احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

قبلة من دخان


قبلة من دخان

كنا نسكن في حي حكومي ، عمي الحاج مهدي ، كان يشتغل سائق في البلدية ، كل يوم أراه يخرج عند الصباح وهو يفر مفاتيح السيارة بأصابعه ، يعود ظهراً ثم يركب دراجته الهوائية ويخرج للعمل في أفران صمون الجيش ، يعود محملاً بالصمون ، حينما يراني ، يقذف لي بواحدة .
أنقع الصمونة بالماء المحلى بالسكر حتى تصبح رقيقة ، ثم أنتظر عند الباب حتي عودة البنات من المدرسة ، أنتظر مرور صديقتي كوثر ، إنها إبنت جارنا الشرطي ، لا أعرف اسمه لكون الجميع يسمونه الشرطي ، بيت الشرطي وزوجة الشرطي .
مرت كوثر وابتسمت لي ، عدت للداخل فوجدت الصمونة قد إختفت ، رأيت هشام الطويل يقفز من السطح وهو يلوك صمونتي ، سقط على الأرض وتدحرج ثم ركض حينما رآني .
إنه أطول مني بكثير ، ساقاه طويلتان جداً ، لا أستطيع اللحاق به .
عمي نائم ودراجته الهوائية مركونة في الحديقة ، ركبتها ولحقت هشام ، بحثت عنه في كل الأزقة . لم أجده فبقيت أدور .
زوجة الشرطي كانت تسير كالبطة وعلى رأسها قنينة غاز ، لا أدري إن كانت فارغة أو مملوءة ، تمسكها بيد ، وباليد الأخرى تمسك ديناراً ظاهراً للعيان .
مررت من جانبها وخطفت الدينار .
سمعتها تصرخ - الحاج مهدي سرق ديناري ، يا ناس ، يا عالم .
درت عدة دورات في المنطقة وتوقفت عند أبو العمبة ، اشتريت عمبة وصمون وببسي ، أعطيته الدينار فأعاد لي بعض الخردة .
ظهر هشام الطويل ، كأن الأرض إنشقت ولفظته ، حك بطنه حالما رآني وتلمظ .
إشتريت له عمبة وبيبسي .
رأيت كوثر مع صديقتها وهما متجهتان للسوق ، نظرت لي بحنق وقالت .
عمك سرق دينار أمي ، لن أكلمك بعد الآن .
ذهبت حانقة ، التفت ناحية هشام فوجدته قد سرق الدراجة وابتعد كثيراً .
عند الغروب ، جاءت سيارة أم الدخان لتكافح البق والحشرات ، كان عمي يقودها كالعادة .
يبقى يدور ويدور حول منطقته فقط ، لا يذهب الى المناطق الأخرى ، يكافح منطقته فقط ، ونحن جميعاً نركض خلف الدخان الأبيض الدسم ، عمي ينظر لنا من خلال المرآة ويبتسم . شواربه ثخينة ، حينما يبتسم ترق ملامحه .
مرت سيارة الدخان قرب بيت الشرطي ، أخرج الشرطي مسدسه وركض خلف السيارة ليقتل عمي الذي لا يعلم عن الأمر شيئاً . ركضت زوجته وراءه وكوثر أيضاً .
كنت وسط الدخان ، كل أولاد المنطقة هناك يرقصون ويهيصون ، لكن من الصعب تمييز الوجوه ، فالدخان الأبيض الدسم يجعلنا كالأشباح ، لكنني أستطيع تمييز هشام الطويل من قامته الفارعة وساقيه الطويلتين . رأيت يتقافز ويستنشق الدخان بقوة ، كأنه يريد حصته منه ، أتيته من الخلف وتعلقت برقبته فأرتفعت عن الأرض .
سمعت همساً رقيقاً ، انها كوثر تركض معنا .
قالت - أبي سيقتل عمك ؟
أطلقت سراح هشام وطلبت منها قبلة . أخبرتها أن أحداً لن يرانا ونحن وسط الدخان .
أمالت عنقها فقبلتها ، مذاق شفتيها نفطي .
أعجبني رغم ذلك .
طوقت خصرها وغرقنا بقبلة طويلة .
لحق الشرطي بالسيارة ووضع مسدسه في رقبة عمي ، ضغط عمي على دواسة البنزين فانطلقت بأقصى سرعتها مخلفة الشرطي وراءها بأمتار عدة .
لم يعد هناك دخان يغطينا أنا وكوثر ، لكننا إستطعمنا القبلة الدخانية فطمعنا بالمزيد منها دون أن نشعر بأننا محاطون بجميع أهل المنطقة وهم ينظرون لنا بدهشة واستنكار ، وهناك وسط الجمع وقف الشرطي والد كوثر يحدق بابنته مذهولاً وبيده المسدس .

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق