احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

رهان الموتى



مشينا لساعات طويلة في البساتين المحيطة بالمدينة ، لم أكن أعرف أن مدينتنا محاطة بكل هذا الجمال ، خلفنا وراءنا الجنود واطلاقات الرصاص والرعب ، أبي بقي في البيت ، أما أنا فكنت مذعوراً من الوقوع بيد الجيش ، أخذتني أمي مع أختي وهربت بنا .
أمي كانت تبتسم وهي تنظر لي ، ربما لتطمئنني ، لابد أنها عرفت خوفي .
لم أكن طفلاً في ذلك الوقت ، بل بغل صغير ، لا أنفع لشيء سوى مطاردة البنات ورمي النار على الحكومة ومقارها .
سرقت من مخازن الجيش خمس بنادق وعلقتها برقبتي ، كنت أفكر ببيعها في سوق السلاح .
لم يرغب بها أحد ، لكونها بقبضتين ، بنادق بنات ، لا أحد يشتري بنادق بنات .
بعت واحدة بعلبة سجائر .
اما الاخريات فقد رماها أبي في بالوعة المنزل عندما دخل الجيش .
كانت أمي تبتسم كلما وقعت على خوفي ، لابد انها تفكر بأنقاذ ابنها البغل .
تبعتنا أختي المذعورة من دوي المدافع وتوغلنا بالبساتين .
رأينا الجنود الامريكان على سطوح المنازل ، أعطونا أكياس طعام .
أمي رفضت أن تأكل منها ، لكونها لحم خنزير .
التقينا بالطريق رجلاً يقود جرار زراعي ، عرف اننا هاربون من الجيش فأرشدنا الى غرفة منعزلة غير بعيدة عن بيته .
كانت الغرفة لطيفة ، فيها حصير وفانوس و ( چولة ) .
لماذا تبتسم أمي كلما التقت نظراتنا .
شعرت بالخجل منها ، من زعيقي بوجهها وبطولاتي الزائفة ومعاركي مع الجيران 
عند المساء تمشيت بالقرب من بيت الرجل صاحب الجرار .
اسمه شيخ حسن ، هذا ما عرفته من جمع الشباب الهاربين في بستانه .
لعبنا ( زار ) فخسرت جميع سجائري .
كان الجميع مسلحاً بالمسدسات والبنادق ، وكنا نراهن على كل شيء .
كنت أجيد التصويب .. تعلمته في الجيش ، قلت لهم .
- استطيع أصابة السيجارة عن بعد مئة متر .
وضعت نقودي على الارض ، تكومت عليها نقود المراهنين .
قطعت نفسي وسددت على الهدف .. أصبته .
كان الشيخ حسن ينظر لي بأعجاب .
قال - أين تعلمت التصويب ؟
- بالجيش .
دعاني الى بيته ، تعشينا سوية .
قلت له أستطيع أصابة الابرة أيضاً .
ركز الابرة على عقب سيجارة وثبتها بالارض .
قطعت نفسي وأصبتها .
تبسم الشيخ ، وضع ابرة أخرى على عقب سيجارة وجاء بمرآة .
استدار ، جعل الابرة خلف ظهره ، نظر لها بالمرآة ثم أطلق النار .. أصابها .
بعد أيام عادت أمي وأختي لمنزلنا .
أنا بقيت أراهن والعب الزار ، أطلق النار على الطيور والاشجار والسماء والابر واعقاب السجائر 
وحينما يحل الظلام أعود للغرفة .
جاء الشيخ حسن ، قال .
- لم أعد أستطيع أن أبقيكم في بستاني .
مشيت ناحية معسكرات الامريكان ، قلت لهم أريد الذهاب لامريكا .
فتشوني ، وجدوا بجيبي كيس تبغ .
تضاحكوا وأخذوا يصرخون - حشيشة ، حشيشة !
وضعوني بحفرة مع جمع من الشباب .
لعبنا زار ونحن في الحفرة على التبغ وأعواد الشخاط وأكياس الطعام .
مات واحد منا من شدة البرد والمرض .
أهلنا عليه التراب وانشغلنا بالرهان ثانية .
مات آخر بسبب احتباس البول ، تسمم جسده وازرق جلده .
دفناه الى جانب رفيقه ، وعدنا للرهان على من يموت منا بعده .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق