احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

يا عيني


لم أكن أريد أن أروي هذه الحكاية ، فهي خاصة جداً وتمس حياتي الزوجية ، لكنني بعد تفكير طويل قررت البوح بها ، فقط لاريح ضميري وأنام وليكن ما يكن ، ليقولوا عني عديم الرحمة قاسي متهور غليظ القلب .. لا يهمني .
كان أول لقاء لي بزوجتي سميرة في حافلة الركاب ، كانت فتاة مهذبة وجميلة ، كانت تجلس على كرسيها بكل هدوء وأناقة وترتشف قهوتها من كوب قهوة كبير الحجم ، أكبر من المعتاد ، أكبر من أي كوب قهوة رأيته بحياتي ، جلست الى جانبها وتبادلنا أطراف الحديث ، أعجبتني كثيراً ، أحببت حديثها المضمخ برائحة القهوة ، وعن القهوة وأنواعها وطريقة تحميصها وطحنها ووقت جنيها ، استمر حديثنا حتى توقف الباص في آخر محطة فنزلنا سوية فعرضت عليها شرب كوب قهوة ، فلم تمانع ، بل فرحت كثيراً واتسعت أساريرها وناولتني كوبها الهائل الحجم وطلبت مني أن املاءه لها الى العنق ثانية .
صاحب المقهى طلب مني عشرة أضعاف سعر الكوب العادي .
قال - عشرة دنانير .
قلت - يا أخي يا عيني انها مجرد قهوة .
أصر القهوجي على الدنانير العشرة .
- يا عيني ، لا أملك سوى هذه العشرة دنانير ، كيف سأعود للبيت ؟
قال - كوبك كبير جداً ، حجمه مو معقول ؟
أعطيته الدنانير العشرة وعدت أحمل الكوب الضخم الساخن ، تبسمت سميرة بوجهي وأخذت من الكوب رشفة كبيرة أتت على نصفه ، ثم عادت للحديث عن فوائد القهوة وطرق شربها وغليها وتحضيرها ، حتى وصلنا الى بيتهم .
كان أبوها وأمها في الحديقة ، رحب بي والدها بشدة وبحرارة غريبة حينما رآني معها ، ودمعت عينا أمها وتمنت لنا صحبة طيبة ، ثم جروني الى داخل بيتهم وانهالت علي الترحيبات من كل مكان ، ثم حضر الاكل وأطايب الشراب والطعام والفواكه والاحاديث الناعمة حتى أرخى الليل سدوله ، وسميرة لا تقول شيئاً ولا تفعل شيئاً سوى ارتشاف القهوة والتلذذ بطعمها .
أردت أن أعود الى بيتنا ، فتمسك بي الرجل وقال .
- معقولة ، تذهب وتترك زوجتك لوحدها في أول يوم زواجكما ؟
ردت أمها - يا ماما ، يا عيني هذا لايصح .
دفعني الرجل من ظهري وأدخلني الغرفة معها .
جلست الى جانبها على حافة السرير .
قالت - اشتهيت قهوة .
قلت - أنا أيضاً أحتاج الى كوب قهوة ، المتزوجون حديثاً يحبون القهوة .
ابتسمت بوجهي وطبعت قبلة على خدي وناولتني كوبها الضخم وطلبت مني أن أملاءه لها الى العنق ثانية .
دخلت الى المطبخ وبحثت طويلا عن القهوة ، فلم أجد حبة واحدة ، فعدت اليها وقلت .
- يا عيني ، يا حبيبتي ، ليس لديكم قهوة في المطبخ .
قالت وقد استطالت عيناها وارتفعت حواجبها وانكفش شعرها - ماذا تقول ؟
- ما عدكم قهوة .
- أريد القهوة حالا ؟
قلت - يا عيني ، يا روحي ، الناس تشرب القهوة عند الصباح حينما يستيقظون من النوم ، لا يشربونها حينما يريدون النوم .
قالت - اذا لم تأتني بالقهوة فأنت طالق ؟ 
خفت وارتعشت ووهنت أعضائي ، فأنا لم أتزوج بعد وحصل معي ما حصل ، فكيف بي اذا تطلقت !
فقلت - يا عيني يا حبابتي ، سأخدر لك شايا ؟
- شاي يا أهبل !
قذفتني بكوبها الضخم بعنف ، فشجت رأسي وسال الدم منه ، ركضت أبحث عن قطعة قماش أربط بها رأسي ، دخلت الى المطبخ فوجدت قماشة بلون جوزي ربطت بها رأسي وعدت اليها وأنا أغالب الدموع والوجع والقهر والغضب .
لولا انها امرأة مسكينة وضعيفة لا حول لها ولا طول لفعلت بها كيت وكيت ، لكسرت اسنانها وقلعت عيونها وصلمت آذانها .. آه لو كانت رجلاً ! 
نظرت لي بتمعن ، ثم ندت منها صرخة عظيمة وقالت .
- انها القماشة التي أحفظ بها حبات قهوتي لتبقى طازجة .
قلت - يا عيني ، يا حبابتي انظري الى الدم الذي وصل الى ركبتي ؟
تناولت من تحت السرير مدق قهوة غليظ الساق وهجمت علي ، فكسرت ضلوعي ، زحفت على بطني محاولاً الخروج من الغرفة وأنا أصرخ وأبكي ، وهي تدق علي بالمدق وتردد .
- سأطلقك ، سأطلقك ؟ 
كما قلت لكم .. لولا خشيتي من حياة العزوبية والبهذلة ، لفعلت بها ما فعلت ، لقطعت رأسها وأطعمته للسباع والضباع ، لولا خشيتي من الوحدة والكنس والطبخ والنفخ ، لكسرت رجليها ويديها وضلوعها .
خرجت من الغرفة زحفاً وهي تجرني الى الداخل من شعري حتى أصبحت أصلعاً ، ثم ربطتني من قدمي وعلقتني بالسقف وأنا أتوسل بها .
ليس خوفاً منها يا عيني ، بل أنا لا أحب أن يطلق علي الناس صفة مطلق .. انظروا الى هذا الذي طلقته زوجته ( مطّلق ) ، أفضل الموت على أن أسمع هذه الكلمة ، لذلك تحملت الضرب .
أحضرت زوجتي سميرة ماءاً بارداً وسكبته علي وأنا معلق بالسقف .
آه لو لم أكن معلقاً بالسقف لاريتها فعل الرجال يا عيني ، لقطعت ثدييها ورميتهما للكلاب ، لكنني معلق بالسقف ، ما الذي أستطيع فعله ؟
أرخت سميرة الحبل فسقطت على أُم رأسي فأنفتح الجرح وسال الدم ثانية فدارت بي الدنيا ولم أعد قادراً على تحريك يدي .
لو كنت قادراً على الحركة ، لملشت شعرها وجعلتها قرعاء يا عيني .
فتحت سميرة النافذة وحملتني كالعصفور وقذفتني الى خارج المنزل .
كان الليل مدلهماً مخيفاً . لو لم يكن الليل مدلهماً مخيفاً والشارع خال من الناس ، ليس هناك انسان واحد لاريه كيف أربي زوجتي ، لكن ما فائدة ضربها دون وجود شهود .
درت حول المنزل وعدت الى غرفتها مجبراً .
لو كان الوقت نهاراً لتمشيت لبيتي ، لو كنت أمتلك ثمن تذكرة الباص لما رجعت لغرفتها 
يا عيني .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق