يا عاهرة 

انا طاسة . ؟ 

قال سبورتي _ من السطل ؟ من الطاسة 

ماذا يجري هنا يا طويل ؟

قال طويل _ انا عبد مأمور ..

اخرج طويل افندي من جيبه مسحوق سحري ورشه على الاثنين .. فتحول البهبهان الى سطل من صفيح وتحولت لولو عكو الى طاسة تستقر وسط السطل ...

ساد السكون للحظة ، ثم اخذت الطاسة بالتحرك ثم تحول حراكها الى ضجة وسط السطل ...

قال سبورتي وهو ينظر الى المشهد بسخرية وقال ..

_ سيدي البهبها العظيم يصبح سطلا ، كلا ، كلا ، هذا لا يجوز ، لا يصح ، ملك الملوك يصبح سطلا ، ماذا اقول للقواد والوزراء والسفراء والشعب ؟ ماذا اقول لهم ؟ سيدكم سطل ابن سطل .... كلا هذا لا يجوز ، لا يصح ، هناك خلل ما ، خلل كبير يجب اصلاحه ..... سيدتي لولو عكو تتحول الى ( طاسة ) ، طاسة نحاسية ، ستكون مسخرة ، مسخرة امام زوجات السفراء والضيوف ، ماذا سنضع بها تمر ولبن ، اشرب يا سيدي السفير من هذه الطاسة الملوكية ، اما انت ايها القائد المغوار استحم بهذا السطل . استحم بسيدك البهبهان ، خذ سيدك الى الخلاء املئه بالماء واستحم مع زوجتك المصون ، اعدك بأن سيدي السطل  العفيف الشريف لن ينظر لمؤخرة زوجتك ولا لاثدائها ، استحم ولا تقلق ، وانت ياسيدتي استخدمي الطاسة الملوكية واعدك انها لن تنظر الى عضو زوجك الضامر والمرتخي والميت ...

قال البهبهان من جوف السطل _ طويل ، يا طويل يا احمق يا معتوه ، هل صدقت بكلام هذه العاهرة وحولتني الى سطل ، سأقتلك يا طويل ، سأعلق جثتك على اطول نخلة ، سأقطعك الى اشلاء يا ابن القحبة ، ارجعني الى اصلي ..

قالت لولو عكو _ لا تسمع كلامه يا طويل باشا ، انه مجرد سطل ، ابقه على حالته تلك ، سطل يحكم مملكة البهبهان ، سطل يليق بمملكة من المساطيل ، لا تخف من تهديده ووعيده انه مجرد سطل ، اما عني ، ارجعني الى صورتي الاصلية وسأعطيك وزنك ذهباً ..

صدر صوت من جوف السطل _ طويل باشا ، ارجعني الى صورتي الاصلية وسأعينك مستشاري وصاحبي وساحري ...

قال سبورتي وهو يحرك السطل بطرف حذائه ..

_ ارجعهما الى وضعهما السابق  ماذا سأقول للناس ، للشعب المسكين ، هل تريدني ان اقول لهم ان ملككم العظيم ( سطل ) ومليكتكم ( طاسةستكون فضيحة يستغلها الاعداء والاصدقاء ..

طويل افندي ، ارجعهما الى ماكانا عليه ، ذلك استر وارحم ؟

قال طويل _ حاضر  حاضر ...

اخرج مسحوقه السحري ورشه على الاثنين فعادا الى هيأتهما القديمة ..

خرج من السطل البهبهان بكل عظمته وهو يمسك بيده عصا غليظة اشبه بالهراوة ، انهال بها على عجيزة لولو عكو الضخمة وهي تصرخ بوحشية ، ثم تحول صراخها الى آهات ......

_ تأدبي  خذيها من ملك الملوك ... 

طاخ طاخ طاخ ...

_ آه يا عكروت عاقبني بهراوتك لكن لا تقسو علي . اضربني على مهل  انا استمتع بالالم . قليلا  قليلا  آه  آه لا توجعني  اوجعني لا توجعني ...

قال سبورتي _ يا للحلاوة  يا للجهامة اضربها يا سيدي  النساء يحبن الضرب ... بالطبع ..

اخذ البهبهان لولو عكو وخرجا من الغرفة وهو يهز هراوته بوجهها ...

ضحك سبورتي وقال _ لم اكن اظن انك تمتلك مثل هذه القدرات العظيمة .. اقصد اني سمعت بمؤهلاتك بالطبع  لكن ليس مثل هذا ليس مثل هذا على الاطلاق  ارني ما تستطيع فعله  حولني ؟

قال طويل افندي _ الى ماذا تريد ان تتحول يا سيدي اسد ، نمر ، دب ..

_ كلا  كلا ... لا اريد ان اتحول الى حيوان مفترس .. بطبعي وكينونتي لا احب الافتراس ، لا احب الافعال الوحشية ، انا رقيق ، رقيق جدا وعاطفي ومحب ، احب الغزل والمداعبة والفراش ...

انزلق الى ناحيته وهمس بأذنه _ حولني الى ( أميرة ) اميرة اسمها اميرة .. سيدة جميلة ورقيقة وناعمة ، وتحب ال ..........

_ اها تريد ان تغير جنسك ...

_ نعم  اميرة ... بالطبع .

اخرج طويل مسحوقه السحري ورشه على سبورتي فتحول الى أميرة ...






اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق