احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

توتي من أجل فهيمة


كان التوتي (جم جام) في طريقه للتبضع من الجيران حينما داهمته العاصفة وأطارت قبعته، وذلك لايحدث عادة. فالقبعة جزء من التوتي كالرأس واليدين والرجلين تولد معه وتموت بموته "لاآدري إن كان يموت". ذلك لم يحدث على الأقل مع التوتي تبعي.
أصيب جم جام بالذعر من علامة الشؤم تلك، فركض خلفها حتى وجدها داخل بيت الخالة فهيمة التي أخذتها الدهشة من منظر القادم الضئيل وثيابه المهلهلة وصلعته التي أدمتها الشمس.
فشهقت- دخيلك يا شفيعة العجائز؟
في الحقيقة إن الخالة لم تكن عجوزاً بذلك الوقت، بل فتاة بارعة الجمال يتزاحم الخطاب على بابها، لكنها تحب أن تعامل كل الناس كأنهم أحفادها، فهي تعطف على صغيرهم وكبيرهم.
طفرت الدموع من عينيها وأمسكت بالتوتي ووضعته في سلة الصوف وأدوات الحياكة.
قالت وهي تمسح صلعته بالأعشاب الطبية- أية ريح طيبة حملتك لنا يا ما أسمك؟
قال وهو يغالب خجله من كرمها- جم جام الكبير.
- لاتبدو كبيراً يا جم جام.. أنت بحجم حبة التوت الناضجة.
ثم الصقت قبعته على رأسه بالصمغ والبسته ثياباً جديدة ونعل جديد فبدا أشبه بعريس مزركش.
قالت- لماذا تسمي نفسك بالكبير ياجم جام؟
أجاب- أنا كبير قوم التوتي.
في الحقيقة إن ذلك أول إتصال حقيقي بين البشر ومخلوقات التوتي. قبلها كانت تحدث بعض الحوادث غير المفهومة بينهما، كسقوط طفل توتي من سقف أحد البيوت في كيس الطحين أو خبيئة الدبس فيجتمع قومه على إنقاذه خلسة، أو حينما تداهمهم مقشة غبار في أوقات شربهم الشاي فتصدر منهم أصوات مزعجة كالصرير.
طيبة قلب الخالة فهيمة ونقاوة سريرتها، ربما شقاوتها. هي التي جعلت من جم جام ينتقل مع عائلته للعيش في خبيئة الشاي وهو "مطمئن " حيث يمكنه شرب مايشاء مقابل الخدمات التي يقدمها لها، وهي في أغلب الأحوال خدمات جليلة.
الخطّاب الكثار الذين كانوا يزدادون بمرور الأيام أخذوا يزعجون الخالة، فهم يتكومون كالذباب قبالة نافذتها ويصفرون بخسة كلما رأوها تمشط شعرها أو تتهيأ للنوم. أحدهم تجرأ ذات يوم وترك عند عتبة بابها دجاجة مذبوحة وراح آخر يشنع عنها ويشبب بها بقصائد لا أستطيع أن أقول عنها سوى خراء.
في مساء أحد الأيام، قبل إكتمال القمر بليلة واحدة فتحت الخالة فهيمة الباب للخطاب ودعتهم للدخول. كان عددهم أكبر من أن يحويه بيتها، فاحتلوا الصالة والغرف والسطوح وقمم الأشجار وجلسوا ينتظرون تحت ضوء القمر.
عمدت الخالة على تحميم جم جام وإلباسه بذلة كاملة وقبعة جديدة وحذاء براق ثم وضعته على كتفها ودخلت عليهم بتلك الهيئة وأعلنت لهم إن خطيبها هو التوتي جم جام.
لم أكن موجوداً معهم تلك الليلة لأصف لكم ماحدث.
لكن دعوني أسمعكم ماقاله الشاعر عن تلك الليلة الفريدة.
سريرك الذهب، شعرك الذهب، عيونك الذهب
من أجل عريس بحجم عقلة الأصبع
أنا غاضب هذه الليلة
وكل صحبي غاضبون
حتى الشجر والسور والقمر..


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق