احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

الصديق الوفي


أرسم دائماً ، أحب التلوين والطبيعة ورسم الوجوه ، لكنني لم أستطع بيع أي من لوحاتي الجميلة ، درت بها على كل المعارض وقاعات الفنون ، فلم يقبل بشرائها احد فأضطررت لبيع كتبي وآثاث المنزل وسيارتي من أجل أن أعيش وأسدد تكاليف الحياة الصعبة ، زوجتي هجرتني وأقامت مع أمها التي تكرهني فازدادت أحوالي سوءاً ، لكنني لم أكف يوماً عن العبث بالالوان وتلطيخ القماش .
أحد أصدقائي المخلصين والناجحين في الحياة والعمل والحب ، أشفق علي وقال .
- أيها المغفل ، أن لوحاتك جميلة ورقيقة جداً كأن من رسمها ليس أنت ، كأن من رسمها فنانة فاتنة أو أميرة تعشق الطبيعة ، لا أصدق أن رجلاً يستطيع أن يلون بهذه الطريقة .
قلت - لكنك تعرف أني من رسمها ؟
- بالطبع أعرف ، لذلك أقترح عليك أن تدعي انها ليست من رسوماتك لتبيعها .
- ماذا تقصد ؟
- وقعها باسم امرأة كأن تكون زوجتك مثلاً أو أي امرأة تختارها .
- زوجتي هجرتني بسبب هذه اللوحات .
فكر صديقي قليلاً ثم ابتسم وقال .
- لا عليك سأتدبر الامر .
غاب صديقي ليومين ثم عاد مع فتاة حسناء كأنها عارضة أزياء أو ممثلة من ممثلات هوليوود ، طويلة ورشيقة وعامرة الصدر .
قال وهو يقدمها لي باحتفالية - انها ( سوسنة ) سليلة الازهار !
منيت نفسي للحظات بأن تكون موديلاً أرسمها وهي عارية .
قهقه صديقي وكأنه عرف ما يدور بخلدي وقال - ستوقع هذه السيدة لوحاتك باسمها وهي من تبيعها .
وافقت على الفور ، وحملت لوحاتي العزيزة ومشيت خلفها .
أصابتني الدهشة من سرعة بيعها للوحاتي ومن كمية المبالغ التي استلمتها ، قفزت كالطفل وحاولت احتضانها وتقبيلها ، فأنا طيلة مسيرتي الفنية التي قاربت الثلاثين عاماً لم أبع صورة واحدة ، وها هي بظرف ساعات باعت كل ما استطعت حمله من صوري .
قالت وهي تدفعني بلطف - ان علاقتنا مجرد علاقة عمل ، انت ترسم وانا أوقع وابيع .
خلال أيام قليلة رأيتها تظهر في المجلات وفي التلفاز عدة مرات وتتحدث عن الرسم وعن الالوان والمعارض التي أقامتها بلوحاتي ، رأيت الناس وأصحاب المعارض يتزاحمون على شراء لوحاتي التي هجرتني زوجتي من أجلها .
أخذت اشخبط على الورق وهي تبيع ، أرسم بأصابع قدمي أو أدلق المرق على القماش ، كل ما أفعله يباع بسرعة البرق بمجرد أن تضع توقيعها عليه .
ازداد دخلي قليلاً وتحسنت حالتي ، لكنها لم تكن تعطيني حقي ، فهي تستلم الاف الدولارات وتعطيني المئات .. شعرت بالغضب والحنق فأخبرت صديقي بذلك .
فكر الرجل قليلاً وقال - سأتدبر الامر .
غاب ليومين وعاد مع سليلة الازهار ( سوسنة ) ثانية ، تجول معها بشقتي لدقائق ، ثم أخذت الفتاة بالتوقيع على آثاث الصالة وغرفة النوم والحمام وفرش الرسم والحلاقة والاسنان ، لم تترك شيئاً عائداً لي لم توقعه ، ثم خرجا دون أن يكلفا نفسيهما بأخباري شيئاً .
أمسكت بتلابيبه وقلت - ما الامر ؟
عض شفته السفلى وقال - لا عليك سأتدبر الامر . 
بعد ساعات امتلاء منزلي بالزوار والصحفيين ، وبدأ المزاد .
- أريكة الحب العائدة للفنانة ( سوسنة ) حيث جالسها عباقرة عصرنا .
بيعت الاريكة بمبلغ خيالي ، فهي بالنسبة لي قطعة زبالة ولا تستحق عشر دولارات .
- منضدة الخيال ، حيث وضع عباقرة عصرنا كؤوسهم عليها حينما كانوا في زيارة فنانتنا الجميلة ( سوسنة ) .
بيعت المنضدة ، والكراسي والفرش وغرفة النوم والستائر ، حتى مناشف الحمام بيعت بمبالغ طائلة .. التفت الي صديقي وقال .
- انظر كم أنت ثمين وغال ونفيس ؟
قلت - لم أكن أعلم ذلك .
نظر الي نظرة فاحصة وقال .
تعال معي الى الحمام ؟
طلب مني أن أنزع ملابسي فهي بنظره تستحق الكثير ووعدني بأن يأتيني بأخرى جديدة وغالية بدلاً منها .
نزعت ملابسي وأختبأت في الحمام خوف أن يراني أحد عارياً .
بيعت ملابسي بثمن لا يمكن تخيله ، على اعتبار انها ملابس حبيب ( سوسنة ) الذي انتحر من أجلها .
انفض المزاد وغادر جميع الناس ، وكذلك غادر صديقي الوفي مع سوسنة ، اما أنا فبقيت أتجول في المنزل الخالي عارياً أبحث عن جريدة أغطي بها عورتي حتى عودة صديقي .. وها قد مضى يومان وهو لم يعد ، أخشى أن يكون قد أصابه مكروه 

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق