احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

مكان وديع وجميل ومسالم


مكان وديع وجميل ومسالم 
بعد غيبة وطول فراق ، التقيت بصديقي القديم ( حسن ) ، كان قد كبر وأصبح أكثر بدانة وشراسة وعدوانية ، رغم أنه يعيش في مجتمع مسالم وبمنتهي الوداعة ، وأنا كبرت أيضاً ، لكني أصبحت مسالماً وساذجاً رغم أني أعيش في مكان عنيف وقاس ولايرحم .
ذهبت الى ( انديانا ) ومن هناك الى مدينة ( كالامازو ) حيث السماء المفتوحة التي تظلل حقول الذرة والنعناع ، ثم توغلت بعيدا مشياً على قدمي ناحية قرية نائية غارقة بالسكينة والغموض ، كان أسم القرية ( كوز الذرة ) ، حيث يسكن ( حسن ) وهي تتكون من عدة بيوت جميلة ونظيفة ومنسقة ، قرية عصرية لكنها لاتعرف ولاتريد أي مظهر من مظاهر المدنية كالكهرباء والسيارات والآت الحديثة .
التقاني شخص يمتطي حصاناً وقد أردف خلفه طفلته الصغيرة ، كان الرجل أبيض اللون وله ذقن طويل وبدون شارب ويضع على رأسه قبعة سوداء ، اما الطقلة فكانت أشبه بملاك خجول بزرقة عينيها وملابسها المحتشمة وجواربها وغطاء شعرها .
قال الرجل - هل بامكاني مساعدتك ؟
قلت - أنا ذاهب لزيارة صديقي في قرية كوز الذرة .
قال - ما اسم صديقك ؟
- حسن .
- مستر هسان ؟ انه يعيش في ذلك البيت مع زوجته واطفاله .
أشار الى واحد من البيوت ، ابتسمت لي الطفلة وهزت كفها مودعة .
عند مدخل البيت كان حسن ينتظرني مع أربعة أولاد وزوجته التي بدت لي من الوهلة الاولى كأنها فتاة من جنوب العراق ، كانت ترتدي ملابس محتشمة وغطاء رأس وجوارب وحذاء ، أما الاولاد فكانوا يرتدون بناطيل قصيرة وقبعات رأس ، وحسن واقف وسطهم بدشداشته العراقية وكرشه المتهدل .
قال وكأنه لم يفارقني سوى ساعات - خرب عرضك ، شبيك ترعص ؟
ثم زعق بوجه زوجته وأطفاله وفرقهم دون ان يعطيني الفرصة للتعرف بهم .
قلت - على الاقل عرفني بيهم ؟
جلس على دكة الشرفة فجلست الى جانبه . 
قال - ذبحتلك طلي وشويت سمك وزلاطات ، بس ماكو شرب ، راح أسويك فيل .
قلت - عندي شرب .
تلفت من حوله - أشرب بس لا تراويهم .
عند مائدة الطعام جلس الاولاد بكل أدب وانا الى جانبهم وتصدر حسن المائدة ، بينما زوجته تقوم بخدمتنا ، شبك الاولاد أصابعهم حول ذقونهم وقرأ أكبرهم الصلاة ( ربنا بارك لنا بهذا الطعام ، بارك أبانا وأمنا وأخوتنا وضيفنا الكريم ، آمين ) .
قال حسن وهو يضحك - ما أعرف شنو هذوله ، مسيح ، يهود ، مسلمين ، خبلوني .
قالت زوجته - مستر هسان ، يحول كل شيء الى نكتة . ثم حولت نظرها نحوي وأكملت - هل هذا جزء من ثقافتكم ؟
صرخ حسن بوجهها - أخرسي .
قالت - عيب عليك ، أطفالك يسمعون .
أحمر وجه حسن من الغضب وأخذ يزعق ويرمي الصحون بوجه عائلته . تحول الي ثور هائج وغبي .
وضعت حقيبتي علي ظهري وعدت أدراجي . لم أودع صديقي القديم ، غادرت بينما هو مشغول بضرب زوجته واطفاله ، في الطريق التقاني الرجل ذاته مع طفلته .
قال - ما أسرع ما غادرت ؟
قلت - صديقي تغير كثيراً .
- مستر هسان شخص عنيف ، يضرب زوجته واولاده ، نحن لا نعرف الضرب ، نحن قوم مسالمين ، هل أنت تضرب زوجتك أيضاً ؟
قلت - كلا .
- عندما تعرف مستر هسان على ماريا وتزوجها كان بمنتهي اللطف والوداعة ، لكنه الآن شرير .
قلت - أنا آسف . يجب أن أسرع قبل حلول الظلام ، عليّ أن الحق بالباص .
- كان عليك ان تبقى وتتحدث معه بلغتكم ، ربما سيفهم .
- ربما في المرة القادمة .
- أبق معنا هذه الليلة وعندما يهدأ تحدث معه ؟
كانت الشمس على وشك المغيب وأمامي مشوار طويل حتى أصل الى الطريق العام ، كانت قطعان الاغنام والبقر في طريقها الى الحضائر ، رأيت عدداً من الرجال الملتحين يجلسون داخل عربة يجرها حصان وهناك نساء يطبخن في العراء وأطفال وكلاب وديعة ، عالم مسالم وجميل ووادع ، أنه المكان الذي أحلم أن أعيش وأدفن فيه ، هكذا أتفقت مع حسن ، أن آتي الى قريته وأبتني لي غرفة في العراء وأعيش بسعادة بقية حياتي .
قالت الفتاة الصغيرة - وداعاً ايها العراقي .
قال والدها - وداعاً .
وداعاً ..

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق