احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

الدوبة



ربما كان ذلك العام ، واحداً من أجمل سني حياتي واظرفها واصعبها . كانت الحرب في أوجها والقتل على أشده ، حيث أخذ الناس بالهرب من تلك المطحنة والاختباء بالبيوت أو في الحفر أو في الهور ، لكن تلك الاماكن سرعان ما تكتشف أو تهاجم فيقتل من يقتل ويسجن من يسجن ، حتى لم يعد هناك مكان آمن للاختباء أو الالتجاء اليه الى حين التقيت بصديقي عباس وهو يحمل أكياس الطعام .
كان عباس ( فرار ) أزلي ، لم يخدم يوما واحدا بالجيش ولا يريد أن يخدم ورغم هذا لم يقع بيد الانضباط العسكري أو المفارز الامنية ، يعرف كل طرق التحايل والاختباء ويعرف أين يقضي ليله واين يبات ، أما أنا فكنت لا آجد مكاناً سوى البيوت المهجورة أو المبيت على الرمال خارج المدينة ، كنت وسخاً ومتعباً وجائعاً ، وكان عباس نظيفاً ،متألقاً غير خائف ، نظر لي باشفاق وقال .
- تعال معي .
مشيت الي جانبه ، كان الوقت مساءاً وقد أظلم الجو ، اتجهنا ناحية جسر ( الزيتون ) ، وقبل ان نعبر الجسر بالمنتصف تقريباً ، أحنى ظهره ورفع غطاء الدوبة وانزلق الى الداخل ، فتبعته ووجدت هناك ما يشبه البيت الصغير ، ( چولة ) للطبخ وقدور طعام وفانوس وكتب وفراش .
كانت الدوبة لا تثبت علي الاطلاق ، تتحرك مع موجات النهر وثقل السيارات ، لكنها كانت بالنسبة لي قطعة من الجنة ، حيث وجدت فراشاً وطعاماً وحمام واسع أغطس فيه في الليالي المقمرة بعد انتصاف الليل وخلو الشوارع من الناس .
كنت أقضي معظم الليل خارج الدوبة ، وقبل شروق الشمس انزلق بخفة الى فراشي وانام وانا مطمئن خالي البال . بقيت أعيش في ذلك المكان الى ما يقرب السنة ، الى حين وصلت صبرية مع عباس .
كان عباس يتكفل بكل شيء ، لا أعرف من أين يأتي بالطعام والدخان والملابس ، دائماً هو من يتدبر أمور معيشتنا ، بعض الاحيان يتغيب لايام أو لاسبوع ، لكنه دائما يعود محملاً بما نحتاجه ، ذات مساء مظلم وبارد جلب معه ( صبرية ) ، كانت الفتاة في مقتبل العمر ، مليحة القسمات ، مرحة جدا ونشيطة ، نظفت المكان واشعلت الشموع وطبخت العشاء .
قلت - منو هاي ؟
قال - صبرية ، صديقتنا صبرية .
- راح تعيش ويانه ؟
- شكو بيهه ، نعيش سوية ، هيه مثلنا ما عدهه مكان .
بعد العشاء تحزمت صبرية ورقصت على صوت عبد الحليم .
كان العابرون يسمعون صوت موسيقى تأتي من قاع النهر ، من الدوبة .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق