احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

الامير ياقوت وتفاحة المجانين ٣



بقيت أنتظر هناك في جذع الشجرة المعمرة التي غمرها الدخان ، ورأيت أسراب النمل الشرير وهي تعالج سكرات الموت نتيجة الدخان ، ومن بعيد رأيت ( وصال ) تقود رفيقي قرندح من يده ، زعقت - ما الذي حدث ؟
ابتسم قرندح وهو يهرش جلده وقال - لا شيء .. لا شيء على الاطلاق .
نظرت اليه باشفاق ، كان النمل قد أشبعه عضاً وقرصاً .
جلس وهو يحاول أن يكتم ضحكته الماكرة .
قال - بعد ان هجمت على النمل المتوحش وقتلت العشرات منه سقط مني القمقم وانكسر فخرج منه دخان قديم ، كريه الرائحة فشعرت بدوخة ولم أعد قادراً على رؤية أعدائي فأخذت أخبط خبط عشواء أضرب ما يصادفني . وقع فأسي على جسد من بخار ، جسد عملاق فقطعه نصفين ، ضحك العملاق البخاري ، ضربته ثانية فقطعته الى ثلاثة قطع وأربعة وعشرة والعملاق يضحك وينفخ على النمل فيقتله ، وعندما قتل جميع النمل التف حول نفسه وعاد كما كان .
خفت منه لكوني لا أستطيع هزيمته أو قتله .
قلت - من أنت ايها المحارب الاسطوري ؟
رأيت من خلل الدخان وجهه ، وجه لم أر له مثيلاً من قبل ، عيناه عينا صقر وأنفه خرطوم فيل وفمه فم حوت واذناه أذنا حمار .
قال - أنا ( العيدروس ) زعيم المرايا .
شكرني على تخليصه من حبسه وأعطاني هذا الكف الحديدي .
كان الكف بأربعة أصابع مفرودة وله مقبض من نحاس وعليه نقوش بارزة لم أفهم منها شيئاً .
قالت وصال - رأيت المارد ، رأيته أنه يشبه صنايعية ابي الملك ( حلبو ) ؟
قال قرندح - انه لا يشبه أحداً .
- كلا ، انه يشبه صنايعية الالغاز .
صعدنا الى قلب الشجرة وأخذنا بكنسها من أقوام نمل ( الدبوس ) الموتى ، جرفنا الآف منها بطريقنا ورميناها خارج الجذع ، وحينما انتهينا من عملنا رفعنا أبصارنا الى الشجرة المعمرة فأذا بنا نرى العجب .
تحولت تلك الشجرة العجوز المتيبسة والنعسانة على الدوام الى شجرة فتية خضراء الاوراق محملة بكل أنواع الفاكهة من تفاح ورمان وعنب ولوز وجوز وزعفران ، فرحنا وتقافزنا واحتضناها ، هزت الشجرة أغصانها وقالت - شكراً لكم يا أولادي ، لقد أعدتم لي الحياة .
أجاب قرندح - لا يهمك يا عمتي ، انهم لاشيء بالنسبة لي ، لاشيء .
قالت - اطلبوا ما تريدون ؟
قلت - نريد أن نخرج من هذه المتاهة .
هزت رأسها وقالت - اسمعوا يا أولاد ، خذوا هذا ( الناي ) السحري ، صنعته لكم خصيصاً من عروق قلبي ، خذوه ولا تستخدموه الا عند الحاجة ؟
اخذت منها الناي وأخفيته تحت ملابسي ، ثم شكرناها وقبلناها وواصلنا سيرنا الحثيث .
مشينا لثلاثة أيام وثلاث ليال حتى وصلنا الى جدار مسدود ، على ذلك الجدار حفرت رموز ونقوش غريبة ، تحسستها بأصابعي محاولا استذكارها ، جلسنا هناك لساعات نحاول تذكر تلك الرموز وأين رأيناها .
فجأة قفزت وصال وقالت - أرني كف ( العيدروس ) يا قرندح ؟
اعطاها قرندح الكف ، فتمعنت به قليلا ثم الصقته بالرموز فتعشق بها ، أدارته الى اليمين فأنفتح الجدار وكشف عن قاعة كبيرة مبلطة بالمرمر وتنيرها أربع مرايا تستمد نورها من جوهرة ضخمة تستقر بيد مارد هائل الحجم . 
أصابتنا الدهشة من ذلك البناء الفخم والمرايا والجوهرة فلم نشعر باصطفاق الباب من خلفنا وانغلاقه علينا ، تمشينا بالقاعة نبحث عن مخرج ، وجدنا أربعة أبواب مقفلة لا سبيل لفتحها ووجدنا أربعة مرايا أخرى معلقة بالسقف لكنها مطفأة لا يصلها شعاع الجوهرة .
طارت وصال ناحية المرايا الميتة تمعنتها طويلا ثم عادت .
قالت - ربما اذا استطعنا بطريقة ما أن نوصل الشعاع للمرايا العلوية سينفتح واحد من هذه الابواب .
قال قرندح - انا مقاتل فقط ، لا أفك الالغاز ، أكسرها فقط .
قلت - سنحرك التمثال قليلاً .
أدرنا وجهة التمثال فأنطفأت المرايا السفلية واشتعلت المرايا العلوية ، لكن الباب لم ينفتح .
قالت وصال - أظن أن الباب لا يفتح الا اذا أشتعلت المرايا كلها .
حركنا التمثال في كل الاتجاهات ولم نفلح .
قال قرندح وهو يقهقه - حركوا المرايا ياحمقى ؟
رسمت بذهني تسعة خطوط تبدأ من الجوهرة وتمر بالمرايا السفلية الاربعة ثم أحنيت المرآة الرابعة قليلا لتعكس الشعاع على واحدة من مرايا السقف لتصلها ببعضها البعض الاخر .
عملنا بالفكرة فحصلنا على مستطيلين من شعاع فأنفتح واحد من الابواب ودخل منه محاربين من زجاج هاجمونا بعنف ، فتصدى لهم قرندح وكسرهم بضربات فأسه .
عبرنا الباب وتمشينا على ممر ضيق لا يسع سوى شخص واحد وعلى جانبيه هوة عميقة ، أجتزناه بصعوبة حتى وصلنا الى جزرة مربعة تنتهي بهوة أخرى . في نهاية الهوة هناك باب أخر مفتوح لكننا لا نستطيع الوصول اليه .
تلفت من حولي أبحث عن طريقة للوصول الى الباب فرأيت عتلة من الحديد ، أدرتها فطفت على السطح ست جزرات مربعة معقدة التركيب ، تظهر وتختفي بأوقات متفاوتة ، كان علي أن أضبط توقيتها ثم نقفز فوقها لنصل الى الباب .
بعد ساعات من الانتظار والعمليات الحسابية المعقدة ، استطعت أن أحدد الوقت الصالح للقفز على تلك الجزرات دون الخشية من السقوط في الهوة .
قفزنا على الجزرة الاولى وبقينا ننتظر لعشر دقائق حتي ظهرت الثانية والثالثة والرابعة ، قفزنا على الثانية ثم الثالثة بسرعة دون أن ننتظر ، ثم استقرينا على الرابعة وأنتظرنا حتى ظهرت الخامسة والسادسة فعبرناها ودخلنا الباب .
مشينا عدة فراسخ وكان يصادفنا أولئك الحراس الزجاجيون فيحطمهم قرندح بفأسه ، حتى وصلنا الى غرفة تحت سلم يقود الى أعلى ، في تلك الغرفة وجدنا جرتان من الخزف ، الاولى جرة بعنق طويل وضيق والثانية واسعة الفتحة .
أشهر قرندح فأسه ليحطم الجرتين ، فزعقت به وصال .
- من أين أتيت بهذه الرغبة بتحطيم كل شيء تصادفه ؟
هز قرندح أكتافه بلا مبالاة وقال - هكذا دربونا بالجيش .
أهوى بفأسه على الجرة الواسعة الحلق وحطمها ، هرعت وصال الى الجرة الثانية وحملتها بعيداً عنه وهربت وهو يلاحقها ويصرخ .
- دعيني اكسرها ، ربما وجدنا بداخلها شيئاً ثميناً ؟
ركضت خلفهما فدخلنا قاعة عظيمة مليئة بالجند والحراس والمردة والعفاريت يلتفون حول عرش من العاج يجلس عليه بمهابة العفريت ( العيدروس ) .
صرخنا بصوت واحد - عيدروس !
أجاب الجند والحرس والعفاريت - سنعمل منكم ( مچبوس ) .
تحرك ذلك الجيش المخيف ناحيتنا وهم يشهرون اسلحتهم بوجوهنا ويشحذون أسنانهم .

( الليل طويل وبارد .. سأذهب لاحتطب وحينما أعود سأكمل الحكاية ) ..

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق