احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

قلعة طهماسب


حدث ما كنت أتوقعه في تلك الحرب العبثية والمجنونة، فقد كنا محاصرين في قلعة ( طهماسب)، في مدينة المحمرة الإيرانية، ولمن لايعرف تلك القلعة الأثرية الملعونة فهي مكونة من سور عال وعريض جداً وأربعة أبراج حراسة وغرف عديدة ومشجب أسلحة مقفل على الدوام بأوامر عليا رغم أنه لايضم أسلحة نافعة في حربنا اللعينة تلك، بل يحتوي على سيوف ودروع و ( بندق).
ولكوني جندي غير ذي فائدة كما يعتقد ضابطي المتعجرف فقد جعل مني حارساً ديدباناً على ذلك المشجب وأمرني أن أبعد عيون الجنود من البصبصة على ما بداخله من الثقوب.
بقيت أحرسه لشهور عدة الى حين دحرنا الايرانيون وطردونا من أرضهم شبراً شبراً حتى وصلوا القلعة ونصبوا مدافعهم العملاقة وأخذوا بدكنا بالقنابل.
طال حصارنا لإسبوعين نفد خلالها طعامنا وسلاحنا كما قتل كل جنودنا فلم يبق غيري وذلك الضابط الذي بدأت ملامح الهزيمة تبين على ملابسه التي تهرأت وذقنه التي طالت، لكنه لم يكف عن إعطاء الأوامر لجنديه الوحيد المتبقي الذي هو أنا! 
لم تكن حالتي بأحسن منه كثيراً، فبندقيتي خالية من العتاد وقصعتي فارغة وزمزميتي ناشفة ومعارفي العسكرية كلها مستمدة من تلك الروايات الرومانسية التي كان يكتبها ميشال زيفاكو والكسندر دوماس وإبنه كالفرسان الثلاثة وسلسلة باردليان والتي كنت مغرماً بقراءتها لما تحويه من مؤامرات ومبارزات وحسناوات، وكنت أحلم كثيراً بالعيش في ذلك العصر وأكون واحداً من صحبان باردليان أشاركه حروبه وأقاسمه عشيقاته، فتكونت لدي معرفة " من خلال المطالعة" كالمبارزة والمناورة والغدر بالعدو وركوب الجياد.
إقترحت على الضابط أن نفتح المشجب ونرى ما بداخله.
قلت- ربما نجد سلاحاً أو شيئاً مفيداً يساعدنا بالنجاة؟
زعق بوجهي وعيناه جاحظتان ومتورمتان من الذعر والجوع.
- المشجب لايفتح الا بأوامر علياً يا جندي؟
أحبته- ومن يهتم يا سيدي، نحن ميتان في كل الأحوال.
- شهداء، شهداء.
قالها ثم تهاوى قدامي كخرقة مبللة.
بحثت بجيوبه عن المفتاح وهو يسب ويشتم دون أن يجد القوة على تحريك ذراعه.
أخذت المفتاح وفتحت المشجب.
هالني ما رأيت من أكوام السيوف والدروع والرماح والسلاسل والبندق، كما رأيت حصاناً حديدياً 
بالحجم الطبيعي وكان نظيفاً ولامعاً كأن هناك من كان ينظفه ويعني به طيلة الوقت.
حدثت نفسي - لابد أنه حصان الشاه طهماسب!
درت حول الحصان وتفحصته ملياً، تحسسته من كل مكان، فركت أنفه وأذنيه وشددت ذيله على أمل أن يتحرك كما يحدث في تلك الروايات العجيبة، لكنه لم يحرك ساكناً.
تزايد القصف بشدة وتصاعدت أصوات الأعداء وإقتربوا أكثر.
سقطت قذيفة مدفع قريباً من المشجب وكدت أصاب لولا عناية الله وحسن تدبيري فقد كنت أرتدي درع طهماسب الحديدي وخوذته ومحابسه وقلائده وأمتشق سيفه وأمسك برسن جواده. ولولا ذلك لكنت في خبر كان ولقطعني الأعداء إرباً إربا.
فعندما إقتحم الأعداء القلعة، لم يدر بخلدهم إن جندي عراقي يختبأ داخل درع الشاه التأريخي رغم أن ذلك الضابط اللعين سامحه الله أخبرهم بوجودي داخل المشجب. 
بحثوا عني بين السيوف والدروع ولما أعياهم البحث والتنقيب إنحنوا جميعاً باحترام لطهماسب وجواده وغادروا.
من المؤكد إن حسن التدبير والحظ لعبا دوراً كبيراً بنجاتي، لكن ذلك لايحدث كثيراً ولو كان يحدث في كل معركة لما قتل جندي ولما ترملت زوجة!


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق