احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

عودة خمبابا الى غابة الأرز 4





صرخ فلفل بهياج في ارجاء القصر ...

_ ابي  ابي اين انت ؟  تعال وساعدني  انا عاشق ، عاشق ..

قالت جواري وحريم القصر ..

_ فلفل  يا فلفل ..

من عشقت ...؟

من احببت ... ؟

_ احببت الاميرة ، عشقت اميرة ...

قالت جواري وحريم القصر ...

_ من الاميرة اميرة ..؟

لم نسمع بمثل هذا الاسم من قبل ...

عندنا الكثير من الاميرات ...

اميرة الحب والغرام ...

اميرة العشق والهيام ...

اميرة الانتقام ...

من منهن اميرتك ..

الاميرة ؟

قال فلفل _ ساعدني يا ابي يا بهبهان عظيم ..

يا ملك الانس والجان ...

رأيتها تتبختر حول غرفتي ، بالقرب من سريري ..

قزمة حسناء ، لم يخلق انليل مثلها ولا عشتارخلقت  مثل حسنها ...

ساعدني يا ابي ..

عطرها  بخور الالهة ...

لونها لون الالهة ...

مشيتها مشية الالهة..

رقصها  رقص البغايا المقدسات 

حينما يتمايلن على قرع البكو 

وصوت المكو ..

لكنها اختفت فجأة كما ظهرت ..

تلاشت كما انبثقت ..

تعال الي يا ابي ..

ساعدني ايها الجبار ...

قفز فلفل واخذ يركض في ارجاء القصر ، بحث عنها في كل مكان ، تغيرت عاداته ، لم يعد يضاجع الجواري والخادمات وزوجات ابيه ، لم يعد يرغب بأية ضفدعة ، تعلق قلبه بالاميرة الفاتنة التي التقاها في احدى زوايا القصر ، اغرته بأمتلاء شفتيها وهو الذي يحب القبل ، اغرته بعظم ثدييها وهو الذي يحب المص والرضع ، اغرته بضخامة حوضها وهو الذي يحب السباحة والغوص في الاماكن العميقة ، اغرته بعطرها وهو الذي يحب الزراعة ...

صرخ فلفل حينما رآها _ اي أميرتي  اي حلوتي ..

لو كان لدي حكم ابي لجعلتك الملكة ..

لو كان بيدي حكم الالهة لجعلتك الهتي ...

اميرة ، جميلة وحسناء وخبيرة ، لا تلين بسهولة لكلمات الغزل السخيفة ..

عرفت معنى الحب 

والهجر والعذل تقلبت بين جسد الذكر والانثى ..

أفلتت من بين ذراعيه القويتين كالعصفور وهربت الى مخدعها ...

في غرفة من الصخر الصلد .. يحميها باب حديدي وقفل فضي ضخم الحجم ...

قالت اميرة من خلف الباب _ فلفل  انت لا تدري من تطلب يا فلفل ؟..

انا صعبة المنال ..

بني وبينك بحار وانهار وجبال ووصيفتي ( طيطوة ) ...

بيني وبينك صحارى وحقول وبلدان ...

قال فلفل _ لن يثنيني شيء ، لن تصدني الجبال ولن تمنعني الانهار ، سأعبر اليك وافتح باب غرفتك .. لن يمنعني شيء من الوصول اليك ..

صرخ فلفل _ يا صاحبة القفل ...

يا صاحبة القفل ..

يا صاحبة القفل الفضي ..

يا صاحبة المزلاج ...

يا صاحبة المزلاج الذهبي ...

افتحي الباب ...

وصله صوت ضعيف من الداخل ..

يا صاحب المطرقة الحديدية ...

يا صاحب المطرقة ..

يا حامل السيف والرمح والحديد ...

لن يفل الحديد الا الحديد ...

 خدم ،  يا خدم  صرخ فلفل ...

احضروا لي مطرقة ثقيلة لاحطم هذه الاقفال ..

احظر الخدم مطرقة عظيمة ، حطم بها القفل الفضي والمزلاج الذهبي ... 

حينما فتح الباب ...

وجد الاميرة ( اميرة ) تستلقي على بطنها عارية ... قفز فلفل على ظهرها ..

كان الوقت مساءاً ...

 كان القمر بدراً ..

غني بذكره يا بلادي ..







                              ******





صرخت اميرة _ حاذر يا فلفي  انا عذراء ...






                                 ******





افاق الهدهد من الصدمة وقال _ لماذا تقيدوني ؟  انا مجرد هدهد بحجم الاصبع ، هل تظنون انكم امسكتم بالثور السماوي ، او بكلكامش انا هدهد ....

التفت الى خمبابا _ اسمع ايها القزم الشرير ، قل لرفيقيك المرحين ان يفكوا وثاقي ، قل لهم اني مجرد هدهد ...

قال خمبابا _ لكنك قيدتني وربطتني الى المقعد رغم اني مجرد قزم ..

_ كنت امزح ، كنت اريد اختبارك ، تعليمك بعض الدروس ، انت تعلم باني في النهاية سأطلق سراحك ، لا شيء شخصي بيننا ... 

تقدم منه سيما ووضع سهمه بين عينيه ..

_ قل لي اين يقع منزل الجدة ام شكري ؟

قال الهدهد _ ابعد سهمك عن عيني ، البيت يقع على بعد اربعون ساعفة مضاعفة من السير الحثيث ...

قال الببغاء _ مع من تعيش ؟ هل لديها جيران ...

_ انها تعيش مع العم مندي ، في مدينة كبيرة اسمها لارسا....

_ لارسا ؟

_ لارسا ، ما لارسا .... سمعت بالكثير من المدن لكني لم اسمع بلارسا ....

_ فكوا وثاقي ، دعوني اكمل شربي وسأحدثكم عن تلك المدينة ....

قال سيما _ انه مجرد هدهد لنفك وثاقه ...

_ الهدهد مجرد لسان ، دعنا نفك وثاقه ...

قال خمبابا _ اسمع يا خوخة سنفك وثاقك ، لكن بشرط ...

قال خوخة _ ما شرطكم ؟

_ لا غدر لا خيانة ، لا كذب ...

_ انا هدهد يا غبي لسان طويل ، مجرد لسان طويل ، لا عضلات ولا قدرة لي على القتل انا مثل الشاعر  اقول لا  افعل ...

_ حدثنا عن لارسا ؟

_ فكوا وثاقي ..

اتجه حمبابا ناحيته وقطع الحبال التي تحيط بجسده ...

قال خوخة وهو يتجول بالمكان _ لارسا مدينة كبيرة ، فيها حدائق وقصور وملاعب ، فيها ناس كالملوك في معيشتهم ، يلبسون احسن الثياب ويأكلون احسن الطعام ويركبون احسن الدواب ، فيها حانات وشوارع طويلة مرصوفة بالطابوق ، فيها مطاعم وملاهي واسواق ، سوق للبزازين يعرضون فيه اجمل الاقمشة وافخرها من كل البلدان ، اسواق للصنايعية من حدادين وخراطين ونجارين ، اسواق للوراقين والحكاكين وصانعي الاختام والمدونين ، مدينة لم ار مثلها بحياتي خلال تجوالي  حول العالم ، مدينة لو تسنى لي الاختيار لاخترت العيش بها ، لكن كما تعرفون انا لا احب البشر ولا الضوضاء ...

 تناول الهدهد كأسه ورفعه بوجوه ضيوفه وقال بصحتكم ...

ثم اكمل ...

كنت اسير في احد شوارعها اتسقط الاخبار ، ابحث عن خبر مثير ، دخلت الى متجر يبيع اللوحات ، لوحات مرسومة بريشة واحد من اعظم المصورين في عصرنا ، ريشة المصور  عباس كنجي  ، ربما لا تعرفون من هو ذلك الفنان الكبير ؟

_ كلا ، لا نعرف ... اجاب الحضور ...

_ بالطبع لا تعرفون ، انتم مشغولين بالبحث عن الذهب والبطولات الزائفة والمعارك التي تسيل بها الدماء حتى الركب ، انتم مجموعة من القتلة عديمي الرحمة ، تخضعون لشهوة القتل والدمار ، تبحثون عن بطولة زائفة ، من اجل ان تضعوا لكم سطرا او كلمة في اسطورة ..... انتم تبحثون عن الخلود ؟

قال خمبابا _ ليس صحيحا ، نحن نحاول انجاز مهمة ، عمل نحاول انجازه من اجل الحصول على الذهب ..

قال خوخة _ الذهب ، الذهب ، كأن كل شيء في هذا العالم يؤدي الى البحث عن الذهب ..... 

قل لي يا خمبابا ، ماذا ستفعل بالذهب ؟

قال خمبابا _ سأضعه حول عنق  كروم  وصدرها الممتليء  عنقها اسمر وصدرها اسمر ، الذهب سيشع على صدرها وبين ثدييها حينها سأرتاح ، سأنام بينهما الى الصباح ...

قال سيما _ سيرضعهما كالطفل ..

قال الببغاء _ سيتدفأ بهما ... يشعان كالذهب بفمه تحت ضغط صدره ...

قال خوخة وهو يكرع كأسه _ باطل وقبض الريح  الذهب لا يوضع فقط على صدر الحسناوات  الذهب قوة وسلطة .......

انظر الي ، انا لا ابحث عن سلطة ولا قوة ولا جاه ، عندي الكثير منها ، قوتي في قناعتي ، في تدريب ذاتي على تقبل البساطة والكفاف ....

الكفاف ماذا احتاج في هذه الدنيا ؟

عشاء وسرير وغرفة دافئة ...

قال خمبابا _ هذا لا يكفي ، لا يكفي  كيف تصبح الغرفة دافئة ؟

_ اشعل حطباً ..

_ من اين يأتي الحطب ؟

_ من الحطاب ...

 يا حطاب ، يا حطاب ؟

اجلب لنا خشباً 

اجلب لنا اشجار ..

انت يا سيد الاخشاب ..

انت يا سيد الدفء اجلب لنا جمرا 

الشتاء على الابواب ...

قال خوخة _ الشتاء على الابواب .... 

كان الوقت شتاءا وكنت اسير في ازقة المدينة الكبيرة  لارسا  ، ابحث عن خبر ، عن سبق صحفي .... وجدت دكان صغير يشبه المتحف ويجلس عند عتبته المصور عباس كنجي  ، تحيط به مئات اللوحات الملونة والجميلة ، لوحات تصور ازقتها وحواريها وناسها واسواقها ومراعيها ، مصور جميل ، يأمل ببيع لوحاته للراغبين الاثرياء والسياح وحديثي النعمة ، لوحات عديدة وكثيرة ، لفتت نظري لوحة واحدة ، لوحة جميلة تصور امرأة في عز شبابها وعنفوانها ،وهي تعد الشاي ، سماور واقداح وبخار ... 

ربما لاتصدقون اني عشقت تلك الصورة ، اقصد تلك الفتاة  همت بحبها ، طار عقلي فلم ادري ما افعل ، سألت الفنان عنها ..

قال وهو يضحك _ انها ( محاسن ) شاعرة لارسا الفاتنة ، مروضة القوافي وفنون الشعر التي تخرج القصائد من فمها كزقزقة العصافير  ما من عابر ولا مسافر او شاعر الا ووقع بحبها وطلب وصالها ، عشاقها ومريدوها كثار ، لا انصحك بمزاحمتهم ، انهم اكثر من ريش صدرك ...

قلت _ هل قصائدها جميلة كشكلها ؟

قال _ بالطبع ، بالطبع قصائدها اجمل منها ....... اذا كنت تريد يمكنك الحصول على صورتها ودواوينها ادفع لي قطعة ذهبية واحدة ، لكني انصحك لا تقع بحبها ، الحب والغرام موجع ، مؤلم ، طائر صغير مثلك لا يستطيع مواجهة عشاقها من قواد ووزراء ورؤساء ...

اتجه خوخة ناحية سريره واخرج صورة فتاة جميلة ، بيضاء موردة الخدين ، شعرها طويل وصدرها عامر وعنقها طويل كالناقة وعيناها واسعتان مليئتان بالحب والدهشة والشعر ...

قال خمبابا _ انها حقا محاسن ، اسم على مسمى  لكنها ليست اجمل من  كروم  ، صدر كروم اكبر ،حوض كروم اوسع ومؤخرة كروم اكبر ، ليست اجمل من انيسة ، عنق انيسة كالبلور شعر انيسة كالليل ، افخاذ انيسة تشع في الظلام تنير منزلي وتدلني الى ما اريد وارغب ، كما انها ليست اطول من هادلي ، هادلي طويلة وقوية ، حينما اريد مضاجعتها احتاج الى مساعدة كروم وانيسة من اجل الامساك بها وطرحها على السرير ...

قال سيما _ نعم ، نعم ،  كروم  اشهى واحسن ، انا افضل كروم عليها ..

قال الببغاء _ انا احب النساء القويات المتمنعات ، انا افضل هادلي ..

قال خمبابا _ عن ماذا تتحدثون ؟ انتم تتحدثون عن زوجاتي ؟

_ انه مجرد رأي ..

_ مجرد خيال ..

قال خوخة _ ليس مثل محاسن مخلوق ..

ثم اخذ يتجول في المكان وينظر في الصورة بأسى ..

قال خمبابا وهو يهيأ عدة حربه _ لقد تأخرنا كثيراً .... اضعنا الكثير من الوقت ، استعدوا يا رفاق ، سننطلق عند الصباح ...







                               ******







قال العم مندي وهو يداعب طفله الضخم الجثة والكثير الشعر ..

_ شكري ، تعال يا حلوي ، تعال يا ولدي ..

قفز شكري بحضن العم حتى كاد ان يحطمه ..

_ بابا ، بابا  انا جائع ، اطبخ لي ثورا ...

_ ثور ، من اين لي بثور ؟ 

_ الثيران في البرية اذهب واصطاد لي واحدا ، انا جائع ..

قال العم مندي _ انت على الدوام جائع ، لا قدرة لي على اصطياد ثور ، الثيران قوية وعنيدة وهائجة ، لا استطيع قتل ثور ..

قالت السعلوة ام شكري _ نحن نباتيون يا ولدي لا نأكل اللحوم ..

قال شكري _ انا احب اللحم ...

هز شكري رأسه الضخم واخذ يتجول في المنزل وهو يردد ..

_ انا جائع ، جائع ، مللت من اكل الخبز وشرب اللبن ، اريد لحم ، لحوم ، لحوم ..

نظر ناحية اباه وكأنه يريد ان يأكله ، تلمظ شكري وهو يردد ...

_ لحوم  لحوم ... اطبخوا لي لحماً ..

قالت الام وهي تتمتم _ الولد جائع ، اذهب واجلب له لحما ، والا سيأكلنا .

_ يأكلنا ؟

_ سيأكلنا حتما ، انه جائع ، سيأكلنا حينما ننام ..

_ شكري الولد الذي انتظرناه طويلا سيأكلنا ؟

_ انه قوي ويافع يريد ان يأكل ، لا يريد الخبز واللبن يريد لحماً ..

_ نحن اللحم ...

_ نحن اللحم انجبنا وحشاً ..

_ نحن وجبة عشاء بالنسبة له اذهب واجلب اللحم ..

_ انا عجوز لا قدرة لي على مصارعة الوحوش ..

_ سيأكلنا اذن ...

_ شكري يا ولدي  انا اصبحت عجوزا ، وهن العظم مني ومعدتي لم تعد قادرة على الهضم ، لم اعد قادرا على الاكل وخاصة العشاء ، خذ عشائي ..

قال شكري وهو يطقطق باسنانه _ انا لا اهتم ، لا اريد عشاؤك ، لا اريده ، لا اريد اللبن والخبز ، اريد اللحم ...

اذهب واجلب لي ثورا لاتعشى به ..

التفت العم الى الجدة ام شكري وقال _ حسنا سأذهب من اجل العشاء ..

لم يكن في المنزل عدة حرب ، كانت هناك ( رحة ) حجرية  لطحن القمح ومذراة وبضعة ادوات حادة تساعدهما على البذار ..

قالت ام شكري _ انت الرجل افعل شيئا  شكري جائع ...

قال شكري _ انا جوعان ...

تناول العم المذراة وخرج من المنزل وهو بشك في امره ...

_ بهذه المذراة لن استطيع قتل ارنب ...

خرج العم مندي من المنزل الى الحقل الواسع ، رأى قطعان الثيران الوحشية ترعى بالقرب منه ، نظر الى المذراة الخشبية والى اجساد الثيران الوحشية ، لا مجال للمقارنة ، سلاحه الخشبي لن ينفع ، مذراته ستتكسر كالبسكويت على جلد الثيران الوحشية ..

قال مخاطبا الربة توتو ..

يا ربة الضعفاء ، يا ربة المستجيرين ، اجلبي لي ثورا ضعيفا ، مجروحا ، لا قدرة لي على مقاتلة الثيران ...

الالهة الرحيمة توتو سمعت نداءه ، وصلت الى اذنيها استغاثته ...

اشفقت عليه ، دلت خمبابا على منزله ...

قالت توتو _ اسمع يا خمبابا ، انت قريب من هدفك ، على بعد ساعة مضاعفة ستجد كوخ الجدة والعم مندي ، ستجد عندهم ماتطلب ، وانت قي طريقك امسك ثورا من الثيران الوحشية وخذه هدية للعم فهو بحاجة اليه ..

ركض خمبابا مع رفيقيه سيما والببغاء ، حتى وصلوا ناحية قطيع ثيران هائلة الحجم ، يقودها ثور كأنه الجبل بضخامته ، قرونه هائلة الحجم ومنخراه ينفثان الدخان ..

قال خمبابا _ اريد هذا الثور ..

قال سيما _ هل جننت يا ولد ، تريد ان تقتل هذا الوحش ، اسمع نحن متعبون ، اختر ثورا ضعيفا ، ثورا لا يقاوم ..

قال الببغاء _ حتى لو قتلناه كيف لنا بنقله الى كوخ العم مندي ؟

قال سيما _ نعم ، نعم ، هل ستحمله على كتفيك العريضين ايها القزم ؟ 

قال خمبابا _ سنأخذه حياً ..

اخذ خمبابا يهيأ حباله وخطافاته ويشحذ فأسه ...

عاد العم مندي الى كوخه ودخل وهو يمسك مذراته ..

قالت العجوز السعلوة وهي تطحن الدقيق _ اين الثور ؟

_ اي ثور ؟

_ عشاء الولد ، عشاء شكري ؟

_ هل صدقتي اني استطيع صيد ثور ، بهذه المذراة ؟

_ يا الهي ، سيأكنا الولد هذه الليلة ، سيصنع من عظامنا شوربة ..

_ هل سيأكلنا شكري ؟

_ شكري ولد ضخم بطين اكول ، سيأكلنا حتما ..

_ كلا لن يفعلها ..

_ سيفعلها ، طبخت له رزا باللبن ، لكنه لم يأكل ، ذهب الى غرفته دون عشاء ينتظر عودتك مع الثور ، قال لي ان ابي سيعود بثور ضخم ..

_ انت تمزحين يا عجوز ، لا استطيع صيد ارنب ، لا استطيع صيد دجاجة ، اذا كان شكري يريد ان يأكلنا قولي له ان يبدأ بي ، عظامي اكثر دسومة ..

_ افعل شيئا ... اذهب واصطاد ارنباً ؟

_ الارنب سريع وماكر ، لا قدرة لدي على صيده ..

_ اذهب واصطاد لنا دجاجة برية ، قطا لا تطير ؟

_ القطا سريعة وماكرة لا قدرة لدي على ملاحقة قطا ...

_ اذهب واصطاد لنا عصفورا  ..

_ العصافير تطير ، تملك اجنحة وانا لا قدرة لدي على الطيران ...

_ اذهب واصطاد لنا غزالا ؟

_ الغزلان سريعة ، تركض اسرع من دقات قلبي العجوز ..

_ اذهب واصطاد لنا تمساحاً ؟

_ التمساح يغوص عميقا في الماء ، لا قدرة لدي على التنفس ..

_ اذهب واصطاد لنا وعلا ؟

_ الوعل قوي يناطح الصخر ، لا قدرة لدي على مناطحته ..

_ اذهب واصطاد لنا اي شيء يطير ؟

_ الطيور في السماء ، العصافير على سقف الكوخ ، لا سهام عندي ولا حراب ولا سيوف انا صائغ يا عجوز ولست صياداً ..

_ سيأكلنا الولد هذه الليلة ..

_ قولي له ان يأكلني ، سأذهب لانام ...

اتجه العم الى فراشه وتلفع ببطانيته وهو يبحث عن الدفء ، بعد دقائق زحفت العجوز الى فراشه واندست الى جانبه وهي ترتعش ..

قالت _ تركت عشاءه على الجمر ساخنا ... انا اعرف ابني ، حينما يستيقظ يروح يبحث عن عشائه ، ولد ضخم ، سمين جدا يحب الاكل ، لكنه لن يأكلني انا امه التي انجبته وربته وعلمته ، لن يأكلني ..

قال العم _ ربما يأكلني انا ..

_ ربما ..

التصقت به الجدة وهي ترتعش ...

_ انا خائفة ... انا لا اصلح للاكل ، عجوز كومة عظام لا تصلح للمرقة حتى ، عظامي فاسدة لا تصلح لشيء ..

_ هل تظنين ان عظامي جيدة ...

_ ربما ، انت اقوى مني وعندك كرش صغير ، عندك ( حلولو ) يصلحان للشواء .. ابني يحب المشاوي ، انا اعرف ابني ..

قال العم _ تقصدين ان شكري سيشوي خصيتاي ، يا الهي ، نحن انجبنا وحشا ، لم ننجب ولدا يعيننا بشيخوختنا ...

_ انه قوي ويحب اللحم ، انت بالنسبة له وجبة عشاء ، الغلط غلطك ، كان عليك ان تجلب له ثورا من البرية ، الثيران ترعى في كل مكان ، لا فائدة ترجى منك يا مندي ، انت لا تنفع لشيء ..

_ انفع عشاء ، هذا ما تقصدين ... عشاء لابنك المتوحش ..

_ لا ترفع صوتك سيستيقظ  لا توقظه ..

سمعا صوتا ، حركة بالمطبخ ..

قالت _ لقد استيقظ انه يبحث عن عشائه ...

_ اسكتي ، اسكتي ، لا تصدري صوتا ...

_ انه يبحث عن ثوره ، كله بسببك ، لماذا لم تجلب له ثورا ، لو جلبت الثور لما فكر بأكلك وشي ( الحلولو ) ، لا فائدة ترجى منك ، انا خائفة يا مندي ، افعل شيئا انه يقترب من غرفتنا اسمع وقع اقدامه ....

_ لن يفعلها ..

_ سيفعلها ، هو من اخبرني بذلك ؟ 

_ اخبرك بماذا؟

_ قال انه يريد ان يتعلم الطبخ ، طبخ اللحم ...

_ حمدا للالهة انا مجرد عظام ...

_ عظامك احسن وافضل ، الرجل لا يشيخ تبقى عظامه محتفظة بشبابها ، ليس مثلنا نحن النساء ، نحن نشيخ سريعا ، لا شيء فينا مفيد حينما نصبح عجائز ...

ارتعش العم ، اختظ جسده ، لكنه بقي ممسكا باعصابه على امل ان ابنه لن يأكله ، الابناء لا يأكلون آبائهم هكذا وبكل سهولة ، ربما يتمردون عليهم ، يغضبون منهم ، يقتلونهم ، لكن لن يصل الامر بأكلهم وشوي خصوايهم ...

_ نامي يا عجوز اهدأي ... نامي ..

_ لا استطيع ... افعل شيئا اذهب وتحدث معه ...

_ احدثه بماذا ؟

_ قل له ان يصبح نباتيا مثلنا ؟

_ لكنه يحب اللحم ...

_ كله بسببك ، انت من علمه ، انت من لم تجلب له ثورا ..

في تلك الاثناء سمع العجوزان طرقا على الباب ...

قالت العجوز _ من على الباب ؟

قال العم _ انه ليس الثور بالتأكيد ..

_ من يكون اذا ؟ 

_ الوقت متأخر من يطرق بابنا في مثل هذه الساعة ؟

_ اذهب ، امشي افتح الباب ، يقولون ان الفرج مابين الباب وعتبته ، افتح الباب ..

نهض العم مندي من فراشه وهو يرتعش من البرد ، وجد شكري صامتا وهادئا وهو يأكل الرز باللبن والخبز .. تبسم لابنه ، اجابه الولد بتكشيرة ...

فتح العم الباب فوجد على الباب ثور هائل الحجم اضخم من الكوخ  مقيدا بالحبال والسلاسل وهو ينفث الدخان من منخريه ، بسبب ضخامة الثور لم يلحظ العم القزم خمبابا الذي كان ممسكا بخطامه ولم يلحظ الفار سيما ولا الببغاء الذي يقف عند قمة رأسه ..

شهق العم من هول المفاجأة ولم يدري ما يقول ..

_ ثور ، ثور عظيم على بابي ، سيد الثيران على بابي ..

قال _ ماذا تريد ايها الثور العظيم ، من ارسلك الى كوخي الوضيع ؟ هل استجابت الالهة توتو لتضرعي وارسلتك لي ؟

قال خمبابا _ انه عشاؤك ايها العم ...

_ عشائي ؟

نظر العم من حوله فوجد خمبابا يحمل فأسه الرهيب وسيما وهو يحمل سهامه والببغاء وهو ينقر راس الثور ..

قال _ من الاخوة الظرفاء الشجعان ، من المغامرين الشجعان ؟

قال خمبابا _ انا خمبابا ، حارس غابة الارز ، الوحش الذي لا تناله سيوف ولا سهام ولا سلاح وهذان صديقاي سيما المحارب ذو النبال والسهام والببغاء الحكيم ، وهذا الثور العظيم مجرد عشاء لك ..

_ عشاء ، شكرا لك ايتها الالهة العظيمة توتو ، شكرا لك لانك استجبت الى دعائي وتضرعي وشكواي ...

قال خمبابا _ تقدم ايها العم واذبح الثور وتقرب به لالهتنا العظيمة توتو ..

قال العم _ اذبح ماذا ، يا ولدي  انا نباتي ؟

_ لا يهم اذبح الثور ...

_ لكني لا استطيع ، لا استطيع ذبح عصفور ، كيف لي ان اذبح ثور ؟

_ انه مجرد ثور ..

_ اذبحه ...

_ اذبح الثور ...

قال العم _ اذبحوه انتم ، شكري سيتعشى به ...

جاء شكري وهو يتلمظ ، نظر الى الثور الضخم ، اعجبه الثور ، وقع بغرامه ...

_ يا للعشاء ، يا للحم الوفير ؟

_ انه يكفي لشهور ... قالت العجوز ..

قال الابن _ اسبوع واحد ..

_ كل هذا اللحم لاسبوع ؟ ... انه يكفيك شهرا ...

التمعت عينا شكري في الظلمة ...

صرخ _ اين السكاكين ؟

ركضت العجوز الى المطبخ وعادت بسكينة صغيرة تصلح لقشط الزبدة وقالت ..

_ اذا اردت لحماً ، تعلم ان تذبح ...

قال شكري _ بهذه السكين ؟

قال العم _ ليس عندنا غيرها ... اردت ثورا ، فجلبناه لك ، لا سكاكين لدينا نحن نباتيون لا نأكل اللحم ، الثور ثورك عليك بذبحه وسلخه ونعدك بأن لا احد سيشاركك به ، انه عشاءك .... 

بكى شكري وتعلق برقبة الثور وهو يحاول طرحه ارضاً ..

_ ساعدني يا ابي انا لا استطيع ذبحه بهذه السكين ..

اجاب العم _ اسال هؤلاء الفرسان الكرماء ، ربما سيساعدونك ؟

قالت العجوز _ كن مهذبا حينما تطلب المساعدة ...

توجه شكري ناحية خمبابا وهو يجر جسده الضخم ، كان اضخم واطول من خمبابا بثلاثة اضعاف ...

قال _ ساعدني يا عم يا قزم ، اذبح الثور من اجلي ؟

نظر خمبابا ناحية الثور الضخم ثم الى الولد وقال ..

_ انت اقوى مني واكبر حجما ، تستطيع قتله وذبحه ...

_ اعطني سكيناً حادا ، اعطني سيفا ورمحاً وحبالا وسأقتله في الحال واذبحه واشويه ، انتم جميعا ضيوفي هذه الليلة ، سأشويه لكم ...

فتح خمبابا صناديق سلاحه وناوله سيفا حادا وفأسا وخنجرا ورمحا وحبالا ..

_ انه لك ...

قال الولد وهو يحدق بالحقائب _ هل عندك بعض النبيذ ؟

_ تريد نبيذ ايضاً ؟

_ نعم .... سأشرب اولا ثم اجمع الحطب واشعل النار واتركها حتى تصبح جمراً ، بعد ذلك سأذبح الثور ...

ضحك سيما وقال وهو يناوله زق النبيذ _ تعجني يا ولد ، اشرب ولا تسكر وتقع بغرام الثور ، وعندما تكمل شيه اطرق علينا الباب ، فنحن ضيوفك هذه الليلة ..

_ لا تقلق ايها الفأر الفارس ، انتم مدعون جميعا ، انتم ضيوفي ، لا تقلقوا عشاؤكم موجود ، مطبوخ على نار هادئة ...

وضع الولد الزق على فمه واخذ يكرع ..

قال الببغاء _ انه وحش ..

قال العم مندي _ كلا ، كلا ... شكري مجرد ولد صغير طائش ، انه يبدو كالوحش خاصة حينما لا يمشط شعره ولا يستحم لشهور ، لكنه يبقى ولد يحب اللعب ..

قالت العجوز _ شكري لم يكمل عامه السادس عاشر ، مراهق ...

التفتت الى العم مندي وقالت _ دع ضيوفك يدخلون الى المنزل ليرتاحوا ...

_ اعذروني يا اولادي ، المفاجأة اخذت عقلي  ادخلوا ادخلوا ، مرحبا بكم في منزلنا المتواضع ..

قال خمبابا _ شكرا لك ايها العم ..

_ شكرا ، شكرا ..

دخل الرفاق الثلاثة الى الكوخ الدافيء ..

كان الكوخ يشبه البيضة ، صغير جدا وله نافذة واحدة تطل على الجهة الغربية ، ومفروش بالحصران والقصب والبردي وهناك سرير من التبن ينام عليه شكري ، اما العم والجدة ينامان على الحصران ، وفي زاوية الكوخ صندوق من الخشب الصاج مرصع بمسامير ذهبية تتوزع بشكل دقيق وترسم صورة قلب كبير ، في ذلك الصندوق تحتفظ الجدة بطحينها وخبزها ولبنها ، وفي الجانب الاخر صندوق آخر لكنه اصغر بكثير من صندوق الجدة ، واكثر تواضعا ، يحتفظ به العم بعدة شغلة التي يحول بها التراب الى ذهب ...

جاءت الجدة باناء ماء ، غسل الضيوف وجوههم وايديهم ثم جلسوا على الحصير قرب العم مندي الذي شعر بالامان الى جنب اولئك الضيوف الشجعان ..

قال _ مرحبا بقدومكم الميمون ..

قالت الجدة _ مرحبا بك يا خمبابا  ربما لا تدري مقدار فضلك علينا ، نحن مدينون لك بحياتنا ، مرحبا بريفقيك الشجاعين سيما والببغاء الحكيم ..

قال العم _ عندنا رز ولبن ساخن وخبز من طحين امكم ام شكري ..

قال خمبابا _ شكرا لك ايها العم الطيب ، شكرا لك على العرض الكريم ، لكن من يمسك ثورا حيا ويجلبه الى باب منزلك الكريم ، لن يطمع باللبن والرز ، سننتظر صديقنا الشجاع شكري ونساعده على اكل ثوره ..

ضحك العم _ اعذروني يا ضيوف ، يا كرام ، نحن اقصد انا وجدتكم نظن ان الناس اجمعين نباتيون مثلنا ، جدتكم لم تذق طعم اللحم طوال حياتها ، رغم ان الجيران ينسجون حولها الكثير من الحكايات ..

قالت الجدة _ دعهم يقولون ما يريدون ؟

_ كله كذب في كذب . هؤلاء الجيران سامحهم الله يتقولون علينا ، ينسجون عنا قصصا غريبة ..

_ دعهم يقولون ما يقولون ، نحن لم نؤذي احدا ولم نطرق باب احد ...

_ رغم هذا فهم ينسجون عنا القصص  يقولون ان جدتكم ...

_ هذا يكفي يا مندي ، ضيوفنا لا يريدون ان يسمعوا ما قاله الجيران عنا ...

_ لكنهم يقولون ...

صرخت الجدة _ نعم يقولون انني اسرق الاطفال ، رغم اني لم اسرق شيئا بحياتي ، يقولون اني اطبخ الاطفال وهم احياء ويسموني السعلوة ، يقولون عني اني اعيش في اعالي الاشجار بالقرب من النهر ، واني امتلك شعرا طويلا يغطي جسدي باكمله رغم اني قرعة ، انظر الي يا خمبابا ..

نزعت عصابتها وبرزت قرعتها _ انظر الي يا ولدي ، انا قرعة ...

قال سيما _ انها حقا قرعة ، عكس ما سمعته من بقية الفئران ..

قالت الجدة _ وهل الفئران يقولون نفس الشيء عني ؟

_ نفس الحكاية بالضبط ...

قال الببغاء _ سأخبر جماعتي بالامر ، الان عرفت الحقيقة ..

قال خمبابا _ لا يهمك يا جدتي الطيبة انها مجرد سوالف نسمعها ولا احد يصدقها ، لو صدقناها لما كنا بضيافتكم هذه الليلة ، لا عليك ايتها الجدة الطيبة ، انا مثلا لدي عم يعيش في ارض البهبهان ، بسبب طوله البالغ يسمونه الطنطل او السليت ، لكن هل هو حقا طنطل ، كلا ابداً ...

قال العم مندي _ تقصد طويل باشا ؟

قالت الجدة _ طويل افندي ؟

قال خمبابا _ نعم طويل باشا هو من ارسلني الى كوخكم من اجل الالتقاء بكم والتعرف عليكم ..

ابتسمت الجدة وقالت وهي تنظر الى العم _ هل تتذكر يا مندي حينما زارنا طويل باشا افندي وهو يبحث عن المعادلة الكيمياوية التي تحول التراب الى ذهب ..

ضحك العم مندي حتى استلقى على قفاه وقال _ طويل افندي حكيم من الدرجة الاولى ، كيمياوي ضليع لا يضارعه واحد من علماء عصرنا ، لكنه للاسف مهووس بتحويل التراب الى ذهب ، لا ادري لماذا يريد تحويل التراب الى ذهب ، لو ساعدته بتحويل التراب الى ذهب لاصبح التراب بسعر الذهب ، هاهاها هههه ...

قالت الجدة _ كنت ادري ان طويل باشا سيبقى يدور حول كوخنا ..

قال العم _ هاهو ارسل خمبابا الينا ... 

_ قل لي لم ارسلك العم الطيب طويل ؟

تنحنح خمبابا وهو يوزع نظراته بين سيما والببغاء ..

_ انه يريد بعض من طحين الجدة ..

_ هذا سهل ...

_ وبعض من تراب العم مندي ..

في تلك الاثناء دخل شكري وهو يجر رأس الثور الضخم ووضعه في وسط الكوخ وقال _ هل تحبون ( الباجة ) ؟

كان رأس الثور هائلا ، اخذ نصف حجم الكوخ ، اهوى عليه شكري بفأسه فقطعه الى نصفين وقال ويضحك بطريقة شريرة ..

_ نصف لك يا ماما والنصف الاخر لبابا ..

قال سيما وهو يتلمظ _ هل جلبت الحطب ؟

_ كل شيء الحطب والملح والكاري والكمون والشطة ، تعالوا يا رفاق ، تعالوا لنأكل .... تعالوا ..

قالت الجدة _ سأعمل لكم الشاي ..

قال العم مندي وهو يتثاءب _ اما انا سأحضر لكم بعض من التراب ، امامي عمل طويل ، تصبحون على خير ...

اجتمع الرفاق الثلاثة مع الولد شكري يقطعون لحم الثور ويشوونه على الجمر ويأكلون حتى انبلج الصباح ...




                         ******







قالت الدبة صبوحة لزوجها وهي تشد عصابتها على راسها ..

_ اسمع يا صالح ، الصيف اخذ يقترب انه على الابواب ، والقزم خمبابا لم يعد من رحلته بعد ، ربما لن يعود ، قد تكون الذئاب والوحوش اكلته ، انت تعرف بأن الاطفال لن يتحملوا حرارة الطقس هنا ، ستتهرأ جلودهم في مثل هذا الطقس ، انهم لا ينامون ، يهرشون جلودهم طيلة اليوم ، اخاف عليهم ، بدأت اقلق عليهم ..

قال الدب صالح _ لا تقلقي ، اصبح لديهم اصدقاء يلعبون معهم ، انهم فرحين بحياتهم الجديدة ، لديهم اصدقاء من كل انواع الحيوانات ...

_ وماذا عن جلودهم ، انها لا تتحمل حرارة الشمس ؟

_ سيتعلمون ، ستصبح جلودهم خشنة وقوية بمرور الوقت ، ما يحتاجونه هو زيت يدهنون به جلودهم ، سأذهب الى طويل باشا واسأله ان يعيرني زيتا ..

قالت الدبة _ اسأله ايضا عن خمبابا قل له متى يأتي ؟ لم اعد استطيع الانتظار ، انا قلقة على الاولاد ، اذا لم يتحولوا الى فئران قبل قدوم الصيف ستكون مشكلة كبيرة وربما تفقدهم ..

توجه الدب ناحية نافذة الكوخ ونظر الى الاولاد وهم يلعبون مع الاسماك في النهر وقال _ انظري اليهم يا صبوحة ، اولادنا يذهبون الى المدرسة الان ، ليتعلموا فنون الطبخ والغسل والزراعة وتفقيس البيض والعيش بسلام مع الطبيعة ، لم يعودوا اطفالا متوحشين يأكلون كل ما تقع عليه ايديهم ...

_ لكنهم دببة ، انها مشكلة ، ليلة امس حدثتني ( حنونة ) قالت لي ان حجمها الضخم يمنعها من الدخول الى المدرسة والجلوس على المقعد ، المقعد صغير وهي ضخمة الحجم اضخم بكثير من اقرانها ، اخشى عليها ان تصبح عانساً ..

ضحك الدب الاب _ وماذا تريدين ؟ هل تريدين منها ان تتزوج ضفدع او فأر او سمكة ؟ انتظري لبعض الوقت الى ان يعود خمبابا من رحلته ونجد حلا لكل هذه المشاكل الصغيرة ..

_ الولدان يتأقلمان سريعا ، انهما يجلسان على الارض ويأكلان مع اصدقائهم ، لكن المشكلة مع البنية انها حزينة تشعر بالغربة وسط هذا المكان ، عليك ان تجد لها عريساً ؟

_ من اين آتي لها بدب ؟

_ الدببة كثار ، انهم عند الجبل اذهب واجلب لها دبا شابا وضخما مثلها ؟

_ كيف اجلبه ، كيف اقنعه بالنزول من الجبل الى المدينة ؟

_ قل له اننا قوم اثرياء ..

_ اثرياء بماذا ؟ ماذا عندنا ، لا شيء ..

_ ماذا تعني لاشيء ، حينما يعود خمبابا سنسكن في قصر البهبهان ، نأكل من على مائدته ونلبس ما يلبسه ..

ضحك الدب وقال _ حينما نصبح فئران ، في ذلك الوقت البنت لن تحتاج دباً ، ستجد لها فأرا ..

ضحكت صبوحة _ ما اغباني ، لكن متى يأتي خمبابا ؟

في تلك الاثناء دخل الدب الشاب وهو يمسك بيده سمكة شبوط ضخمة 

وقال وهو يضحك _ انظر يا ابي الى صديقتي الجديدة ؟

قالت السمكة _ كف عن المزاح يا حبيبي اعدني الى النهر ؟

قال _ كلا ستعيشين معنا هنا ، تعالي لاريك غرفتي وسريري ..

قالت السمكة _ لا استطيع  يجب ان اعود الى النهر ، لا استطيع ان اتنفس هنا ، اعدني الى النهر ؟

قالت صبوحة _ يا للسمكة الجميلة الضخمة ؟

_ انها صديقتي ...

_ صديقتك ؟  لكنها سمكة ، انت تريد دبة ، ماذا تفعل بسمكة ؟

_ لكننا اصدقاء ...

تعالي لاريك غرفتي ؟

أشار الدب الشاب للسمكة

تبسمت السمكة وقالت _ سأذهب معك لكن ليس لوقت طويل ، امي تنتظرني عند ضفة النهر لا اريدها ان تقلق علي ؟

_ تعالي ..

دخل الدب مع السمكة الى الغرفة ..

قالت صبوحة _ هل تظن انه سيأكلها ؟

_ كلا ، انهما صديقان فقط ...

_ ماذا لو انه ....

_ ماذا ؟

_ نفخ بطنها ، ماذا نقول لبقية الدببة والاسماك ستكون فضيحة ؟

_ لا تقلقي ؟

_ انا قلقة من كل شيء ، اذهب الى العم طويل واسأله عن خمبابا ؟

_ سأذهب ..

_ لا تنسى ان تسأله عن الزيت ؟

خرج الدب الاب من الكوخ وتوجه ناحية منزل العم طويل ..

كان العم طويل في تلك الاثناء مشغول بالحديث مع الديك مسرور ..

زعق الديك _ لا استطيع ، لا اقدر ، مللت الحياة معك ، يجب ان اذهب هذه الليلة ، اعذرني اعذرني ، لا وقت لدي يجب ان اذهب ، تركت عشاءك على الجمر ، تعشى ونام وحاول ان تتعلم الحياة بدوني بدون خادم ..

قال طويل _ لكن يا مسرور هذا لا يصح ، هل نسيت صداقتنا وعشرتنا الطويلة هل نسيت العيش والملح ؟

قال الديك _ لا مستقبل لدي معك ، سأبقى خادماً الى الابد أ اطبخ واغسل واكنس ، كلا كلا يا طويل باشا ، يجب ان اشق طريقي بعيدا عنك ..

_ كيف ستشق طريقك وانت ستكون خادما عند ناس لا يحترمونك ولا يقدرون ما تفعله لهم ..

_ سأعيش في قصر البهبهان حيث لا حر ولا قر ، لاجوع ولاسغب ، سأخدم سيدتي  لولو عكو  زوجة البهبان التي ستجزل لي العطاء وتجعلني ثرياً ..

_ انت واهم يا مسرور اولئك الناس طماعون مرضى وقتلة ، سيستخدمونك في اقسى الاعمال واقذرها ولن يعطوك شيئاً ولن يقولوا لك شكراً ، سيحتقرونك ويرمون لك الطعام كما يرمونه للكلب ..

_ انت تقول هذا لانك تغار منهم ، لا تستطيع ان تعيش مثلهم ، انت فقير معدم وتريد خادم ، من يقبل ان يخدمك ؟

_ انت تعرف يا مسرور اني استطيع ان اكون ثرياً ..

 ارني ، دعني ارى ثراؤك وذهبك ، ام انه مجرد كلام.

_ انتظر الى ان يعود خمبابا ..

_ كلا لا استطيع ..

وضع الديك صرة ملابسه على ظهره وخرج وهو يغني ..

اثناء خروجه اصطدم جسده بجسد الدب الضخم فقال ..

_ دب ، ماذا يفعل دب في ارض الضفادع ... تفو تفووو ؟

قال الدب _ كيف حالك يا مسرور ؟

_ خررة ..

_ اين عمك ؟

_ لم يعد عمي ، انه في الداخل ...

_ الى اين ذاهب ؟

_ ليس شغلك ..

اخذ الديك يغني ..

اسمعي يا عمتي ، اسمعي يا حلوتي

اصغي لاغنيتي

المطر يغسل الحقول

العشب يغني اغنيتي

عيعوو عيععووو

الاشجار تعانق المطر 

تغني اغنيتي 

عيعوو عيععوو

غاب الديك بين العشب واغصان الشجر وهو يتقافز فرحا بعمله الجديد ..

طرق الدب الباب ..

قال طويل افندي _ من هناك ؟

_ انا الدب يا سيدي ..

_ تعال  ادخل ..

دخل الدب الى المنزل وهو يجر جسده بصعوبة وقال ..

_ زوجتي صبوحة قلقة ..

_ انها قلقة على الدوام ، ماذا يقلقها هذه الليلة ؟

_ الاولاد ، الاولاد مصدر قلقلها ، تخاف عليهم من حرارة الصيف وقيظه ، تعرف ان الدببة لا تستطيع العيش في مثل هذه الطبيعة الجافة والحارة ..

_ ماذا تريدني ان افعل ؟

_ متى يعود خمبابا ؟

_ لا ادري لكنه سيعود حتماً ..

_ هذا ما حاولت افهامها لكنها قلقة من تأخره ..

_ سيعود في اية لحظة ، انا انتظر عودته على احر من الجمر ، انا احتاجه ايضاً ..

تنحنح الدب وقال _ هل استطيع ان استعير منك بعض الزيت ؟

_ بالتأكيد ، اي نوع من الزيت تريد ؟

_ زيت ( الخروع

غاب طويل لدقائق في مختبره وعاد وهو يحمل قارورة الزيت وقال ..

_ دع الاولاد يمسحون هذا الزيت على جلودهم قبل ذهابهم الى النوم ..

_ شكرا لك يا باشا ..

_ لا عليك يا صالح ، سيعود خمبابا قريباً ..

_ نعم سيعود وستفرح صبوحة كثيرا بعودته ..

_ تصبح على خير ..







                                 *****





طرق مسرور الباب الخشبي الضخم ..

قال صوت من الداخل _ تأخرت يا مسرو ، تأخرت كثيرا ، لماذا تأخرت ؟

قال الديك _ مشاغل يا سيدتي ، مشاغل وبضعة امور اردت ان اصفيها مع طويل افندي ، لا يهم لا يهم انا هنا على اية حال ، انا في خدمتك يا سيدتي ، اطلبي اي شيء يعجبنيك وستجديني خادما مطيعا ..

فتح الباب واطلت لولو عكو وهي بملابس النوم وتمسك بيدها مصباح زيتي ترتعش ذبالته مع خفق الريح ..

قالت وهي تنتحب _ سيدك البهبهان غاضب مني جداً ، لم يعد يرغب بي ، لم يعد ينام معي ، تركني وذهب مع تلك العاهرة النحيفة اسمهان ، لا ادري ماذا احب فيها ، انها نحيفة كأصبع الطبشور ، اثدائها صغيرة كالليمونة الحامضة ومؤخرتها ، انها لا تملك مؤخرة ، لا شيء ينام عليه سيدك ، لا شيء ، شفاهها رفيعة وعنقها طويل كالزرافة ، لا ادري ماذا احب فيها ؟

قال مسرور _ لا تقلقي يا سيدتي لكل شيء حل ، حل مؤقت او دائم ..

_ اريد حلا دائما يا مسرور ، حلا يجعل سيدك لا يفارقني ...

_ بسيطة ...

_ بسيطة ؟ 

_ نعم دعيني ارى ؟

_ ترى ماذا ؟

_ اقصد اخلعي ملابسك ودعيني ارى جسدك ...

_ اخرس يا مسرور ؟

_ هل تريدين مساعدتي يا لولو عكو ؟

_ نعم اريد ..

_ اذن دعيني اساعدك ، اخلعي لارى ؟

ارتعشت ذبالة المصباح ، ارتعشت لولو عكو وهي تخلع ثوب النوم وتقف عارية امام الديك الشيطاني ..

ضفدعة ، ضفدعة خضراء ، جسدها مبقع ببقع سوداء غامقة واثدائها متهدلة تكاد تلامس صرتها وبطنها ضخمة تغطي ساقيها الرفيعتين ..

تمتم الديك _ منظر يبعث على الاشمئزاز ، لا عجب ان البهبهان لا ينيكها ...

قالت لولو عكو وهي تمسح العرق من عنقها _ ماذا قلت ؟

_ لا شيء ، هناك الكثير من العمل امامنا ..

_ حولني يا مسرور الى حورية ، حولني الى فراشة ؟

_ نعم سأحولك الى شيء لم ير البهبهان مثله بحياته ..

_ حقا يا مسرور ، سأعطيك وزنك ذهبا ، سأجعل منك وزيرا ، سأكسيك احسن الثياب واغلاها واقلدك الاوسمة وانواط الشجاعة ، سأجعلك تنام مع كل جواري القصر ، حتى لو اردت ان تنام مع اسمهان او تجعلها جارية لك ..

_ لا اريد اسمهان ...

ادار الديك ظهره لها وراح يبحث في حقيبته عن مسحوق سحري سرقه من مختبر طويل افندي ، وجد زجاجة سوداء اللون بداخلها سائل اصفر لا يعرف كنهه ، اخرجه من الحقيبة ، تمعن به طويلا وهمس ..

_ لاجرب هذا السائل على هذه الضفدعة وليكن ما يكن ، انها ضفدعة ، اي شيء افضل من ضفدعة ، لو تحولت الى طائر او خنفساء او جرادة ، افضل لها واحسن من ضفدعة قبيحة ...

ناول الشراب للضفدعة وقال _ اشربي يا سيدتي ، اشربي هذا المحلول السحري ..

ابتسمت لولو عكو وتناولت القنينة بأصابع مرتعشة وقالت ..

_ ماذا بداخلها ؟

_ من اين لي ان اعرف ؟ اقصد انها شراب سحري ..

_ الى ماذا سأتحول ؟

_ اطمئني ستتحولين الى ما تريدين ..

_ اي شيء اريد ؟

_ نعم اي شيء ترغبين ، فراشة حورية فرس ديناصور ، اشربي يا سيدتي ..

_ هل تعرف يا مسرور ، لو تحقق هذا سأجعل منك زعيما تحل مكان البهبهان وتصبح انت البهبهان ، سأتزوجك ونحكم البلاد سوية ..

_ اشربي يا سيدتي ؟

قربت الضفدعة القنينة من شفتيها واغمضت عينيها ثم ارتشفتها ..

_ اشربيها كلها ، كلها يا سيدتي ...

ساد المكان صمت مريب لدقائق ، دقائق طويلة مرت كأنها الدهر ، فجأة انتفخ جسد الضفدعة ، تضخم مرات عدة ، مرتان ثلاثة عشرة ، نبتت لها قرون وحوافر وعثنون تحت حنكها ...

صرخ الديك _ عنزة ؟

صرخت لولو عكو _ اشعر بنشوة رهيبة ، قوة خارقة ، شكرا لك يا مسرور ، شكرا لك يا حبيبي انا الان اقوى من الصخر اقوى من البهبهان والحرس والجيش اشعر بأني استطيع قتلهم جميعا ، شكرا يا مسرور ..

_ لا شكر على واجب يا جميلة ...

_ اين المرآة .... اجلب لي المرآة لا نظر الى وجهي ...

_ مرآة ، تريدين مرآة ، نعم ، نعم .... سأجلب المرآة ، لكن انت جميلة ومهيبة لن تحتاجي الى المرآة ...

_ اريد ان ارى هيئتي ، حرس يا حراس ...

قال الديك _ لا حاجة لك بالحرس ، انت الان لا تحتاجين الى حرس ...

_ يا حراس ؟

جاء الحراس يتراكضون واسلحتهم تقرقع ...

توقفوا في منتصف الطريق وقد اخذتهم الدهشة من العنزة الضخمة الحجم ...

صرخت لولو عكو _ مالكم تنظرون الي هكذا ؟

قال الحرس _ من انت وكيف دخلت الى غرفة لولو عكو ؟

_ انا لولو عكو يا مغفلين .. الان اسرعوا ، اجلبوا لي مرآة لارى شكلي الجديد ..

ركض الحرس وعادوا وهم يحملون مرآة ضخمة نصبوها امام لولو عكو ..

حاول الديك ان يهرب ، حمل حقيبته واراد ان يتسلل من بين صفوف الحرس .

قالت لولو عكو _ لا تدعوه يهرب ..

حاصره الحرس وامسكوه ..

تمعنت لولو عكو يشكلها الجديد طويلا ثم ابتسمت راضية وقالت ..

_ اسمع يا مسرو ، هل تستطيع ان تجعل قروني اكبر ؟

_ كلا يا سيدتي ، هذا كل ما استطيع ..

مسدت قرنيها _ لو كانا اضخم واكبر واقوى ..

ضحكت بطريقة شريرة وخرجت من القاعة ...

قال مسرور _ ماذا عني يا سيدتي ؟

_ اتبعني يا مسرور ...

كانت تضحك بطريقة غريبة ، سارت في ارجاء القصر الكبير ، توجهت ناحية غرفة البهبهان فتحت بابها بقرونها ...

كان البهبهان نائماً على ظهره ، وحيدا وعاريا كالالهة وضعيفا كالمتسولين ، ضفدع ازرق ضئيل الحجم رقيق الجلد ، منتفخ البطن ويتنفس بصعوبة ، لم يكن يبدو كمحارب وفارس بل ضفدع صغير امام قرون لولو عكو الهائلة التي اقتربت منه واخذت تتمعن به لدقائق وفي عينيها لمعان غريب ، ثم قربت قرنيها من عينيه ونزلت بهما الى صدره ثم الى كرشه وبقرته بعنف ، انفجرت بطن البهبهان كالبالون وصدر منها صوت مدوي صاحبه بقايا طعام وخراء انتشر على الاغطية والشراشف والوسائد .... 

قال البهبهان وهو يمسك كرشه وامعائه النازفة ...

_ من انت ايها القاتل ؟ كيف تسللت الى غرفتي ؟ اين الحرس اين سبورتي ؟

قالت لولو عكو _ الى الجحيم يا بوبو الى بئس المصير ...

_ من انت ؟

_ انا قدرك المحتوم انا من سيأخذ روحك العفنة هذه الليلة ، انا لولو عكو ..

_ لولو ، زوجتي حبيبتي ؟

_ نعم لولو التي تركتها تعاني برودة السرير وليالي الشتاء الطويلة ، لولو التي لم تقبلها ولم ترضع ثدييها منذ سنوات ، لولو التي تأنف وتشمئز من مضاجعتها ، لولو التي لم تنظر بعينيها ولو لمرة واحدة ، ايها الخائن ، ناكر الجميل ؟

_ لولو ، ارجوك استدعي لي طبيبا ، استدعي لي حكيما ، لا اريد ان اموت ..

_ ستموت هذه الليلة ، ستموت يا بوبو ..

_ ارجوك يا صاحبة القرون لا تقتليني ؟

اشهرت لولو عكو قرنيها وغرزتهما بين فخذيه ..

ندت من البهبهان صرخة مكتومة ، امتدت اصابعه الطويلة الزرقاء وحاول ان يمسك موضع الالم ، عالجته لولو بضربة اخرى على صدره فأسلم الروح وهو يتمتم ..

_ من اين اتيت بالقرون يا عاهرة ؟

_ من الديك الشيطاني يا حبيبي من مسرور ..

انقطع تنفس الضفدع ، مات ، تراجعت لولو عكو الى الخلف وفتحت نوافذ الغرفة واشارت للديك المذعور ان يعلن موت البهبهان بالسكتة القلبية ..

هرول الديك وصعد الى الشرفة العالية وصرخ ..

_ مات سيدي الضفدع العظيم ، مات سيدنا البهبهان بالقرون ،بالسكتة القلبية  اقصد بالغلطة القلبية ، مات بالغلطة القلبية  .. 

صدر صوت حزين ، انبثق من الغرفة الملوكية ، توزع على غرف القصر الكبير ثم في ارجاء المدينة ..

_ البهبها العظيم مات ، مات البهبهان ...

_ مات الفارس العظيم ، مات القائد ...

حدث هرج ومرج في القصر ، تجمع الحرس والقواد والجواري خارج الغرفة التي تضم جسد الملك وهم يتمتمون ..

ماذا حصل ، كيف مات البهبهان ؟

رأيته قبل ساعات يروض فرس وحشية ..

رأيته هذا الصباح يدرب صقراً ..

كان معي هذا الصباح ، تناول فطوره المكون من عسل وكعك وجبنة ، سقيته الشاي باصابعي هذه ومسحت فتات الكعك عن شاربيه بشعري ..

مر علي بعد الظهر وامرني ان اسرج حصانه من اجل نزهته المعتادة ..

اين سبورتي ؟

يا الهي ، كيف مات ؟ ليلة امس جاء الى غرفتي يحمل فانوسا ، جلس على الكرسي المعد له اخذ يدخن ويدخن ثم امرني ان اخلع ملابسي ، كان الجو حارا وكنت اتعرق بغزارة ، نزعت ثوبي وحمالة ثدياي ولباسي الداخلي ووقفت ارتعش امامه . قال لي اقتربي مني اكثر ، الصقت سرتي بفمه فأخرج لسانه الطويل المبقع وادخله بسرتي ، يا للبهجة يا اخواتي يا للذة العظيمة ، لسان سيدي بسرتي ...

_ بسرتك فقط ؟

_ اقصد في كل مكان ، انه كما تعرفن وحش ، وحش من طراز فريد ...

_ ثم ماذا ؟

_ اكملي ، اكملي ؟

جاءت اسمهان وهي ترتدي ثوبا طويلا وتمسح العرق عن وجهها ..

_ كيف مات ، من قتله  اين لولو عكو ؟

اين سبورتي ؟

لم ار سبورتي منذ اسبوع ، اختفى منذ اسبوع ، لا احد يعلم اين ذهب حتى زوجته طيطوة لا تعلم اين ذهب ؟

جاء فلفل وهو يمسك بيده الاميرة اميرة ..

قالت اميرة _ انها جريمة قتل ..

صرخ فلفل _ من قتل والدي ؟

قالت اميرة _ يا حرس طوقوا الغرفة دعونا نرى من بها ؟

في تلك الاثناء فتح باب الغرفة التي تضم جسد البهبهان وخرجت منها لولو عكو وهي على هيئة عنزة ضخمة تمسك بيدها الديك مسرور ..

تراجع الحضور الى الخلف من هول المشهد ..

قالت لولو عكو بصوت خشن _ انا لولو عكو ...

اشهرت قرنيها بوجه الحضور _ وهذا الساحر العظيم مسرور الذي لديه القدرة على تدميركم وتدمير هذه المدينة عن بكرة ابيها ..

ارهم يا مسرور ما تستطيع فعله ؟

قال مسرور وهو غير متأكد _ نعم يا سيدتي ، اين حقيبتي ، اين متاعي ؟

راح الديك يبحث في حقيبته عن بعض القوارير واخرج قارورة اشهرها بوجه الجميع وقال ..

_ قارورة ، دورق ...

صرخ الجميع فزعين والتصقوا بعضهم ببعض مذعورين ...

عنده قارورة ..

عنده دورق  ..

 قالت لولو عكو وهي تمسد قرنيها _ امسخهم الى حشرات او ذباب يا مسرور ، حولهم الى هوام ، اقضي عليهم ؟

_ نعم يا سيدتي سامسخهم ، سأقضي عليهم ..

بيد مرتعشة حاول مسرور فتح القنينة ..

صرخ الجمع _ ارحمينا يا سيدتي ، ارحمنا يا مسرور لا تفتح القارورة ؟

_ افتحها يا مسرور ؟

قال الجمع _ يا صاحب القارورة ..

يا صاحب القارورة 

يا صاحب الدورق 

يا صاحب الدورق السحري 

لا تفتح دورقك 

لا تلقي علينا سحرك ..

قالت لولو عكو _ انا الملكة ، انا صاحبة الجلالة ، انا القائد انا الزعيم ..

ردد الجمع _ لك السمع والطاعة ، لك الامر يا صاحبة الامر ..

قالت لولو عكو _ انا الملكة ، انا الامر الناهي ..

_ لك السمع والطاعة ...

قالت الاميرة اميرة _ لكن من قتل البهبهان ؟

_ لا احد مات بالغلطة القلبية ...

صدر صوت وانتشر في كل ارجاء المدينة ..

البهبهان مات بالغلطة القلبية وخليفته الملكة لولو عكو ...

نعم ، نعم ...

اهتفوا قولوا نعم نعم ؟

نعم نعم ....





                                   *****







جدتي كيس الطحين تقول ( لا تضع كل ارانبك في سلة واحدة ) .... 

لم اتعلم منها الكثير ، ربما حفظت ما قالت ، لكن ، لا يهم ، لا يهم ما تعلمت وما لم اتعلم ، المهم اني مازلت محتفظاً برأسي تحت عمامتي ، اذ اني كلما وجدت نفسي مرمياً على قارعة الطريق ، اتحسس عمامتي ، واتمتم ...

_ انها مازالت موجودة ، شكرا للالهة عمامتي بمكانها ..

هذا يعني اني مازلت احمل رأسي على كتفي ...

عادة سيئة ، سيئة جداً .... اشرب واسكر واتحدث ( خره ) او اتصرف ( خره ) ، عقدة طفولية ، شعور بالاضطهاد احاول تفريغه على من حولي حينما اشرب ، اقصد حينما اسكر .... يا للخسارة ، كم فقدت الكثير من الذهب والفرص والليالي الملاح ، يا ولد كن مهذباً  كن خلوقاً ؟ ما هذه العادة السيئة بالتعري وابراز اعضاءك المشؤومة في الامكنة العامة ...

اقذفوه من النافذه ، تخلصوا منه ... السافل ، الساقط المنحط ...

ارتطم جسدي على الارض بعنف فصرخت بألم ...

_ آخخخخخخخخ ..

سمعت صوت الطائر وهو يقول _ تستحق ، تستحق اكثر من هذا ، اني لاعجب لماذا لم تقتلنا الملكة بهار وترمي جثثنا الى الكلاب ؟

قال البعير _ ربما وجدت اننا لا نستحق القتل ؟

_ وجدتنا وضيعين ؟

قلت _ انتما الوضيعان ، كل ما حدث بسببكما ..

قال البعير _ انا لم افعل شيئاً ، تمددت على السجاديد الفاخرة آكل علفي واشرب نبيذي واستمتع بحنكة اصابع الوصيفة وهي تحك ظهري وتمشط وبري ..... لم ينتعظ عيري ، لم يقفز عضوي وتتضخم خصيتي ، لم احدث حركة مريبة ، لم افزع الفتاة ، صحيح اني شربت قليلا وحاولت ان اعلمها طريقة البروك على يديها ورجليها ، لكنها لم تمانع وجدت ان الامر ظريف جدا ويستحق التجربة ، آه يا جواد ، آه يا مخلص افندي .... بركت الوصيفة على يديها ورجليها ، كانت تلبس ثوباً قصيراً وشفافاً .. آه يا جواد  رأيته ، رأيته  ليتني لم اره ؟

_ رأيت ماذا ياحاتم ؟

قلت وانا انفض التراب عن جبتي _ انت ايضاً ؟

_ رأيته  كالارنب البري ، كالارنب الوحشي ، داكن وناعم ومشقوق الشفة ، لم اتمالك نفسي ، فعلتها ...

_ فعلت ماذا ؟

_ عادة اللعق السيئة ، انا بعير ولدي لسان طويل خشن ، احب اللعق ، حتى الاشواك العقها قبل ان آكلها ، مددت لساني الطويل واغمضت عيني واخذت العق والعق ، والجارية تتأوه وتصرخ ..

_ تلعق ماذا ؟

_ العق ما يقع عليه لساني ..

 حتى وجدت نفسي وانا اسقط من اعلى القلعة الى الارض ، صحيح اني سمعت صراخ حراس من حولي وهم يضربوني بالسياط ، لكني لم اهتم ، لم اهتم على الاطلاق  العق ثم العق حتى وجدت نفسي محمولا ومقذوفا من النافذة .... آه يا ظهري آه يا ضلوعي ... آه ، آه لو كنت امتلك جناحيك يا جواد لما تحطمت ضلوعي  وتكسرت عظامي ، آه يا عظامي ...

قال الطائر _ انا اختلف ، اختلف ، انا لست غراً ، لست احمقاً ، اختليت بالوصيفة ، واخذت اقرأ لها الشعر ، انت تعرف ..

_ اعرف ، اعرف ..

_ النساء يحبن الشعر ، يموتن بالغزل والكلام الرقيق ، شربنا وتحدثنا شعراً ، ارتخت الفتاة ، تمددت على السجادة ، خاطبتها قلت لها ، انت متعبة تعالي وتوسدي جناحي ، تمنعت في بداية الامر ، لكن قصائدي وكلماتي الرقيقة جعلتها تقترب مني وتدخل تحت جناحي ...

دخلت وتوسدت ريشي الناعم واخذت تشم رائحتي ...

قالت _ ايها الطائر الكاسر ، ايها العملاق العظيم منذ متى لم تأخذ حماماً ؟

قال البعير حاتم _ منذ ولدتك امك ...

قلت _ منذ عرفتك ...

قال الطائر _ اخذتني الى الحمام ، بخار وعطور وشموع وشراب ، غطست بالحوض وهي تدلك ظهري ، كل ذلك وانا صابر ، كأني غير معني بالامر ، العب برغوة الصابون وانثر الماء على جسدي ، فجأة اطفأت الشموع ، نفخت عليها بأنفاس من الزعفران وخلعت ملابسها وغطست معي بالحوض ...

قال البعير _ غطست معك عارية ؟

_ ربي كما خلقتني ، عارية حتى من ورقة التوت ..

_ وماذا فعلت ؟

_ لم افعل شيئاً ...

اغمضت عيني واستسلمت لاصابعها ، نزلت اصابعها الى سرتي ، الى بطني ثم الى موضع السر ، بحثت ثم بحثت وبحثت ، اطلقت صرخة اطارت من صماخي كل ما شربته ( اين هو ؟ ) ...

قال حاتم _ لم تجد شيئاً ؟

قال _ لم تجد ما تبحث عنه . انا مجرد طير ، لا امتلك ما تملكون ..

_ حقا ، ليس عندك شيئاً ؟

_ ليس مثلك ومثل مخلص افندي ...

_ تعني انت عنين ؟

_ كلا ايها الاحمق ، كلا لكنه صغير ...

_ دعني اراه ؟

_ اخرس ، وقعت اصابعها على ريش فقط ، تملكها الجنون والشبق ، فصرخت حراس يا حراس ، لا ادري من اين خرجوا ؟ خرجوا من كل مكان وقيدوني ورموني من النافذة ... آه يا جناحي ، آه يا ضلوعي ....

قلت _ حشر مع القوم عيد ...

التفت الي الوحشان وقالا _ انت ماذا حدث معك ؟

قلت _ لا يهم ، لا يهم ...

_ ماذا تعني ؟

_ خسرنا الخارطة ولم نحصل على الذهب ، لنهرب من هذا المكان قبل ان نقتل ، قبل ان نتحول الى عشاء ...

فرش جواد جناحيه ، صعد حاتم على ظهره وصعدت خلفه حلق بنا الطائر ، حلق بنا بعيدا ناحية المنزل ، الكوخ الذي احب ان اقضي ما تبقى لي من حياة  في ارض البهبهان حيث الموقد والجمر المشتعل وجدتي العجوز كيس الطحين وهي تعد لي الفطور على وقع نقيق الضفادع ...

جدتي تقول ( ما نفع حكاية دون واش وما نفع قوال دون حكاية ) ....

من الواشي ؟

من القوال ؟







******





وصل خمبابا الى قريته في وقت متأخر من الليل وتوجه الى منزله ، نظر من حوله يتفحص المكان ، ويعد الشهور والسنوات التي قضاها بعيدا عنه ، سنوات طويلة من الرحلات والعمل الشاق من اجل الذهب ، من اجل ان يتقاعد ويعيش في بحبوحة وهناء بال مع زوجاته ( كروم وهادلي وانيسة ) ، وها هو قريب منهن يشم رائحتهن ويكاد يسمع شخير كروم ، سيذهب ويندس بفراش واحدة منهن ، لا يهم من تكون ، لا يهم  كلهن جميلات  كلهن رقيقات ودافئات ، سيتنعم بدفء اجسادهن وحلاوة ريقهن ، سيحاول ان يكون عادلا وشهما بتعامله معهن ، لن يفضل واحدة عن الاخرى ، سنوات التعب والغربة انتهت ، انتهت الى غير رجعة ، لن يضطر بعد الان للجري وراء المغامرة والذهب ، جمع الكثير من الذهب ، اعطاه طويل افندي جوهرة بحجم قبضة اليد مقابل طحين الجدة وتراب العم مندي ، اعطاه التاجر الاجرب وزنه ذهبا ، مقابل العشية السحرية ، سيما المحارب لا يهتم كثيرا للمال تنازل له عن حصته فهو كما يقول مجرد فأر يستطيع العيش في الجحور ، عندما يكون منزلك جحرا لا تحتاج الى ثريات فاخرة ولا سجاجيد فارسية ، هكذا هو شأن الشيوعيين في عالمنا هذا ، يبحثون عن العدالة والمساواة ، الاشتركية كما يسميها ، هدف نبيل يسعى له ، لا الومه ....

اما الببغاء ، ذلك الطائر الذي يدعي الحكمة وهو بعيد عنها تماما ، فقد صرخ بصوت اجش لا يتناسب مع جسده الضئيل ( النص بالنص ) ، اريد ان اتقاعد ، مثلك تماما واتزوج وانجب اطفالا ، ذلك الكذاب الملعون ، كم طفل عندك ، ولا واحد ، ماذا عن ببغاء عطوف وببغاء علوف وببغاء فيلسوف ، نعم ، نعم ، انت لا تعرف كم يكلفني ذلك ؟

اخرج خمبابا حزمة مفاتيحه ، انا حقا متعب واريد ان استقر في بيتي ، لكن ماذا سافعل بعد ذلك ؟ هل سأتفرغ لكتابة مذكراتي ومغامراتي ، ستكون نكتة ، هل سأعمل مزارعاً ، فلاحاً ، نكتة ، نكتة .....

ادار المفتاح في القفل ودخل ، شعر بالراحة والفراغ ، الفراغ من التفكير بالمعارك والاسلحة والصيد والذهب ، دخل الى منزله خلسة واخذ يتحسس طريقه في الظلمة الدامسة ، فجأة شعر بضربة عنيفة على عنقه افقدته رشده ، ترنح قليلا ثم سقط على الارض دون ان يشعر بما حوله ...

قالت صفية _ هل ضربتيه على رقبته ؟

قالت كروم وهي ترتجف _ كما قلت لي بالضبط ..

انهالت انيسة على الجسد المطروح ارضا بالضرب بعمودها ...

قالت هادلي  _ على جمجمته ، على صماخه الكبير ، على رقبته ...

رفسته انيسة  بقدمها من بعيد _ كفي عن ضربه سيموت ولا ندري ما نفعل بجثته ..

اقتربت منه صفية بحذر وتناولت ذراعه لتسمع دقات قلبه وقالت ..

_ انه حي ، مايزال حياً ...

_ ماذا نفعل الان ؟ قالت كروم ..

_ سندفنه ... قالت انيسة 

_ ندفنه حياً ؟ قالت هادلي ..

قالت صفية _ دعونا يا بنات نرى وجهه ، اجلبن لي فانوساً ؟

_ انا خائفة ..

_ مرعوبة ..

_ اريد ان ابول ... آه لو كان معنا رجل ...

ركضت هادلي وجاءت بفانوس وقربته من جثة الضحية وصرخت ..

_ خمبابا ؟

_ من.... خمبابا ؟

شقت كروم ثوبها وصرخت _ خمبابا ، يا خمبابا ، يا زوجي يا نصفي ؟

قالت هادلي _ نصفك ، تقصدين ثلثك .... 

قالت انيسة _ ثلثك اصح ..

صرخت كروم وهي تتمدد على جسده وتغطي وجهه بثدييها الهائلين _ يا زوجي يا ثلثي العظيم ...

شم خمبابا رائحة صدر كروم فهز رأسه ، تلاطم الثديان عند هزت رأسه وارتجا بعنف ، قال خمبابا _ من ضربني ؟

تراجعت الفتيات الى الخلف ، نهض خمبابا وتناول فأسه الرهيب واخذ يطوح به وهو يصرخ في الظلمة _ من هناك ، من هناك ؟

من ضربني ؟

قالت كروم _ انا من ضربك ، يا ثلثي العزيز ...

_ من انت ؟

_ كروم ....

_ من كروم ؟

_ كروم زوجتك ، ثلثك يا حبيبي ...

_ لماذا ضربتني ؟

_ كنا نظنك لصاً تحاول سرقة المنزل ..

قالت صفية _ اهلا بك يا خمبابا في منزلك وبين زوجاتك ..

صرخ خمبابا _ الى الزاوية ، الى الزاوية ، كلكن ..

قسماً بأبي الشوارب سأضربكن به ضرباً موجعاً ...

ضحكت انيسة وقالت ..

_ من يتكلم هنا .... انظروا خمبابا الرهيب ... عاد من رحلاته متعباً ومفلساً ، بدل الحقائب والعطورات والمكياج ، ياتيني حاملا عير .

قال خمبابا وهو ينقل بصره بين ما تحت لباسه ونسائه  الثلاث ؟

نعم .. انه الحاكم الوحيد في عصرنا هذا ، لولاه لما طردنا ( ابو الشوارب ) من جنته ، به نحرث الارض والنساء ولاجله نعيش ... الان كلكن في الزاوية .

هزت ( كروم ) عجيزتها السمينة والتصقت بالجدار طاعة له وخوفاً من العقوبة .

قالت ( هادلي ) وهي ترقص ...

 نحن بنات الافرنج نختلف عنكم ، غلط غلط ، انا لست جاريتك  لتمارس علي ثقاقتك القزمية وعقدك وانفصام شخصيتك ونوباتك الذئبية ، يا مصاص الدماء ، يا عتريس  ، اذا كنت رجلا ارني ما تفعله ؟

قالت صفية وهي تبتسم في الظلمة _ أرهن ؟

دفع خمبابا نصفه الاسفل الى الامام واخذ يطاردهن في الغرف وهن يتضاحكن بصخب ، حتى استطاع ان يصطاد واحدة منهن ، رفعها من خصرها الى الاعلى ووضعها بحضنه وهو يلهث ..

كانت الظلمة دامسة قال _ من انت ؟

_ الا تعرفني ، هل نسيت جسدي واثدائي ورقبتي التي تحب ان تشم  ، اسفارك الطويلة جعلتك تنسى ..

_ لم انس ، من انت ؟

_ انا هادلي ...

اتت انيسة وطوقته بذراعيها وبدأت تشم رقبته ..

قال _ من انت ؟

_ انا انيسة ، هل نسيت عطري هل نسيت نعومة شعري ؟ هل نسيت مع من تسبح معك في النهر تحت ضوء القمر ...

وقفت كروم امامه وقالت _ انا كروم بنت ام كروم ، هل نسيتني يا خمبابا ؟

_ لم انس احداً ، لم انس زوجاتي الحبيبات ..

كان الظلام دامساً ، لكن اجساد زوجاته الجميلات  انارت الطريق له ارشدته الى مواطن السر واللذة والانجاب ، الى هازم الموت و مفرق الجماعات ،  فهزمه ...






رياض كاظم




  1





اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق