احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

عراقي .. يا حلوتي


أعتدت على الخروج من البيت في ساعة محددة ، وقت العصر حيث تقف تحث الاشجار جارتي الجميلة مع كلبها الضئيل الحجم ، أحييها وأحيي الكلب والاشجار والطبيعة ، يهز الكلب ذيله ويعوي حينما يراني ، تبتسم بوجهي الجارة وتنحني على كلبها لتهدأ من حماسته ، فتكشف عن ثديين ( سبحان الخلاق ، سبحان مسير الافلاك ) .
الحياة جميلة ، هكذا كنت أردد رغم شحة المال وقلة الاصحاب والاعمال ووفرة الفواتير وغلاء الاسعار ، الحياة جميلة ، فجارتي الجميلة تظن أني من أصل هندي وأني أعمل طبيباً ( كل الهنود في امريكا اطباء ) ، وحينما اخبرتها بأني لست طبيباً ارتسمت على وجهها علامات الخيبة والاشفاق ، وعندما اخبرتها بأني بدون عمل كادت تبكي ،لكنها استدركت وقالت .
- انت هندي اليس كذلك ؟
لم أرد ان أخيبها أكثر فقلت - نعم ، هندي من بلاد البوتان واسمي شاروخان .
صفقت بيديها من شدة الفرح وقالت - في بلدكم أفيال كثيرة ؟
- نحن نرعى الافيال وندجنها كما تفعلون هنا مع الكلاب .
- أنت مدرب أفيال أذا ؟
- نوعاً ما .
قالت وهي ترقص - وجدت لك عملا ، تعال غداً الى حديقة الحيوان ، نحتاج الى مدرب افيال يعتني بالفيل الصغير الذي أشتريناه مؤخراً .
أردت أن أبرر كذبتي وأشرح لها ظروفي ، لكنها أكملت - أنت تحب الافيال !
لم أستطع أن أقول لها بأني لم أر فيلاً بحياتي خوفاً عليها من الصدمة ، فقلت 
- بالطبع أحب الافيال .
- أذاً .. حصلت على وظيفة .
في الصباح اتجهت الى حديقة الحيوان وأنا مهموم مغموم ، خجل وخائف وحيران ، ماعلاقتي أنا بالافيال والحيوانات ، من أين أتيت لروحي بهذه البلوى ؟ رفعت رأسي للسماء ووعدت الله بأن لا أكذب ثانية أذا ساعدني بالتخلص من هذه الورطة .
وجدتها تتنتظرني بوجه مشرق وابتسامة ملائكية - تعال ، تعال .
أخذتني الى قفص الفيل ، كان القفص واسعاً فيه شجرتان كبيرتان ليستظل تحتهما الفيل ، وهناك بركة مملوءة بالماء والطين من أجل استحمامه ، أضافة الى خرطوم ماء وفرش خشنة لتدليك جسده وتمشيط ذيله وتسريحته .
قدمتني للفيل الهائل الحجم - هاي ( گليگنت ) هذا مدربك الجديد شاروخان . شاروخان هذا گليگنت .
قلت وأنا مصفر الوجه - هاي گليگنت .
ثم شرحت لي أوقات استحمامه وعلفه وراحته ، ثم جولته المسائية المعتادة ، أذ انهم يعمدون على منحه ساعة رياضة ، ليتمشى في الحديقة خوفاً عليه من السمنة .
قالت - سأعود بعد ساعة أو ساعتين للاطمئنان عليكما ، ولمعرفة سير العلاقة بينكما .
قلت - نعم ، نعم .
جلست بالقفص قبالة الفيل ، أنه هائل الحجم كعمارة من طابقين ، تمدد في البركة الطينية وأخذ يتمرغل ويقذف الطين من خرطومه كالنافورة ، سقط الطين عليّ وتيبس على وجهي وملابسي .
قلت - ولك گليگنت ، كافي لعب .
لكنه لم يكف عن عبثه ، فتمنيت لو أني أعرف بضعة كلمات هندية لكلمته بلسانه وأنهيت المشكلة .
أنتهى الفيل من حمامه الطيني ووقف قبالتي كأنه ينتظر مني فعل شيء ما .
قلت - شكو ماكو رفيق ؟
وقف قبالتي صامتاً وحزيناً .
أكملت - سندخن الان ثم نتفاهم .
رفع گليگنت أذناه كأنه فهم ما أقول ، تلفت من حولي فلم أر أحداً يراقبني ، أخرجت سيجارة وأخذت أدخن وانفخ الدخان بوجهه ، فبانت ابتسامة جميلة على فمه وأقترب مني أكثر وأخذ يشمم وجهي بخرطومه .
في تلك الاثناء مرت السيدة وحينما رأتني وگليگنت بتلك الوضعية الحميمة ، قفزت من الفرح ، أخفيت عقب السيجارة بجيبي وأخذت أتحدث بالهندي مع الفيل .
قالت - هذا عظيم ، ما أسرع ما أصبحتما صديقين ، أنا فخورة بك وبنجاحك بعملك ، لم يبق عليك شيء سوي أن تأخذه في نزهته العادية .
قلت - هيا يا گليگنت ، تعال لنتمشى يا صديقي .
مشيت قدام الفيل الجبار وهو يتهادى خلفي بسكونه وهدوءه المعتاد .
الغربة الطويلة والوحدة منحتني حالات شرود ذهني ، أنسى سريعاً ، أتيه سريعاً ، نسيت نفسي ، نسيت گليگنت ، خرجت من حديقة الحيوان باتجاه شقتي ، لم يكن هناك أحد في الشارع ، اليوم هو مساء الاحد والناس يهجعون الي غرفهم مبكراً ، الجو جميل وصاف ، أمشي وأدخن وأفكر ماذا سأطبخ للعشاء .
وصلت الى شقتي ، أدرت المفتاح بالقفل فشعرت بخرطوم گليگنت يداعب شعري .
صرخت - گليگنت !
ماذا سأفعل الان بهذا المخلوق الكبير ، كيف لي ان أعيده الى مكانه ثانية في هذا الوقت المتأخر ، لابد أن الحديقة أغلقت أبوابها ؟
بقيت أفكر لدقائق ثم قررت أن ابقيه معي في الشقة الى الصباح ، لحسن الحظ ان غرفة المعيشة كبيرة نوعاً ما ، تكفي لجسده ، أدخلته بصعوبة وطلبت منه أن لايتحرك كثيرا .
وقف الفيل وسط الغرفة كطفل مطيع ، وكنت حينما أتجه للمطبخ أو الحمام أخرج من بين رجليه ، وحينما أعود أدخل من بين رجليه ، تعشيت وأنا أشاهد برنامجي المفضل في التلفاز من بين خرطومه وأذنيه .
سمعت طرقاً على الباب ، لم يطرق أحد بابي منذ زمن طويل ، فتحت الباب ، انها جارتي العزيزة مع كلبها ، تسمرت السيدة بمكانها حينما رأت المنظر ، الجمتها الدهشة فتمتمت .
- كيف حدث هذا يا الهي ؟
قلت - لا تقلقي يا عزيزتي ، سأعيده لمكانه في الصباح .
اهتاج الكلب كالعادة فأفلت من حضنها وقفز على الفيل ليلاعبه ، عض ذنبه وبقي معلق به ، جن جنون الفيل فحطم التلفاز والمقاعد وجهاز الكمبيوتر وخرج يركض في الشارع والكلب عالق بذنبه 
صرخت السيدة - كلبي المسكين ، سيقتل كلبي الصغير .
ركضت وراء الفيل والكلب العالق ، أمسكت بذيل الكلب وبدأت أجر وأجر دون جدوى ، ركضت السيدة خلفي وأمسكت بقميصي وأخذت تجرني وانا أجر الكلب ، والفيل يجرنا جميعاً .
قالت السيدة - قل له شيئاً بالهندي حتى يتوقف ؟
قلت - لكنني لست هندياً .
- ماذا أنت أذن ؟
- أنا عراقي .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق