احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

حب الزلم



حكايتنا دفء وحرير ، وحكاية أعدائنا صوف وزمهرير ، كان ما كان والكون مالكه الرحمن ، حتى الحبق والحندقوق والرمان ، والصلاة على نبينا العدنان .. كانت للكلمة قوة وللحرف قوة وللرسمة قوة وللون قوة . 
كنت أعمل في دكان ( الحرزي ) .
كان الدكان في زاوية مظلمة من سوق الخطاطين والوراقين ، فيه أقلام ومحابر وكتب وكواغد وجداول ونجوم وأهلة وصلبان وخرز ومسامير وقطع رصاص ومثاقب وملاعق وفيه أيضاً بخور كثير ، قرفة وحرمل وسنا مكي ومديني وداتورة وحبهان وألوة وكبش القرنفل .
ذات يوم اعتل معلمي ( الحرزي ) فلزم الفراش ، قمت من ساعتي وجلست مكانه ، أخلط الرموز وألمّ البخور ، وصفة للعاقر ، تعويذة للطفل ، بسملة للتيس النطّاح وللكلب النبّاح .
جاءتني امرأة شريرة العينين ، مخسوفة الخدين ، جلست قبالتي وقالت .
- وحياة مقاصيصي ، اعمل لي عملاً ؟
قلت - عندنا حروز لكل شيء ، للعاقر والحاسد وللمحب والحبيب ، فماذا تريد سيدتي ؟
قالت - حرز عذارى عاشقات.
قلت - ما علامة عشقهن ؟
قالت - بيتنا يعبق ب ( شرش الزلوع ) .
سنهاجم شرش الزلوع بكبش القرنفل ، لكن مثل هذا العمل ينراد له خبرة وعدة ووقت معلوم ؟
قالت - اغلق دكانك واجلب عدتك ، الحقني ولا تجاريني فأنا من علية القوم .
توكلت على الله وحملت معي ما أحتاجه ، خطط النجوم ورصاص الهموم وجلد الشقيان وقلم الشيطان ومشيت وراء المرة .
دخلت الي سوق الفاكهانية اشترت فاكهة ومنجة كثيرة وحملتني اياها ، ثم ذهبت الي سوق اللحامين والدجاجين والبزازين ، اشترت منهم الكثير وحملتني كل تلك الاحمال الثقال وقالت .
- الحقني على بركة الله .
مشيت وراءها حتى وصلنا الى قصر منيف بعيد جداً عن المدينة ، لكنه دون أبواب .
قالت المرأة - يا هنوف ، يا شنوف .. مدي لنا مقاصيصك ؟
طلعت من نافذة شاهقة ، ظفيرتان واحدة سوداء والاخرى حمراء وسقطت نهايتهما بالقرب منا .
فقلت - أيش هذا يا ربي ؟
قالت - تسلق ولا تتكلم بكلمة والا حولتك حجراً ؟
لزمت الظفيرة السودة وصعدت ، حتى وصلت الى النافذة وقفزت داخل القصر والمرأة تتبعني ، فاذا بي أجد بنت ، سبحان المصور الخلاق ، تقول للقمر قم سأقعد مكانك ، وكانت لها ظفيرتان واحدة حمراء والاخرى سوداء .
قالت المرأة - شوف شغلك ؟
فرشت عدتي على الارض ، أخرجت كبش القرنفل ، مسحت قرنيه بزيت الخروع والحبهان وغسلته بماء السذاب ، فانتعش وقام من ساعته وأخذ يجري في أركان المنزل الكبير .تشمم البنت وفراشها والغرفة ثم أخذ يهرول هنا وهناك وانا الاحقه وخلفي البنت والمرة ، دخل الى البراني والهول والمطبخ والغرف السبعة وتوقف عند البير .
قلت - ان شاء الله ، شرش الزلوع في هذا البير .
قالت المرأة - انزل وهاته لنا ، سأعمل به العمايل ؟
قالت البنت - مهلك يا حرزي ، لا تمسكه من أوراقه ، ورقه رقيق وجميل وملون ، أخاف أن تؤذيه ، لا تمسكه من عوده ، عوده نظر وجميل ، أخاف أن تمرده .
قلت - حاضر يا سيدتي .
مدت البنت ظفيرتها في البير ، فتعلقت بها ونزلت .
كان البير بثلاثة طوابق ، طابق الماء وطابق الطين وطابق الطبق .. سبحت في الماء وخضت بالطين حتى وصلت طابق الطبق .
وجدت الالواة والحرشوفات وستات الحسن وبنات الليل والرازقيات والجوريات ، ملتمات على بعضهن البعض الاخر ، كأنهن خائفات وجلات مرعوبات .
قلت - أين الجبار المتهتك ؟
قلن - هناك .
نظرت من حولي ، رأيت شرش الزلوع يتبختر كالديك ، يتمشى ومن حوله القلب الدامي والداتورة . فتحت شوالي وأخرجت جيوش الخشخاش والحلبة والدمسيسة والسنبل والهدال ، الكندس والصقنقور حب الزلم والهوى الجواني ، هجموا على شرش الزلوع وامتصوا رحيقه ، جفت أوراقه وانحنى عوده فاستسلم لضغط أصابعي ودخل شوالي .
رحت ناحية الظفيرة ، تعلقت بها وصعدت الى السطح .
قالت المرأة - هل حصلت عالمطلوب ؟
قلت - نعم .
غمزتني البنت بعينها وأشارت لي من خلف ظهر امها أن لا أعطيها شرش الزلوع .
قالت المرأة - اعطني اياه ؟
بحثت في داخل شوالي وأعطيتها حب الزلم عوضاً عن شرش الزلوع .
راحت المرأة وغلت زيتاً ووضعت به حب الزلم ، خرجت من الخليط رائحة حلوة وطيبة ومدوخة .. 
تذوقت المرة الشريرة الخليط بطرف لسانها وقالت .
- الخليط لم ينضج بعد يحتاج الى وقت ؟
غافلتها ورميت داخل القدر بعض من الهوى الجواني .
تذوقته ثانية وهزت رأسها باستحسان ، طعمه طيب ولذيذ ، أخذت منه ملعقة ثانية وثالثة وهي تتلمظ .. بعد دقائق اشتغل حب الزلم وبان فعله ، انشرحت المرة وعاد لها بريق عينيها ونظرت لي نظرة وأعقبتها بألف حسرة .
قالت - آه ، لو يعود لي شبابي ؟
قلت - ممكن لو استحميت بالخليط .
صدقتني المرأة ، حب الزلم ذهب بعقلها وحركها الهوى الجواني ، حنت للعصر والهصر والنيك ، أخذت العصير ودخلت للحمام لتستحم به .
بعد مدة سمعنا ثغاء عنزة يصدر من الحمام .
رفع كبش القرنفل قرنيه وتشمم المكان ثم دخل الحمام خلفها .
قالت البنت - وحياة مقاصيصي ، مللت من هذا الحبس ، أريد أن أهرب من هذه الساحرة ؟
قلت - يا نور عيني ، تعالي معي .
قالت - وحياة مقاصيصي سأهرب معك .
أخرجت شرش الزلوع من الشوال ، امتطيته وأردفت البنت خلفي وقلت .
وحياة مقاصيصك ، تمسكي بي جيداً !

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق