احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

صياد الكمأ


صياد الكمأ 
في قرية ( البيضان ) وهي واحدة من قرى الناصرية الجميلة والغريبة والمدهشة ، كنت أقضي عطلتي الصيفية في بيت عمي حيث يعيش هناك مع عائلته ، وحيث ولد أبي وجدي ، كانوا جميعاً بيض الوجوه ، عمي أبيض وزوجته بيضاء وأولاد عمي وجيرانهم بيض أيضاً ، كانوا يسموني الولد الاسمر .
كانت حياتهم غاية في السعادة والرخاء ، كل منهم لديه غرفة خاصة به وعالم خاص ، ينامون بعد العشاء مباشرة ويستيقظون عند الفجر ، يغسل واحدهم وجهه ثم يلتقط فطوره من الارض مباشرة ، بيض دجاج أو بط ، خضروات أو فاكهة ، خبز طازج خرج لتوه من التنور ، ثم يذهب الى عمله في المزرعة أو البستان ، عند العاشرة صباحاً ينتهي عملهم فيعودون الى بيوتهم .
كان في بيتهم حصان أحمر اللون ، جميل وضخم الحجم ، عيناه وسيمتان وكبيرتان ، حينما يراني يبتسم بمكر ، أو هكذا يخيل اليّ ، ثم يطاردني في أرجاء المنزل ، أهرب منه الى البستان فيمشي الى جانبي ، أهرع الى حقل القمح والنهر الصغير فيلاحقني وتلك الابتسامة الغريبة والجميلة لا تفارق عينيه .
كنت أحب جني الكمأ ، أنظر للسماء والغيوم وعندما تبرق وترعد أهرول ناحية الحقول الواسعة حيث ينتظرني صيد وفير ، الكمأ يختبيء تحت الارض ، يحتاج الى دراية وخبرة في العثور عليه ، أجده مهما حاول التملص والتخفي ، أتتبع نتوءآت الارض فأخرجه وهو دافيء وحي ، أزيل الرمل منه بالسكين ثم أشعل ناراً وأشويه وآكله بلذة عجيبة ، ( لحم الارض ) هكذا يسمونه في الريف ، كنت أسميه ديوس العروس .
في واحدة من جولاتي في البحث عن الكمأ ، أبتعدت كثيراً عن قرية البيضان ، أغرتني كثرة الكمأ ، فوصلت الى قرية أخرى ناسها سود البشرة يرعون الاغنام ويصعدون النخيل ويرقصون حينما يتحدثون ، أدهشهم لون بشرتي السمراء ، تهامسوا فيما بينهم .
- انه ليس من البيضان وليس من السودان ، من أين أتى اذن ؟
قلت لهم - أنا صياد كمأ .
قالوا - من أين أتيت ؟
- من قرية البيضان .
- البيضان ليس لديهم أولاد سمر .
قلت - انا من المدينة ، من الناصرية .
اتسعت عيونهم من الدهشة وهزوا رؤوسهم غير مصدقين .
- الولد الصغير كذاب كبير ، أبناء المدن يلبسون قمصان وبناطيل وهذا يلبس دشداشة ، ابناء المدن لا يبحثون عن طعامهم في الارض ، يشترونه من السوق ، يا للكذاب الصغير .
حدثتهم عن المدينة وشوارعها والمدارس والباصات والسينمات وعن طرزان وشيتا .
قالوا - لا نصدق .
حدثتهم عن قصة حبي مع ابنت الجيران ، أنصتوا لي وهم مذهولين .
قالوا - صفها لنا ؟
قلت - انها بمثل عمري ، عيناها واسعتان لونها أشقر وطعم ثدييها كالكمأ .
قالوا - نحن نعرف الكمأ ، لكن ما هو اللون الاشقر ، صفه لنا ؟
بحثت عن شيء من حولي يشبه لونها ، أشرت الى نعجة لونها أشقر .
- مثل هذه ؟
ضحكوا كثيراً وقالوا - البنات في المدينة يشبهن النعاج .
هزوا رؤوسهم غير مصدقين .
- بنات قريتنا سود يشبهن الماعز ، بنات البيضان بيض يشبهن البجع ،بنات المدينة شقر كالنعاج . 
لا نصدق لا نصدق .
ودعتهم .. خرجوا جميعاً خلفي وهم يضحكون ويرقصون ، وعند مدخل القرية وجدت حصان عمي ينتظر وعلى شفتيه تلك الابتسامة الرائعة .
قال - اصعد على ظهري ؟
وضعت قدمي بالركاب واستويت على ظهره ، ركض بي ناحية قرى مجهولة لم يرها أحد غيري في ذلك الزمان ، قرية الحمران والشقران والسمران والصفران .
قلت - ياله من عالم واسع ؟
قال - عندما تكبر سآخذك الى قرية الرومان ، خلف البحار والمحيطات .
قلت - متى سأكبر ؟

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق