غادر العم علي مدينته وناسه وهو في اوج شبابه ، طويل ونحيف كشجرة سرو ، وله شاربان خفيفان وأسنان ناصعة البياض وشفتان رقيقتان ، تخرج منهما الكلمات كالقصائد ، ملابسه انيقة وحذاءه لامع دوماً وشعره مصفف بعناية فائقة ، وهو على الدوام يمسك بيده كتاباً ... لم يقل لاحد الى أين وجهته ...  كان البلد أثناء مغادرته يخوض الحرب ، الحرب التي لم تنتهي أبداً ، مازالت مشتعلة على الحدود أو في المدن والقرى أو في قلوب الناس .. استغرق غيابه سنوات طويلة ... اقرأ المزيد

ولدت ( كما تقول أمي ) واقفاً ، سقطت من ذلك الكهف المظلم وانا أرسم شارة الثورة على الجدران والكتب والصحف وابواب الجيران ، فتحت شدقي الكبير وانا الهج بالثورة على الظلم والصهيونية والرجعية والاقطاع والرأسمالية ، سقطت وسط المكان على شكل لسان طويل ، اسوط به أمي المسكينة وأخواتي وأخوتي ، لسان يمتد من باب الغرفة الى  ( الهول ) ثم يتلوى في الممر والمجاز ويدخل الحمام حيث يبلغ أقصى صخبه وقرقعته فيصم الاهل والجيران آذانهم بالقطن والوسائد وبين ... اقرأ المزيد

اركض اركض اركض .. وجه جميل اسمر داكن يشبه زنجية خرجت فجأة من بين خطوط الحمر الوحشية من بين انياب الفيلة من ذيول الثعالب من فراء المعاطف وجلد الاحذية والمحافظ والجنط من بين سيقان الغزلان  .. اركض اركض ؟ وجه يشبه ( سبحان الله ) يشبه ( تبارك الله ) تعلوه غرة جعدة وتزينه ضفائر غليظة ، غليظة كالشفاه التي تزين الفم ، كالخدود التي تعصر التوت الاسود على حنك دقيق بيضوي يندك على عنق طويل ورفيع تلعب بشمائله الريح حينما تركض .. اركض ... اقرأ المزيد

يا اخي ويا صديقي يا سامع صوتي ، اشكو لك هجمة الفئران على شقتي ، هجمة أتت على مخزوني من التمن والعدس والحمص والشعرية والبهارات ، الفئران أكلت ( ساسون ) صديقي القصير الضئيل الحجم الذي كان يواسيني بوحدتي ويغني لي حينما يجدني حزينا .. ساسون ... أصرخ عاليا ، ساسون ... لا اجد غير صدى حزين يتوزع بين الطاوات والقدور والمنكاسات .. ساسون .. الفئران التهمت كل شيء ، أكلت بقايا الطعام الذي أدخره للفطور ، لم يتبق لدي ما آكله ، أخذت ... اقرأ المزيد

لكل منا حكاية مع كتاب  ،  اي كتاب قد نحبه ونعتز بقراءته بغض النظر عن فحواه واهميته ، فانا مثلا مغرم بكتاب ( مذكرات كازنوفا ) الطبعة التجارية التي تتوسطها صورة ( كازنوفا ) نفسه وهو يرتدي بذلة سوداء وربطة عنق بيضاء وينظر بزاوية عينه الى امرأة تضع يدها على صدرها .  تنقل معي ذلك الكتاب في كل محطات حياتي ، رافقني كظلي في العراق ورفحاء وامريكا ، دوما  اجده ينتظرني على الرف او قرب السرير ، افتحه واقرأ الحكاية الجميلة ... اقرأ المزيد

قال وهو يناولني مجموعة اوراق ... ( انها الخريطة التي ستقودك الى الغرفة كاف )... قلبت الاوراق بحثاً عن خطوط او علامات ، فلم اجد فيها شيئاً ، لكني وجدت فيها كلمات متراصة ، مكتوبة بخط انيق بالغ الدقة ... قال انها خريطة ثق بي ؟.... جاء ( مستر بيف العراقي ) هارباً بجلده من فلوريدا الى نيويورك المدينة التي مازلت اعيش فيها  ، واستأجر شقة في نفس الشارع الذي اعيش فيه ، فنشأت بيننا علاقة صداقة ، رغم قصرها وغرابتها ، كانت هي ... اقرأ المزيد